الدمار والفوضى والأمراض، ثالوث أهلك الجمهورية اليمنية وأهلها الذين يعيشون أكبر أزمة إنسانية في العالم، منذ بدء حرب التحالف العربي (السعودية والإمارات) الممتدة منذ 6 سنوات؛ تحت ذريعة مواجهة جماعة الحوثي التابعة لإيران.
وجاءت الجائحة العالمية “كورونا”، التي بدأت تتغلغل في الدولة الفقيرة، لتزيد آلامها في وقت تخلت فيها السعودية والإمارات عن مسؤولياتها تجاه الدولة التي تسرق ثرواتها.
وتخشى منظمة الصحة العالمية إمكانية تفشي الفيروس على نطاق واسع في اليمن نظرا لأن مستوى مناعة السكان من المرض من أقل المستويات مقارنة مع الدول الأخرى، كما قوضت الحرب المستمرة النظام الصحي هناك ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة، وتسببت في انتشار أمراض خطيرة على مراحل مثل الكوليرا والتيفوئيد وحمى الضنك.
وأثار تصريح وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، مؤخرا، حول خفض المصروفات والاستدانة لتغطية العجز السعودي الناتج عن أزمة “كورونا”، قلق الحكومة اليمنية التي تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة، إذ ينبئ التصريح بتأجيل تجديد الوديعة السعودية في البنك المركزي اليمني، والتي تشكل مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة لتغطية اعتمادات الاستيراد، مما قد يؤدي إلى انحدار جديد في سعر الريال اليمني، حسب مراقبين.
وتعاني الحكومة التي يرأسها عبد ربه هادي من عجز كبير في مواردها المالية بسبب تأثر إيراداتها النفطية وغير النفطية نتيجة أزمة “كورونا”، وتعطيل دولة الإمارات للموانئ، بالإضافة إلى الانخفاض الحاد في تحويلات المغتربين إلى اليمن لتأثر أعمال أغلبيتهم في دول الاغتراب، مما سيجعل اليمن يواجه “كورونا” بدون عملة صعبة.
وأعلنت الحكومة اليمنية الشرعية، أول من أمس، العاصمة المؤقتة عدن “مدينة موبوءة”، جراء وفاة مواطنين خلال الأيام الماضية بفيروس “كورونا” وأوبئة الحُميات القاتلة.
وكشفت رصدها تفشي الوباء في ثلاث محافظات جديدة في جنوبي البلاد، إضافة إلى عدن، ليرتفع إجمالي عدد الإصابات في المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى 65 حالة بينها 10 وفيات.
وقالت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ لمواجهة كورونا، ومقرها عدن، إنه تم تأكيد تسع إصابات جديدة بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا، بينها إصابات لأول مرة في محافظات أبين والمهرة وشبوة حيث توفي المصاب.
وأكدت لجنة الطوارئ اليمنية إصابة أربع حالات جديدة في عدن ليرتفع الإجمالي بالمدينة إلى 39، لتصبح بذلك من أكثر المحافظات تضررا بالوباء.
واليمن مقسم بين مناطق تابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في الجنوب ومناطق تحت سيطرة جماعة الحوثي في الشمال منذ أن أطاح الحوثيون بالحكومة من صنعاء في أواخر عام 2014.
وقالت مصادر حكومية: إن التحركات التي قامت بها الحكومة اليمنية لتجديد الوديعة السعودية، أو رفع يد الإمارات عن ميناء بلحاف الاستراتيجي في شبوة (جنوب شرق) وميناء الضبة النفطي في حضرموت (شرق) لإعادة التصدير وتوفير موارد مالية لتلافي تبعات فيروس “كورونا” الاقتصادية، باءت حتى الآن بالفشل، بسبب موقف السعودية المالي الصعب وتعنت أبوظبي.
وذكر مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني أن البنك يعاني عجزا كبيرا في العملة الصعبة من الدولار، الأمر الذي يجعله غير قادر على مواجهة المتطلبات المتعلقة بتوفير العملة الصعبة للتجار للاستيراد، خصوصاً والأسواق اليمنية تعاني من أزمة سلعية وانخفاض كبير في معروض عدد من السلع الغذائية المدعومة من الوديعة السعودية.
وأكد أن البنك يعاني أيضاً من توقف مصادر محلية أخرى، بسبب الأحداث العسكرية والاضطرابات التي تمر بها عدن (جنوب) منذ أغسطس/اَب الماضي، والتي عرقلت إجراءات كانت تُجرى مع منظمات أممية لتوريد مخصصاتها وتمويلات لمشاريع تقوم بدعمها لتمر عبر البنك المركزي اليمني في عدن.
واعتبر رئيس جمعية البنوك اليمنية، محمود ناجي، أن تبديد عائدات النفط ونفاد موارد النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، هي عوامل ضعف تعوق جهود مكافحة الأوبئة التي انتشرت في البلاد، وفي مقدمتها جائحة “كورونا”، التي تهدد حياة الملايين من اليمنيين.
وأكد ناجي أن السلطات المعنية في اليمن عليها أن ترتقي إلى مستوى التحديات القائمة، وتكف عن العبث بالمتاح من الموارد المالية، وعلى وجه التحديد موارد النقد الأجنبي المتاحة من صادرات النفط، وأن تعمل على توحيد الجهود لوضع خطط الوقاية والمكافحة لهذه الجائحة الخطيرة، وتسخير كل ما هو متاح من موارد و إمكانيات لدعم جهود المكافحة.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، في بيان: “حذّرنا منذ أول إصابة من أن الفيروس موجود الآن في اليمن، وقد ينتشر بسرعة (..) العوامل كلها موجودة هنا، مستويات منخفضة من المناعة العامة، ومستويات عالية من الضعف الحاد، ونظام صحي هشّ ومثقل”.
كما قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إن أسعار المواد الغذائية في اليمن ارتفعت بسبب الفيروس.
وأوضح البرنامج أن “ارتفاع أسعار المواد الغذائية الناجمة عن الجائحة سوف يصيب بشكل أكثر العائلات الضعيفة في اليمن”.
وشدد على ضرورة استمرار المساعدات الغذائية كونها شريان حياة بالنسبة لليمنيين.
ونهاية الشهر الماضي، أعلن برنامج الأغذية العالمي تقليص مساعداته إلى النصف في المناطق الشمالية لليمن، بسبب نقص التمويل، إضافة إلى عوائق العمل في بيئة بالغة الصعوبة بالمناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين.
ودفعت جرائم دولة الإمارات العربية ومخططاتها في الشرق الأوسط، النائب في الكونغرس الأميركي إلهان عمر عن استغرابها من التجاهل الدولي لدور الإمارات في إغراق اليمن في الحرب والفوضى.
وكتبت إلهان عمر في صفحتها عبر “تويتر”: “في اليمن اعترف العالم بدور السعودية وإيران في الحرب الأهلية التي دمرت البلاد وتسببت في أسوأ أزمة انسانية”.
وأضافت “لكن الإمارات إلى حد كبير تمر دون أن يلاحظ أحد دورها بإغراق اليمن في الحرب والفوضى، لماذا؟”