قوبل قرار الإدارة الأمريكية بإرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى المملكة بطلب من محمد بن سلمان بانتقادات واسعة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتركزت الانتقادات على ترامب على خلفية تحالفه المعلن مع نظام آل سعود صاحب السجل الحقوقي الأسود داخل المملكة وخارجها.
وغرد الفنان الأمريكي المعروف جايمس ماريزون قائلا “يرسل رئيس الولايات المتحدة قوات أميركية إلى السعودية لتأمين وحماية مصالح أعماله.. يجب عزله وسجنه لوحده”.
وتصدّر اسم المملكة قوائم الترند في عدد من الدول العربية، لكن الجديد هذه المرة هو تصدّر جملة “السعودية وافقت” بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن موافقة الرياض على الدفع مقابل إرسال تعزيزات عسكرية إلى المملكة بطلب منها.
وبحسب ما كشفه وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، فإن ولي العهد محمد بن سلمان طلب من واشنطن مساعدة إضافية لتحقيق الأمن، وإن الإدارة الأميركية سترسل ثلاثة آلاف جندي معززين بطائرات ووحدات قتالية وقطع بحرية.
بدوره كشف الرئيس ترامب أن الرياض ستدفع المال مقابل التعزيزات الجديدة من أجل حماية المملكة.
وجاء قرار نشر الولايات المتحدة للمزيد من قواتها المسلحة في المملكة ليزيد من ارتباك المراقبين تجاه مواقف وقرارات إدارة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة وأهداف واشنطن والرياض من وراء هذه الخطوة، في حين يحذر البعض من تبعات التصعيد غير المحسوب في منطقتي الخليج العربي والبحر الأحمر.
فقد أشار ترامب -خلال تصريحات له إلى إرسال المزيد من قوات آل سعود، وقال “نحن نرسل قوات وأشياء أخرى إلى الشرق الأوسط لمساعدة المملكة، والرياض وافقت بناء على طلبي على أن تدفع لنا لكل شيء نفعله، وهذا يعني توفير ملايين الوظائف”.
ومثلت هذه التصريحات مفاجأة لبعض الخبراء حيث جاءت يومين بعد أن أكد الرئيس الأميركي أن الذهاب إلى الشرق الأوسط “أسوأ قرار في تاريخ بلادنا.. وإننا الآن نعيد جنودنا وجيشنا العظيم إلى الوطن بتأن وعناية”.
وعبر ستيفين والت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد عن عدم ترحيب المؤسسة العسكرية الأميركية بظهورها كقوات مرتزقة.
وقال على موقع تويتر “لقد عرفت وقمت بتدريس العديد من الضباط الأميركيين على مر السنين، ومنهم الكثير من الأبطال، ولا أتصور أن أيا منهم يريد أن يذهب جنوده لأماكن خطرة لأن حكومة أجنبية ستدفع مقابل ذلك”.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بالبنتاغون للإعلان عن نشر القوات الأميركية، أكد وزير الدفاع مارك إسبر أن إجمالي القوات التي أرسلت للخليج منذ مايو/أيار الماضي وصلت إلى 14 ألف جندي، وهو ما يشير إلى جدية واشنطن في التعامل مع المخاطر المتجددة في منطقة الخليج.
وتشير دراسة لخدمة أبحاث الكونغرس إلى وصول أعداد القوات الأميركية بالمنطقة إلى 35 ألف جندي ينتشرون في كل دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك قبل التطورات الأخيرة.
وخلال ظهوره في برنامج “ستون دقيقة” قبل أسبوع، وافق ولي العهد محمد بن سلمان على ما خلص إليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من أن واشنطن “تعتبر الهجمات على منشآت شركة أرامكو في 14 سبتمبر/أيلول الماضي بمثابة إعلان حرب”.
ومن شأن إرسال قوات أميركية للمملكة أن يبعث برسالة إلى إيران مفادها أنه لا يمكن قبول المزيد من الهجمات على أهداف داخل البلاد، وفقا لنيكولاس هيراس الباحث بمركز الأمن الأميركي الجديد بواشنطن.
ويرى هيراس أن الخطوة الأميركية تأتي في أجواء مشحونة مما يجعلها مقترنة بمخاطر كبيرة قد تؤدي لاشتعال الأوضاع بالمنطقة.
في المقابل، يعتقد أنتوني كوردسمان الخبير العسكري بمركز السياسات السياسة والإستراتيجية بواشنطن أن إيران بعد هجمات أرامكو وضعت قواعد جديدة تستطيع من خلالها التحكم في طبيعة أي مواجهة عسكرية مستقبلية، حتى تتجنب المواجهة التقليدية المباشرة للقوة العسكرية الأميركية.
جاء الاتفاق على نشر ثلاثة آلاف جندي إضافي ومعدات عسكرية -ضمنها صواريخ باتريوت ومنظومة ثاد الصاروخية وطائرات أف 15- بعد يوم واحد من لقاء خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي بوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين تناول “تهديدات إيران الإقليمية”.
وتحدث مسؤول أميركي سابق, عن أهمية خطوة نشر القوات، مؤكدا أنه لا يمكن أن تسمح واشنطن بتكرار هجوم أرامكو الذي تعتقد الدوائر العسكرية الأميركية أن إيران تقف وراءه بصورة أو بأخرى.
وأضاف أن الحرب في اليمن والهجمات على أرامكو أظهرت لواشنطن بوضوح عدم جاهزية قوات آل سعود، وعدم قدرتها على الدفاع عن حدودها ومصالحها.
وكان إسبر قد أكد -خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد بالبنتاغون- أن هدف إرسال القوات الأميركية للسعودية ردع التهديدات الإيرانية وحماية المصالح الأميركية بالمنطقة، وتعزيز قوة الردع ضد طهران من أي هجمات محتملة ضد المملكة.
وكانت الولايات المتحدة قد بدأت إرسال تعزيزات عسكرية لقاعدة الأمير سلطان شرقي السعودية خلال يونيو/حزيران الماضي، عقب تصاعد التوتر بالخليج بين طهران وواشنطن على خلفية الهجوم على ناقلتي نفط، وإسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة.
ونشرت واشنطن مئات من الجنود للتمهيد لاستقبال وتشغيل بطارية نظام الدفاع الجوي باتريوت، وتطوير مدرج للطائرات استعدادا لوصول قاذفات مقاتلة لقاعدة الأمير سلطان الجوية.
وكانت تلك المرة الأولى التي يتم فيها إرسال جنود أميركيين للمملكة منذ انسحابهم منها في أغسطس/آب 2003.
كما تعتبر حرية وسلامة الملاحة بالخليج هدفا أميركيا هاما في ضوء اعتقاد واشنطن بوقوف طهران وراء الهجوم على ناقلات نفط في يونيو/حزيران الماضي، ويقوم البنتاغون بالعمل على إنشاء قوة خاصة بحماية السفن التجارية بالمنطقة منذ ذلك الحين.
وضاعفت هجمات تعرضت لها أمس ناقلة نفط إيرانية بعرض البحر الأحمر من حدة توتر المنطقة، وغرد المرشح الرئاسي الديمقراطي السيناتور بيرني ساندر محذرا من مخاطر التهور في الخليج، وقال “تذكروا أن ترامب ذكر بالأمس أنه يحاول إنهاء الحروب التي لا تنتهي.. واليوم يرسل آلاف الجنود وطائرات وصواريخ لصديقه الديكتاتور من أجل المزيد من التصعيد ضد إيران”.