للعام السادس على التوالي، يتلقى المواطن اليمني ضربات معيشية وإنسانية وصحية جراء الحرب السعودية على اليمن التي أضحت بلدا منكوبا بفعل الحرب والأمراض والأوبئة.
ويعيش المواطنين اليمني أزمات اقتصادية وصحية، وسط انخفاض في القدرة الشرائية، وتراجع العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية، بسبب استمرار حربٍ تدور رحاها في البلاد منذ 6 سنوات.
ومع تدهور الوضع الاقتصادي بدأت الاحتجاجات الشعبية تعود في بعض مناطق البلاد، ما ينذر بثورة جياع قد تشهدها البلاد، مع تحذيرات أممية تقول إن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ويبدو أن أطراف الصراع في اليمن؛ المتمثلة بالحكومة اليمنية وحليفها تحالف دعم الشرعية باليمن، إضافة إلى مليشيا الحوثيين و”الانتقالي” المدعوم إماراتياً، لا يبالون بمعاناة المواطن اليمني، ما قد ينذر بكارثة لا يمكن تداركها خلال الفترة القادمة.
وتتجه العملة اليمنية نحو انهيار تاريخي بعد فقدان السيطرة على القطاع المصرفي وكسر الدولار الأمريكي حاجز الـ900 ريال، ما دفع المواطنين للخروج عن صمتهم وتنظيم احتجاجات تطالب بإصلاحات عاجلة.
وتعيش العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات يمنية على وقع أزمات معيشية وخدمية خانقة على إثر انهيار الريال أمام الدولار والعملات الأجنبية وتجاوزه لمستويات قياسية وسط شلل تام يضرب المؤسسات الحكومية التي تقف عاجزة عن إيجاد حلول لمواجهة هذا الانهيار وضبط الأسواق سواء النقدية أو التجارية.
وأفاد مواطنون بوجود أزمة خانقة في أسطوانات غاز الطهو وصعوبة الحصول عليها من محطات البيع الرسمية المعتادة وتواجدها بكميات محدودة في السوق السوداء بأسعار وصفوها بالخيالية.
والتحقت مشكلة نقص غاز الطهو بأزمة الخبز التي تجتاح هذه المدن وغيرها من المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً التي تشهد اضطرابا واسع في أسواق الصرف وتهاوي العملة اليمنية التي تجاوزت سعر صرفه مطلع الأسبوع حاجز 900 ريال للدولار الواحد.
وقال المواطن عبد الرحمن الشاعر من سكان عدن، إنه لم يعد باستطاعتهم توفير أسطوانة الغاز منذ الأسبوع الماضي نظراً لاختفائها من منافذ البيع الرسمية المعتادة.
واضطر إلى دفع 9 الاَف ريال لشراء أسطوانة سعة 20 ليترا من السوق السوداء، في حين أن سعرها لم يكن يزيد على 4 الاَف ريال.
وفي السياق، نظمت المخابز في مدينة عدن إضرابا جزئيا عن العمل في بعض المناطق للمطالبة بتعديل الاتفاق المبرم بينها وبين وزارة التجارة والصناعة بما يسمح لها برفع سعر قرص “الروتي” إلى 30 ريالاً من 25 التسعيرة المحددة من قبل الجهات المختصة التي التزمت بها المخابز والأفران قبل نحو خمسة أشهر.
وأشار عضو جمعية المخابز والأفران في عدن، عبود المصعري، إلى أن استمرار المخابز في اتباع معايير الأوزان والتعرفة السعرية الحالية يكبدها خسائر فادحة بسبب انهيار سعر الصرف وغلاء أسعار السلع والمواد الغذائية.
ويوضح أن الاتفاق المبرم بين المخابز ووزارة الصناعة الحكومية في يوليو/تموز الماضي لم يعد مجدياً مع ارتفاع تكاليف إعداد الخبز وأقراص “الروتي” (نوع من الخبز)، إذ كان سعر كيس الدقيق سعة 50 كيلوغراماً حين توقيع هذا الاتفاق نحو 17 ألف ريال، لكن سعره تضاعف حالياً مع وصوله إلى نحو 25 ألف ريال.
وشمل الاتفاق السابق تسعيرة جديدة للخبز تتضمن بيعه بالكيلوغرام بسعر 500 ريال للكيلو الواحد بدلاً عن الرغيف، والذي جاء على أثر موجة ارتفاعات قياسية في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ومنها رغيف الخبز وأقراص “الروتي”.
ووصل سعر الرغيف الواحد من الخبز مؤخرا، إلى 30 ريالاً من 25 ريالاً في ظل انهيار مستمر للعملة وأزمات غذائية حادة تعيشها معظم المدن اليمنية ضاعفها انتشار فيروس كورونا وما رافقه من تبعات اقتصادية وانخفاض المخزون الغذائي مع تراجع الاستيراد ونفاذ الاحتياطي النقدي من البنك المركزي اليمني.
ويسود سخط شعبي كبير بسبب تردي الخدمات وارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية لمستويات قياسية تفوق قدرات المواطنين، مع وصول هذا السخط إلى إغلاق الحركة في أكثر من مدينة يمنية كما حدث في محافظة لحج المجاورة لعدن جنوب اليمن بعد إغلاق المحال التجارية والمستودعات الغذائية أبوابها تخوفاً من محتجين خرجوا إلى شوارع المدينة للتنديد بارتفاع الأسعار واستمرار انهيار العملة الوطنية.
وفي تعز، أقدمت السلطات المحلية بالمحافظة الواقعة جنوب غربي اليمن على إغلاق مخابز ومطاعم بحجة التلاعب بالأسعار والأوزان، مع استمرار حملة على الأسواق تقول السلطات التجارية المختصة إنها تهدف إلى الرقابة والتفتيش في ضبط الحركة التجارية في الأسواق والمتلاعبين بالأسعار.
وقال مواطنون إن المسؤولين في الرياض ليس في جدول أعمالهم في هذه المفاوضات أي نقاشات أو برامج وخطط للتخفيف من معاناة الناس وتوفير الخدمات وإنقاذ العملة الوطنية.
وحذر خبراء اقتصاد ومسؤولون مصرفيون سابقون من مغبة ما يحدث في السوق من تراجع لأسعار الصرف ومن انهيار خطير للعملة وما يتبعه من أضرار بالغة بمعيشة المواطن، مطالبين بسرعة الوقوف بحزم في مواجهة الكارثة والتصدي لها، وإيجاد الحلول المناسبة لوقف تدهور قيمة العملة ومعالجة مكامن الخلل وأسبابه.
وتواجه كثير من الأسر اليمنية مشقة واسعة في توفير متطلبات الحياة المعيشية التي غدت قاسية عليهم مع توسع دائرة الصراع في البلاد على كافة المستويات ليمس بشكل مباشر أرزاق الناس ولقمة عيشهم، وانعدام السلطات الرسمية التي يمكنها أن تعمل على التخفيف من معاناتهم المتفاقمة.