وصف معهد فكري أمريكي، حرب آل سعود في اليمن بأنها عبارة كارثة، مؤكدا أن الرابح منها هو إيران والخاسر نظام آل سعود واقتصاد المملكة.
وقال المحلل السابق في “سي آي إيه” بروس ريدل، في مقال نشره معهد “بروكينغنز” إن الحرب التي مضى عليها نحو ستة أعوام تزداد حدة ويتمزق فيها البلد أكثر وأكثر في وقت يجلب فيروس كورونا الويل على أفقر دولة في الشرق الأوسط.
وأكد ريدل أن الحرب في اليمن أضحت عبأ على الاقتصاد السعودي وقللت الآمال في إنجاز مشاريع تنويع الاقتصاد، وبرزت إيران كرابح أكبر في هذا المستنقع.
وأضاف يعلم السعوديون أن الحرب كلفتهم مبالغ طائلة في وقت هبط فيه الطلب العالمي على النفط، ونقصت بالتالي موارده. سيما أنها تبيع برميل النفط بـ 40 دولارا، أي بنصف ما تريده لميزانيتها.
وأجزم الكاتب الأمريكي أنه “ستظل سمعة السعوديين مشوهة بسبب الكارثة الإنسانية التي خلقوها ولسنوات قادمة، أما سمعة ولي العهد فقد أصبحت مسممة”.
وأضاف ريدل أن التفاصيل عن جهود وقف إطلاق النار غير معروفة، وبالتأكيد لا يريد الحوثيون التخلي عن ساحة معركة ينتصرون فيها على الأرض. “فالحرب تعبئ اليمنيين ضد السعوديين المكروهين”.
وبسبب فيروس كورونا أغلقت المملكة الحج السنوي إلى مكة أمام القادمين من الخارج. ويعد هذا نكسة خاصة أن الحج يعتبر موردا اقتصاديا مهما.
وأعلن ولي العهد محمد بن سلمان، مهندس الحرب المتهورة في اليمن، عن خطط تنويع اقتصاد وبناء مدينة جديدة على ساحل البحر الأحمر “مشروع 2030″، لكن هذه الخطط ستتوقف بسبب الاقتصاد الضعيف. بحسب الكاتب ريدل.
وأشار إلى أنه في جنوب اليمن سيطر الانفصاليون على عدن والجزيرة الاستراتيجية سقطري وأخرجوا الموالين للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وتخضع مناطق أخرى من الجنوب لسيطرة المتشددين، مما يصعب إعادة توحيد البلاد من جديد.
وقال مدير صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة في اليمن: “الأزمة وصلت إلى مستويات كارثية” وتزداد سوءا بسبب قلة الأموال نظرا للركود العالمي.
وخلص ريدل إلى أن إيران ورطت منافستها الإقليمية في كارثة باهظة الثمن باليمن، وبدون طريق للخروج منها. “ورغم المشاكل التي تعاني منها إيران مثل الفيروس والتفجيرات الغامضة والاقتصاد إلا أنها تظل منتصرة في اليمن”.
وتتصاعد الاتهامات لنظام آل سعود بالمسؤولية عن المعدلات القياسية من المجاعة والكوارث الإنسانية في اليمن في ظل الحرب المستمرة على البلاد.
وقالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائرة نوبل للسلام توكل كرمان، إن نظام آل سعود يتحمل المسؤولية عن الكوارث والأوبئة والمجاعة في اليمن.
وذكرت كرمان: تتحمل المملكة لمسؤولية القانونية والأخلاقية عن الكوارث والأوبئة والمجاعة التي حلت وتحل باليمن، مشيرة إلى احتجاز آل سعود قيادات ومسؤولي الدولة في اليمن “كرهائن” لديها.
وأضافت: “تقوم السعودية باحتكار تمثيل اليمن أمام العالم بواسطة ذلك الاحتجاز”.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 20 مليون يمني يعانون من الجوع المزمن. وأوضح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تغريدة عبر “تويتر“: “هناك 20.1 مليون يمني يعانون من الجوع المزمن ومعرضون جدا لآثار فيروس كورونا على الأمن الغذائي”.
وطالبت منظمة “أوكسفام” الدولية الإنسانية، المجتمع الدولي بوقف بيع الأسلحة إلى السعودية والأطراف المتحاربة باليمن.
وقال خوسيه ماريا فيرا المدير التنفيذي لمنظمة “أوكسفام” إن الحل الدائم والوحيد لليمن يكمُن في وقف إطلاق النار.
وأضاف: “يحتاج المُجتمع الدولي إلى وقف جميع عمليات بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية أو للأطراف المُتحاربة، وأن يبذل قُصارى جهده للضغط على جميع الأطراف للموافقة على وقف إطلاق النار والعودة إلى مفاوضات مُجدية هدفها الأساسي هو الوصول إلى حل سلمي”.
ويشهد اليمن للعام السادس حربا عنيفة أدت إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.
وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أدى إلى مقتل وجرح 70 ألف شخص، فيما قدرت تقارير حقوقية سابقة أن النزاع أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 100 ألف يمني.
ويزيد من تعقيدات النزاع أنه له امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015 ينفذ تحالف عربي، بقيادة الجارة نظام آل سعود عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.
وأكد مركز دراسات يمني أن سلطات آل سعود تعيش مأزقا حقيقيا في اليمن، بعد إعلان ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتيا “الإدارة الذاتية” لجنوب البلاد.
وقال مركز “أبعاد” للدراسات والبحوث، في تقرير له، إن إعلان المجلس الانتقالي بتاريخ 25نيسان/ إبريل الماضي ـ إدارة ذاتية للجنوب اليمني – كشف فشلا لجهود المملكة التي قادها مسؤول ملف اليمن الأمير خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع بالمملكة) وأظهر حجم التأثير الإماراتي المتحكم بالقرار السعودي.
وأضاف التقرير: “لقد أصبحت المناطق التي تحت سيطرة المجلس الانتقالي خارج أي تأثير سعودي، كما هو عليه الحال في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”.
وأشار إلى أن الرياض استدعت عيدروس الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي) في أيار/ مايو الماضي، للخروج من هذا المأزق، كمحاولة لرأب الصدع وتنفيذ اتفاق الرياض.
وبحسب المركز فإن الوضع المعقد لليمن يجعل كل السيناريوهات أمام آل سعود صعبة، مستدركا: “لكن يبدو أنها قد لا ترغب في اعتماد سيناريو معين للخروج من حرب اليمن.. وأمامها خيارات أخرى وإن كانت أكثر ضيقا وفرصها منعدمة، من بينها المزج بين سيناريوهات عدة”.
ومن تلك الخيارات، وفق التقرير، أن تحافظ المملكة على الانتقالي والشرعية، ثم الذهاب لاتفاق مع الحوثيين تحت المسمى الرسمي للجمهورية اليمنية.
وأردف: “لن يحقق لها أي مصلحة إلا في حال خضوع كل تلك الأطراف لها لتكون البلد تحت وصاية سعودية طويلة الأمد”.
أما في حال عدم خضوع طرف أو بعض تلك الأطراف للرياض فإن الذهاب لاتفاقات يعني اعتراف المملكة بسلطات متعددة في الشمال (الحوثيون) والجنوب (الانتقالي) والشرق (الشرعية)، حسبما ذكره المركز.
ومع ذلك، سرد مركز “أبعاد” للدراسات والبحوث، أربعة سيناريوهات أمام آل سعود.
1- المضي قدما في اتفاق مع الحوثيين، وقال إن ذلك قد يؤدي إلى اعتبارها هزمت في حرب اليمن. موضحا أن هذه السمعة السيئة لن تكون جيدة في دعم وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى كرسي السلطة.
وتوقع أن “ترفض الحكومة الشرعية الذهاب إلى اتفاق مع الحوثيين بدعم سعودي في ظل التشظي الموجود في معسكرها بالمحافظات الجنوبية، إلا إذا أرادت الرياض تثبيت سلطة الحوثيين في الشمال والانتقالي في الجنوب”، وهو ما يجعل هذا السيناريو غير مرجح على الأقل في الوقت الحالي.
2- أن تقوم المملكة بدعم تفكيك اليمن بإيجاد سلطات متعددة ودويلات صغيرة جنوب اليمن مقابل دولة للحوثيين شمال اليمن، ووقف دعمها للحكومة الشرعية.
وأفاد بأن هذا يعني أن المملكة ستتحمل مسؤولية تفكك دولة ما يجعل التداعيات ثقيلة محليا ودوليا لذلك، وبالتالي ستكون مضطرة لدعم سلطات متعددة بدلا من سلطة واحدة للبلاد جميعها؛ ويزداد الابتزاز الدولي من أعدائها وحلفائها.
واستطرد: “هذا السيناريو لن يكون مقبولا إلا إذا استعدت الرياض لدفع ثمن كبير من أمنها ومصالحها”.
3- يتمثل في دعم المملكة للحكومة اليمنية وحلفائها المحليين الذين تثق بهم للحفاظ على اليمن كدولة واحدة مكتملة، والتفكير لاحقا بأي أهداف مختلفة، والتوجه لنزع سلاح الميلشيات الثقيل في الشمال والجنوب لحماية حدودها ودعم الدولة اليمنية.
وبين مركز أبعاد للدراسات أن هذا السيناريو كان الأفضل لآل سعود واليمن وكان من السهل دعمه منذ العام الأول للحرب. لكنه تطرق إلى مخاوف سعودية بالقول: يبدو هناك تخوفات سعودية من مشاريع تعتقد أنها ليست في صالحها موجودة ضمن الشرعية اليمنية.
وأكمل: أن هذه المخاوف جعلت الرياض في مأزق كبير وتضارب في المصالح الآنية والاستراتيجية، وتضارب أيضا في المصالح اليمنية والسعودية من جهة وأيضا السعودية والإقليمية من جهة أخرى.
ويقول مركز الدراسات أن هذا السيناريو يظل محتملا وإن كان بدرجة ضعيفة، وهنا قد تضطر المملكة إلى بناء شرعية موازية للشرعية الحالية وتكون مقبولة من الإمارات وحلفائها جنوبا وإيران وحلفائها شمالا، ويشارك فيها الانتقالي الجنوبي بحيث تحافظ على وحدة اليمن ظاهريا، كسيناريو رابع.
وتكون السلطة الجديدة، بحسب المركز اليمني، تحت تأثيرها وسيطرتها في وقت يتم استكمال سحب البساط من الشرعية الحالية بقيادة الرئيس هادي، ومن ثم البدء بمفاوضات نهائية مع الحوثيين.
وخلص مركز أبعاد للدراسات والبحوث إلى أن هذا السيناريو متوقع إلى حد ما في ظل تعقيدات الوضع اليمني ومستجدات الصراع الإقليمي والدولي الذي أتاح للاعبين جدد الدخول إلى الملعب اليمني.
وأكدت فرنسا وألمانيا، مؤخرا، مسؤولية نظام آل سعود عن إنهاء معاناة الشعب اليمني، وإيجاد حل سلمي للحرب الدائرة منذ سنوات وإنهاء الأزمات اليمنية.