أفادت معطيات مالية بانخفاض الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركز السعودي، بوتيرة متسارعة، لأول مرة منذ 20 عاما.
وقالت وكالة رويترز للأنباء – وفق حسابات أجرتها استنادا إلى بيانات من البنك المركزي السعودي – إن الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك انخفضت في مارس/آذار الماضي بحوالي 27 مليار دولار على أساس شهري -وهي أسرع وتيرة في 20 عاما على الأقل- إلى نحو 464.5 مليار دولار، ولم تكن أرقام شهر أبريل/نيسان متاحة.
ونقلت رويترز عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان قوله: إن المملكة حولت ما إجماليه 150 مليار ريال (40 مليار دولار) من الاحتياطيات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) لتمويل استثمارات لصندوق الاستثمارات العامة -وهو صندوق الثروة السيادي- في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين.
وأضاف الجدعان في بيان إن التحويلات إلى صندوق الاستثمارات العامة جرت “بشكل استثنائي”.
ولم يعط الجدعان أرقاما منفصلة لكل شهر، لكن مسؤولا في وزارة المالية السعودية أبلغ رويترز بأن الحكومة حولت 15 مليار دولار لصندوق الاستثمارات العامة في مارس/آذار الماضي، و25 مليار دولار أخرى في أبريل/نيسان، قائلا إنه من المتوقع أن تنخفض الاحتياطيات الأجنبية في أبريل/نيسان بنفس المعدل تقريبا الذي انخفضت به في مارس/آذار.
وأضاف المسؤول أن صندوق الاستثمارات العامة حول أيضا جزءا من سيولته بالريال إلى دولارات أميركية لدعم الاستثمارات.
وتابع المسؤول -الذي طلب عدم ذكر اسمه- إن الحكومة لا تتوقع انخفاضا كبيرا في الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي فيما بعد، وإن التغيرات ستكون متماشية مع ما كانت عليه العام الماضي.
واستدرك: “بينما شهدت تدفقات النقد الأجنبي منذ بداية العام الحالي مستويات ضمن حدودها التاريخية إلا أن هذا الإجراء نتج عنه انخفاض في إجمالي الأصول الاحتياطية الأجنبية لدعم الخطط الاستثمارية”، لافتا إلى أن استثمارات الصندوق لا تظهر في البيانات الصادرة عن البنك المركزي.
وفي أبريل/نيسان الماضي قال رئيس الصندوق ياسر الرميان إن الصندوق يبحث فرصا استثمارية في مجالات، مثل: الطيران والنفط والغاز والترفيه.
وانزلقت المملكة -وهي أكبر مصدر للنفط في العالم- إلى عجز في الموازنة بقيمة تسعة مليارات دولار في الربع الأول من العام الجاري مع انهيار إيرادات النفط.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن صندوق الاستثمارات العامة التابع للمملكة – ويخضع تحت سيادة ولى العهد محمد بن سلمان – أنفق مليارات الدولارات خارج البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية طاحنة جراء أزمتي انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، مؤخرا، أنه وبالرغم من المعاناة الاقتصادية، وفرض المملكة إجراءات تقشفية على شعبها، أنفق صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2020 فقط 325 مليار دولار على صفقات خارجية.
وقال منتقدون إن الصندوق أصبح أداة شخصية بيد “بن سلمان .. دولة داخل دولة”، والتي تهدد بمزاحمة القطاع الخاص في المملكة -في محاولتها البحث عن مشاريع بمليارات الدولارات والمهددة بالفشل- حتى لو راهنت على استثمارات في الخارج.
وتساءل البعض عن جدوى إسراف المال في استثمارات خارجية والبلد يواجه أسوأ أزمة اقتصادية لم تمر عليه منذ عقود، فهل هذه استثمارات انتهازية أم استراتيجية؟ ولماذا الاستثمار في شركات النفط مع أنها مفوضة لتنويع الاقتصاد؟ وهل عليها تقديم الأولوية في الاستثمار بالسوق المحلي الذي يكافح من أجل البقاء؟.
وقال “جون سفاكانكس”، الخبير في شؤون الخليج بجامعة كامبريدج: هناك انفصام بين الوضع المالي المحلي المتردي والاستثمارات الخارجية المستمرة.
وأضاف أن هذا “يعقد التعافي الاقتصادي بسبب المصادر المالية المحدودة”.
وتواجه المملكة بسبب أزمة فيروس كورونا وانهيار أزمة النفط، أزمة مزدوجة، ولهذا خفضت رواتب الموظفين وزادت من ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أضعاف.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.