انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في السعودية وتجاهل لمطالب الإصلاح

لا تزال السعودية تشهد انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وتجاهل لمطالب الإصلاح بما في ذلك تلك التي تقدمها لجان الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.

ومنذ العام 2009، خضعت السعودية إلى ثلاث دورات استعراض دوري شامل. ما بين الأعوام 2009 و2018، قالت هيئة حقوق الإنسان الرسمية أن السعودية قبلت 453 توصية (بشكل كامل وجزئي) ضمن تقاريرها الخاصة بهذه الآلية، وزار السعودية خلال هذه المدة 4 مقررين خاصين ضمن التعاون مع آليات الأمم المتحدة.

في يوليو 2023، قدمت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرا إلى الاستعراض الدوري الشامل الرابع، سلطت من خلاله الضوء على واقع حقوق الإنسان والتغيرات التي حصلت خلال السنوات التي تلت الاستعراض الأخير، والتي كان من المفترض أن تحصل بناء على التوصيات التي قبلتها السعودية، وعلى التزاماتها الدولية.

تعامل السعودية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان:

أشار التقرير إلى أن السعودية تستخدم آليات حقوق الإنسان بشكل صوري، حيث تتجاهل طلبات الزيارة، وتراوغ في الرد على المقررين الخاصين، وتضلل في التقارير التي تقدمها لها.

خلال السنوات الماضية، طلب المقرر الخاص بالعمال المهاجرين، والمقرر الخاص بالإعدام، والمقرر الخاص بالتعذيب، والمقرر الخاص في التجمع، والمقرر الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، المقرر الخاص بالعبودية، زيارة إلى السعودية، إلا أنها تجاهلتها.

إضافة إلى ذلك، لا تعير السعودية أي اهتمام إلى الآراء الحقوقية الدولية، فعلى الرغم من أنها باتت ترد على رسائل المقررين الخاصين، وتشير إلى ذلك على أنه تقدم في مجال التعاون مع الأمم المتحدة، إلا أنها تتجاهل هذه الآراء.

الإعدام:

أعدمت السعودية منذ العام 2018، 615 شخصاً، توزعوا على جنسيات مختلفة. لم تؤدي الوعود الرسمية التي تحدثت عن سعي إلى تقليص عدد الإعدامات إلى إصلاحات كافية، حيث نفذت خلال هذه الفترة، إعدامين جماعين.

كما لا زال ما يقارب نصف عدد الإعدامات المنفذة يطبق بأحكام غير منصوص عليها في القانون، أي أحكام تعزيرية تعود إلى تقدير القاضي.

وفي نوفمبر 2022 عادت إلى تنفيذ أحكام القتل بحق متهمين بجرائم مخدرات بعد توقفها لما يقارب العامين، وفي تجاهل تام لوعودها والتوصيات الحالية.

بالتالي لا زالت السعودية تطبق عقوبة الإعدام على جرائم ليست من الاشد خطورة، بينها التظاهر والتعبير عن الرأي، ويواجه حاليا،64 شخصا على الأقل عقوبة الإعدام بينهم باحثون ورجال دين ومتظاهرون.

إضافة إلى ذلك، لا زالت السعودية تصدر وتنفذ أحكام إعدام بحق القاصرين في فئات الأحكام المختلفة، وحاليا يواجه 9 قاصرين على الأقل عقوبة القتل.

التعذيب:

صادقت السعودية على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ العام 1996، وتشير في المحافل الدولية إلى أن قوانينها تحظر التعذيب وتجرمه.

في الواقع، يؤكد توثيق مسارات وقضايا التعذيب، أنه ممارسة واسعة النطاق، وتشارك فيه مؤسسات أمنية وقضائية متعددة، ترجع إلى الملك وولي العهد.

حقوق المرأة:

منذ العام 2000 صادقت السعودية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والتي تلزم الدولة بالقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية.

ومع ذلك، لا تزال السعودية تمارس نظام ولاية الرجل، وهو نظام تمييزي بطبيعته ضد المرأة.

إضافة إلى ذلك، اعتقلت السعودية خلال السنوات الأخيرة العديد من الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان وعذبتهن، ولا زال أساليب مواجهة العنف ضد المرأة قاصرة عن حمايتها.

حرية الرأي والتعبير:

تدهورت حرية الرأي والتعبير في السعودية خلال السنوات الماضية، في محاولة للسيطرة على تدفق المعلومات عن البلاد مقابل المزاعم عن الانفتاح ودعوة الناس إلى زيارتها.

لا زالت الوسائل الإعلامية التقليدية بيد الحكومة وحدها حيث تمنع إنشاء أي وسائل إعلامية خاصة، فيما ارتفعت قيود الرقابة على الصحفيين والكتاب.

وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، يقبع المئات من الكتاب والمدونين والأفراد الذين عبروا عن رأيهم خلف القضبان.

إلى جانب الاعتقال، تستخدم السعودية الترهيب بحق الصحفيين، حيث استخدمت السلاح أكثر من مرة في وجه المصورين والصحفيين، ولا زالت تخفي جثمان الصحفي جمال خاشقجي منذ قتله في 2 أكتوبر 2018 داخل القنصلية السعودية في تركيا.

إضافة إلى ذلك، تستخدم السعودية القوانين لتجريم ممارسة حقوق مشروعة.

فإلى جانب سوء استخدامها لقانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ووصم النشطاء بالإرهاب لتبرير استهدافهم، تستخدم قانون مكافحة جرائم المعلوماتية لتقييد حرية التعبير عن الرأي، وتجريم الاستخدام المشروع للشبكة العنكبوتية وتضيف عليها عقوبات تعزيرية.

المجتمع المدني والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان:

على الرغم من إصدار السعودية لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، لا زالت تمنع أي دور للمجتمع المدني والمنظمات الأهلية. ومؤخرا، زاد القمع الذي يتعرض له المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان.

خلال السنوات الماضية، اعتقلت السعودية الناشطين والناشطات وبينهم سمر بدوي ونسيمة السادة، ومن بين التهم التي وجهت لهم تأسيس منظمات أهلية.

إضافة إلى ذلك، لا زال معظم المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان يتعرضون لمختلف أنواع الانتهاكات.

فعلى الرغم من انتهاء مدة حكم كل من محمد القحطاني ومحمد الربيعة وعيسى النخيفي، لا زالوا في السجن، في ظل مخاوف من إصدار أحكام جديدة مطولة بحقهم.

إضافة إلى ذلك، يتعرض المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان لمضايقات في حال الإفراج عنهم بما في ذلك المنع من السفر والمنع من ممارسة أي نشاط.

المشاريع الاقتصادية والتهجير القسري:

شهدت عدة مناطق في السعودية عمليات تهجير قسري للسكان بحجة إقامة مشاريع اقتصادية. ففي العام 2017، استخدمت القوات الأمنية السلاح لهدم حي أثري في مدينة العوامية في المنطقة الشرقية ما أدى إلى تهجير السكان.

وفي 13 أبريل 2020، قتلت السعودية عبد الرحيم الحويطي بلدة خريبات في شمال غرب البلاد، بعد ساعات فقط من نشره مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يعبر عن رفضه لعملية الإخلاء القسري.

إضافة إلى ذلك، في يناير 2022 بدأت السعودية عملية إخلاء واسعة لسكان عدة أحياء في مدينة جدة. على الرغم من الترهيب الذي تمارسه الحكومة السعودية على السكان وانعدام أي دور للمجتمع المدني ومنع التعبير عن الرأي، أكدت المتابعات انطواء عمليات الإخلاء على انتهاكات عديدة للقوانين الدولية والمحلية.

كما شهدت مناطق عدة من السعودية عمليات مشابهة، بينها في مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة وغيرها.

وقد قدمت المنظمة الأوروبية السعودية عددا من التوصيات:

تجميد كافة أحكام الإعدام الصادرة حاليا وإعادة النظر فيها بما يضمن عدالة المحاكمات.

وقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بتهم المخدرات، وضمان وصول العمال المهاجرين المعتقلين بتهم تتعلق بالمخدرات إلى حقوقهم.

وقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في جرائم ليست من الأشد خطورة بما في ذلك التظاهر والتعبير عن الرأي

إلغاء نظام الوصاية بشكل كامل بما يؤدي إلى رفع كافة الأحكام والقوانين التمييزية.

تفعيل الآليات الخاصة بحماية النساء من العنف.

إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

حظر تجريم أي ممارسة تتعلق بالتعبير عن الرأي بما في ذلك النشر الالكتروني.

إقرار قوانين تضمن الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

تعديل القوانين التي تستخدم لانتهاك حقوق الإنسان، وبينها قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية.

رفع كافة القيود عن المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بما في ذلك المنع من السفر.

وقف كافة المشاريع الاقتصادية التي تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.