يجمع مراقبون على أن التعزيزات العسكرية التي دفع بها نظام آل سعود في محافظة المهرة شرق اليمن انعكاس لفشل التهدئة التي أعلن عنها التحالف لمدة أسبوعين بدعوى مواجهة خطر تفشي فيروس كورونا.
وقالت مصادر يمنية إن نظام آل سعود عزز قواته المتواجدة في محافظة المهرة بأكثر من 18 قاطرة على متنها عربات عسكرية ومدرعات وذخائر بالإضافة إلى عشرات الجنود.
واستنكر مغردون أنه بينما يغلق نظام آل سعود مطارات المملكة ومنافذها وأعلن عن حظر تجوال في أغلب المحافظات خوفا من انتشار كورونا، فإنها في المقابل ترسل طائرة عسكرية إلى مطار عدن تحمل عشرات الجنود دون فحص أو حجر صحي وقاطرات محملة بالأسلحة إلى محافظة المهرة.
واعتبر المغردون أن نظام آل سعود يضرب بالشعب اليمني وسيادته وصحته عرض حائط الإنسانية.
من جانبها، قالت لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة، والتي تتزعم الاحتجاجات المناهضة للتواجد السعودي بالمحافظة، إن “قوات الاحتلال السعودي عززت تواجدها العسكري بحملة عسكرية مؤلفة من عشرات الآليات والجنود”.
وذكر أحمد عبد الله بلحاف مسؤول التواصل والعلاقات الخارجية بلجنة الاعتصام في بيان، أن الخطوة تعد تحدياً واضحاً من القوات السعودية ومخالفة للإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة عالمياً بما يخص منع تفشي فيروس كورونا.
وحمل البيان المملكة، المسؤولية حال تسجيل أي حالات إصابة بفيروس كورونا، معتبراً تعزيزات الرياض تكريساً لجهود المملكة وطاقاتها العسكرية في “احتلال محافظة المهرة”.
وذكر أن لجنة الاعتصام ستفعل أنشطتها السلمية والإعلامية رداً على ما وصفه بـ”التصعيد”، مطالباً السلطة المحلية بالمهرة والأحزاب والقبائل للوقوف صفاً واحداً لإيقاف “التجاوزات والانتهاكات السعودية لسيادة المحافظة”.
وكان دخل قرار وقف إطلاق النار في اليمن، الذي أعلنه تحالف آل سعود بشكل أحادي يومه الخامس، بنفس الزخم من المعارك التي جاء لإخمادها، وخصوصاً في الجبهات التي كانت مشتعلة قبل منتصف ليل الخميس الماضي، لحظة دخول الهدنة حيّز التنفيذ.
وحتى الآن، لم تحقق الهدنة أيا من أهدافها الجوهرية، فالعمليات القتالية في مأرب والجوف والبيضاء لم تتوقف. كما أن العنوان الرئيسي لوقف الحرب، وهو تهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا، لا تظهر مؤشراته، بعد تسجيل أول إصابة بالوباء في محافظة حضرموت شرقي اليمن وتعالي التحذيرات من غياب الاستعدادات اللازمة لخوض المعركة الصحية.
وشهد يوم السبت الماضي عودة إلى نقطة الصفر، حيث تحدث الحوثيون، عن 25 غارة للتحالف وقالوا إن جبهة صرواح نالت نصيب الأسد منها، بواقع 23 غارة.
وتبادلت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الاتهامات حول المتسبب الأول بالتصعيد، إذ أعلن كل طرف أنه تصدى لزحف على مواقعه. لكن القوات الحكومية أعلنت مقتل 15 حوثياً، وهي نفس الأرقام التي كانت تعلنها في ذروة التصعيد العسكري مطلع مارس/آذار الماضي.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، في بيان، أن المعارك التي بدأت في صرواح، السبت الماضي، استمرت حتى صباح الأحد.
وقال إن 7 غارات إضافية شنها التحالف على مناطق متفرقة في محافظتي مأرب والجوف. وأكدت مصادر قبلية أن المعارك التي تشهدها مديرية صرواح، هي نتيجة لتصعيد الحوثيين، حيث تسعى الجماعة لقضم أكبر مساحة جغرافية في محافظة مأرب النفطية، قبيل الجلوس حول طاولة المفاوضات التي سترعاها الأمم المتحدة، وذلك بهدف امتلاك أوراق ضغط هامة في المشاورات، تمكنها من انتزاع مكاسب سياسية، باعتبارها الطرف الأقوى على الأرض.
ووفقاً للمصادر فإن الجيش الوطني و”المقاومة” هما من بادر بالهجوم في جبهات قانية بالبيضاء، واستكمال عملية عسكرية كانت قد انطلقت بالفعل عشية إعلان قرار وقف إطلاق النار.
ولا يقتصر التصعيد الجديد على الجبهات العسكرية، إذ اتهمت الحكومة اليمنية، جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بإطلاق صاروخ باليستي على منزل الزعيم القبلي البارز علي بن حسن غريب، في مدينة مأرب، ما أسفر عن أضرار فقط دون خسائر بشرية.
واعتبر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أنه من غير المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه السعودية، في 9 إبريل/نيسان الحالي، لمدة أسبوعين لوقف القتال في مأرب.
أما بالنسبة إلى دعوة الأمم المتحدة جميع الأطراف المتحاربة لوقف القتال للاستجابة لخطر فيروس كورونا، فإن الأزمة الحالية في الواقع توفر فرصة نادرة للحوثيين لشن هجوم واسع على أكثر من منطقة في اليمن، بينما العالم منشغل بتداعيات كورونا ولا يلقي بالاً لما يدور في اليمن بحسب المركز.
وأشار التقرير إلى أن معركة مأرب هي نقطة تحول مفصلية في حرب اليمن، حيث سيمهد انتصار الحوثيين العسكري طريقهم نحو السيطرة على أكثر المناطق غنى بالموارد، وسيمثل ضربة كبيرة للحكومة الشرعية.
أما بالنسبة للحكومة، فإن الدفاع عن مأرب يعتبر امتحاناً مهماً للجيش اليمني، وخمس سنوات من دعم السعودية له، لافتاً إلى أن انكسار الحوثيين في مأرب قد يقوّض طموحهم، ويمنح الحياة لخصومهم، ويُضعف موقفهم التفاوضي الحالي مع السعودية، ويجبر المراقبين الدوليين على مراجعة التقديرات الحالية لقوة الجماعة.
ولا يعترف الحوثيون بالهدنة حتى الآن، وينظرون لها على أنها “مناورة سياسية وإعلامية”، كما جاء على لسان متحدثهم السياسي محمد عبد السلام، لكنهم في المقابل يرصدون خروقات الطرف الآخر أولاً بأول.