تظهر سياسات نظام آل سعود في اليمن تناقضات هائلة في ظل توصلهم لتفاهمات مع جماعة أنصار الله “الحوثيين” في وقت تواصل فيه تقويض سلطات الحكومة الشرعية في البلاد.
وعبر مسئولون يمنيون عن رفضهم للحجج التي ساقها نظام آل سعود بالسماح لطائرات تنطلق من صنعاء -حيث يسيطر الحوثيون- لتعبر أجواءها وصولا للعاصمة الأردنية عمان بدواع إنسانية، والسماح للمرضى بالحصول على العلاج.
وأكد المسئولون اليمنيون أن فتح المجال الجوي أمام الطائرات الآتية من صنعاء إنما يأتي استكمالا للاتفاق الذي أبرمه الحوثيون مؤخرا مع التحالف الإماراتي السعودي، الذي تغاضت بموجبه قوات التحالف عن تقدم الحوثيين باتجاه الجوف.
ورغم توفير الغطاء الجوي للحوثيين في الجوف فإنهم هزموا وأصيب الكثير من مقاتليهم، وكانت طائرة أقلعت من صنعاء إلى عمّان تحمل على متنها جرحى للحوثيين وليسوا مدنيين يمنيين، وهم يعانون من الحصار حتى في داخل المدن التي توصف بأنها محررة وتقع تحت سيطرة التحالف.
تجدر الإشارة إلى أنه تم الإعلان أمس عن إقلاع طائرة من مطار صنعاء على متنها سبعة مرضى وتوجهت إلى الأردن، وحسب الاتفاق الذي جرى برعاية أممية؛ فإن الجسر الجوي بين صنعاء وعمان سيتضمن طائرة واحدة أسبوعيا تحمل على متنها عددا محدودا من المرضي.
وتتصاعد التساؤلات في اليمن لماذا لم تستشر الرياض الحكومة الشرعية في هذا الاتفاق مع الحوثيين، خاصة أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مقيم فيها.
وكان وزير المواصلات اليمني صالح الجبواني طالب ولي العهد محمد بن سلمان بالسماح للوزراء اليمنيين بحرية التنقل بين الرياض واليمن للقاء رئيسهم عبد ربه منصور هادي بالرياض، أو السماح للرئيس بالانتقال للعيش بمدينة لا تقع تحت سيطرة الحوثيين.
وتسود توقعات بأن سلطات آل سعود نقمت على الجبواني لأنه ذهب إلى تركيا قبل فترة، ووقع على اتفاقات بحكم منصبه وزيرا للمواصلات، وهو أمر أثار غضب الرياض التي تتخذ مواقف عدائية من أنقرة.
والجبواني ذهب بعد ذلك إلى مصر ووقع اتفاقات مع شركات مصرية لتسيير رحلات جوية من مطار عدن والمطارات التي تتبع مناطق التحالف؛ إلا أن الرياض منعت هذه الشركات من تطبيق ما جاء في الاتفاقات، رغم العلاقات الوثيقة التي تربط بين الرياض والقاهرة.
وتظهر الوقائع أن تحالف آل سعود الذي جاء لدعم الشرعية ومواجهة الحوثيين، عمل بعد سنوات من التدخل العسكري باليمن على القضاء على كل شيء بالدولة اليمنية إلا الحوثيين.
يأتي ذلك فيما عاد الآلاف من المجندين اليمنيين المنتشرين على الحدود السعودية مؤخرا إلى مدينة تعز استجابة لدعوة سابقة أطلقها قائد مقاومة تعز الشيخ حمود سعيد المخلافي حثهم فيها على العودة من أجل تحرير مدينتهم.
وقال المخلافي في تصريحات تلفزيونية إن عدد الجنود الذين عادوا من الحدود السعودية يقدر بأكثر من 23 ألف مجند من أصل 40 ألفا من مدينة تعز وحدها.
وأفاد عدد من الجنود بأنهم كانوا يتعرضون للإهانة المتواصلة من قبل قيادات القوات السعودية، وظلوا لأشهر طويلة دون مرتبات أو مستحقات أو حتى أي تدريبات عسكرية، وأنهم كانوا يشعرون بأنهم وسط معارك لا تعنيهم.
وأكد بعض الجنود عزمهم على تحرير مدينتهم والحفاظ على أمنها واستقرارها، لأنهم يشعرون بأنها باتت بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى، خصوصا بعد أن وجدوا أنفسهم في معارك وهمية، وقال إنه تم الزج بهم للقتال فيها دون أي اكتراث دفاعا عن بلد غير بلادهم.