آل سعود في اليمن.. محاولات لإنهاء الحرب وتخلي عن الشرعية

تظهر خطوات نظام آل سعود الأخيرة في اليمن محاولات حثيثة للخروج من مستنقع الحرب بالتزامن مع تخلي صريح عن دعم الحكومة الشرعية وهو المبدأ الذي انطلق على أساسه التحالف العربي.

ويبرز مراقبون أن نظام آل سعود لم يعد أمامه خيارات غير السعي لإيقاف الحرب التي يشنها على اليمن منذ خمس أعوام، وأن الإمارات تخلت عن الشرعية اليمنية فيما المملكة تتجه إلى نفس الطريق.

يأتي ذلك في ظل التصاعد النوعي لقدرات جماعة أنصار الله “الحوثيون” العسكرية، وهو ما يمكن ربطه بنجاح الجماعة بإسقاط طائرة عسكرية قبل يومين في ظل التقارير عن دخول أسلحة جديدة من إيران.

ويتضح حاليا أن أقصى ما يطمح إليه آل سعود هو محاولة ضمان سلامة حدود المملكة، وأن النظام سيكون مضطرا للقبول بإنهاء الحرب بعد أن جلب إيران لحدود المملكة مع اليمن.

يأتي ذلك فيما أكدت جماعة الحوثيين من جديد وجود محادثات سرية مع السعوديين بحثا عن اتفاق سلام بين الطرفين المتحاربين منذ سنوات في اليمن، وتزامن هذا التأكيد مع اعتراف نظام آل سعود بهذه المحادثات بعد نفي وجودها سابقا.

وصرح عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي بأن هناك محادثات غير علنية تجرى بين الحوثيين والمملكة وأن هذه المحادثات تدور مباشرة بين الطرفين، لكنها لم تنعكس على الأرض بشكل إيجابي.

من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال كلمة له في مؤتمر ميونيخ للأمن أن التصعيد الأخير للعنف باليمن لم يبلغ بعد مرحلة الإضرار بمحادثات السلام مع الحوثيين عبر قنوات خلفية.

وفي نهاية سبتمبر/أيلول 2019 أعلن الحوثيون عن هدنة من طرف واحد يتوقف بموجبها الحوثيون عن استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ والطيران المسير.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت موافقة أطراف النزاع في اليمن على خطة مفصلة لإتمام أول عملية تبادل رسمية واسعة النطاق للأسرى والمحتجزين تنفيذا لاتفاقية ستوكهولم.

وقرر أطراف النزاع، في ختام الاجتماع الثالث للجنة تبادل الأسرى والمحتجزين بالعاصمة الأردنية عمان، البدء فورا في تبادل القوائم تمهيدا لعملية التبادل.

وقال بيان مشترك لمكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن “ممثلي أطراف النزاع في اليمن وافقوا (في ختام اجتماع دام سبعة أيام في العاصمة الأردنية عمان) على خطة مفصلة لإتمام أول عملية تبادل رسمية واسعة النطاق للأسرى والمحتجزين منذ بداية النزاع”.

وأوضح البيان أن الاتفاق “هو خطوة أولى نحو الوفاء بالتزامات الأطراف بالإفراج المرحلي عن جميع الأسرى والمحتجزين على خلفية النزاع وفقا لاتفاقية ستوكهولم”.

وكان الطرفان وافقا في محادثات السويد على تبادل 15 ألف أسير، وسلموا لوائح بأسماء هؤلاء لوسيط الأمم المتحدة.

وبحسب البيان فقد “قرر الأطراف اليوم، الأحد، البدء فورا بتبادل القوائم للإعداد لعملية التبادل المقبلة”، بينما، أكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام أنه سيتم الإفراج عن 1400 أسير بينهم سعوديون وسودانيون.

من جانبه، حث المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث على الإسراع في تنفيذ عملية التبادل، ووضع حد لمعاناة آلاف الأشخاص.

وأضاف “أظهر الأطراف لنا اليوم أنه رغم التحديات المتزايدة على الأرض، فإن الثقة التي عمل الأطراف على بنائها حتى الآن لا تزال قادرة على تحقيق نتائج إيجابية”.

وأعرب غريفيث كذلك عن “تقديره لقيادة الأطراف لانخراطهم في المفاوضات بحسن نية لتخفيف معاناة الأسرى وعائلاتهم”.

وبحسب البيان “جدد الأطراف أثناء الاجتماع التزامهم بتسهيل تواصل الأسرى والمحتجزين مع ذويهم”. كما اتفقت اللجنة على الانعقاد مرة أخرى نهاية مارس/آذار المقبل لمناقشة مزيد من عمليات التبادل، بحسب المصدر نفسه.

ونقل البيان عن فرانز راوخنشتاين، رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء، قوله إنه “رغم الاشتباكات المستمرة، رأينا أن الأطراف قد وجدت أرضية إنسانية مشتركة تسمح للعديد من الأسرى بالعودة إلى أحبائهم. هذا يدل على أن الأطراف نفسها هي فقط من تمتلك القدرة على إحداث تغيير إيجابي ودائم”.

وأضاف “هذا أمر مشجع للغاية ونأمل أن يمهد الطريق لمزيد من عمليات إطلاق السراح في المستقبل القريب”.
اعلان

وعقدت آخر جولة من المباحثات بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين من 14 إلى 16 مايو/أيار من العام الماضي، وتركزت على إدارة عائدات الموانئ اليمنية الواقعة على البحر الأحمر، ووصفت الأمم المتحدة الاجتماعات حينها بأنها “بناءة”.

وكان ممثلو الحكومة اليمنية والحوثيون عقدوا منتصف يناير/كانون الثاني من العام الماضي جولة أولى من المباحثات في عمان، مقر مكتب بعثة الأمم المتحدة الخاصة باليمن، لبحث تطبيق اتفاق تبادل الأسرى.

ويشهد اليمن منذ 2014 حربا بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. وتصاعدت الحرب مع تدخل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة في مارس/آذار 2015.

وتسبب النزاع في اليمن بمقتل وإصابة عشرات الآلاف، بينهم عدد كبير من المدنيين بحسب منظمات إنسانية، خصوصا منذ بدء عمليات التحالف ضد الحوثيين لوقف تقدّمهم في اليمن المجاور للمملكة.