يلاحق الفشل نظام آل سعود في حربه الإجرامية على اليمن في وقت تتكبد فيه المملكة خسائر فادحة على كافة الصعد من دون أن تكون قادرة على تحقيق أي إنجاز عسكري ملموس باستثناء نشر القتل والفوضى والتخريب في البلاد.
وتستعين السعودية بعشرات الآلاف من القوات السودانية والمرتزقة ومجندين يمنيين، 40% منهم أطفال حسب تقارير منظمات حقوقية موثقة.
ودعمت السعودية حملتها العسكرية في اليمن بـ30 طائرة أباتشي ومدرعات أميركية متطورة في قاعدة العند الجوية ومأرب.
وبحسب تقارير، تتكبد السعودية في عملياتها العسكرية في اليمن خسائر تقدر بـ200 مليون دولار يوميا على الأقل.
كما وصل عدد القتلى من الجنود السعوديين إلى أكثر من 3 آلاف حسب الإحصائيات الرسمية.
وتلقت السعودية مؤخرا ضربة فيما يتعلق بحربها على اليمن بعد بدء حليفتها الإمارات سحب قواتها من اليمن.
ويسود الغموض الموقف بفعل التباين في تقديرات حجم الانسحاب وتأثيره الحقيقي على مستقبل الحرب الدائرة في اليمن منذ سنوات.
وجاءت أولى تداعيات هذا الانسحاب على شكل تحركات عسكرية سعودية في ميادين القتال، حيث قالت مصادر عسكرية وحكومية يمنية إن ضباطا سعوديين تسلموا قيادة القواعد العسكرية في ميناءي المخا والخوخة، اللذين كانت تستخدمهما الإمارات في حملتها العسكرية للسيطرة على الحديدة.
واتخذت السعودية هذه الإجراءات لتأمين الميناءين الإستراتيجيين بعد أن خفضت الإمارات وجودها العسكري فيهما بشكل كبير.
وأرسلت السعودية عددا غير محدد من القوات إلى العاصمة المؤقتة عدن التي تضم أحد أهم موانئ البلاد، وتنتشر فيها قوات موالية للإمارات.
كما أرسلت السعودية قوات إلى جزيرة بريم الصغيرة في مضيق باب المندب.
من جهتها نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن السعوديين شعروا بخيبة أمل كبيرة من القرار الإماراتي، لكن مسؤولا بالسفارة السعودية في واشنطن نفى للصحيفة أن يكون قادة السعودية غير راضين عن الخطوة الإماراتية، وإن كان اعترف ضمنيا بالانسحاب معتبرا إياه أسلوبا يحدث أثناء العمليات العسكرية بتنسيق بين قوات التحالف.
وذكرت الصحيفة أيضا أن مسؤولين بالديوان الملكي السعودي تدخلوا شخصيا لمحاولة ثني الإماراتيين عن الانسحاب من اليمن، وهو ما يؤشر إلى أن الخطوة الإماراتية لم تكن برضى وتنسيق مع الحليف السعودي.
وبالإضافة إلى تداعيات الانسحاب الإماراتي، تواجه السعودية إشكالات وتعقيدات أخرى، من بينها الغضب الشعبي على قواتها في أكثر من مدينة يمنية.
وذكرت مصادر محلية اليوم أن قوات تشرف عليها السعودية أطلقت النار في الهواء في محاولة لتفريق محتجين تظاهروا أمام معسكر للقوات السعودية في مديرية حصوين بمحافظة المهرة شرقي اليمن.
وكان الآلاف من أهالي محافظة المهرة قد نفذوا وقفات احتجاجية أمام عدد من المعسكرات السعودية المستحدثة مؤخرا بالمحافظة. حيث نفذت الوقفات أمام المعسكرات في كل من لوسيك بمدينة الغيظة ومعسكر سيحوت ومعسكر رخوات بمديرية المسيلة ومعسكر حصوين ومعسكر ميناء نشطون.
ورفع المحتجون لافتات تطالب برحيل القوات السعودية، وطالبوا بسرعة إقالة محافظ المدينة وتقديمه للمحاكمة.
ويحيط الكثير من الغموض بالموقف الإماراتي في اليمن، في ظل حديث إعلامي أن الخطوات الجديدة جاءت كجزء من ترتيبات وتفاهمات قام بها الإماراتيون مع إيران تشمل بنودا أخرى.
وجاءت البداية حين كشف مسؤول إماراتي كبير لوكالة الصحافة الفرنسية أن بلاده -العضو الرئيس في التحالف الذي تقوده السعودية باليمن- تقوم بعملية سحب لقواتها من هناك ضمن خطة “إعادة انتشار” لأسباب “إستراتيجية وتكتيكية”.
ونقلت الوكالة عن المسؤول الإماراتي قوله في دبي إن الإمارات تعمل على الانتقال من “إستراتيجية عسكرية” إلى خطة تقوم على تحقيق “السلام أولا”.
ولاحقا ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الإمارات تسحب قواتها من اليمن بوتيرة سريعة بعد تيقنها من أن الحرب الطاحنة التي حولت اليمن إلى كارثة إنسانية لا يمكن كسبها.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين مطلعين على التفاصيل قولهم إن خفضا في عدد القوات الإماراتية قد حدث بالفعل، مدفوعا برغبة الخروج من حرب مكلفة للغاية حتى لو أغضب ذلك حلفاءهم السعوديين.
وأكدت أن الإماراتيين تجنبوا الإعلان عن خطوة الانسحاب علنا للتخفيف من انزعاج نظرائهم السعوديين، غير أن دبلوماسيين غربيين أشاروا إلى أن السعوديين شعروا بخيبة أمل كبيرة نتيجة القرار الإماراتي، وأن كبار المسؤولين في الديوان الملكي السعودي حاولوا ثني المسؤولين الإماراتيين عن خطوة الانسحاب.
ولم تبلغ الإمارات السعودية بانسحابها من اليمن، والانسحاب تم دون تنسيق أو إذن وإنما تم إعلام الجانب السعودي به فقط، الأمر الذي شكل إحباطا لدى نظام آل سعود.
والإمارات انسحبت فعليا من مأرب وهو ما سيؤثر على معركة صنعاء، لأنها كانت قاعدة خلفية لهذه المعركة، كما أن انسحابها من الحديدة يعني أنه لا معركة في الحديدة، وكلتا المحافظتان شماليتان.
ويرى مراقبون أن هناك حالة من الإنكار داخل السعودية بسبب الانسحاب الإماراتي من اليمن، وأن على السعودية أن تعرف أن المقاربة العسكرية أدت لخسارة كبيرة لها.
وتظهر السعودية وحيدة ومعزولة في اليمن، ويجب عليها أن تنفق القليل من المال للتنمية في اليمن لتغيير صورتها في الداخل اليمني وأن تتعلم من أخطائها خاصة أن تظهر كقزم أمام مليشيا جماعة الحوثي.
ويؤكد المراقبون أن أن الإمارات تمكنت من إظهار نفسها كقوة حقيقية عندما حررت عدن في مسرحية انسحاب مليشيا المخلوع منها وترك الساحة فارغة للإمارات، كاشفا عما أسماه تخادما بين الحوثيين والإمارات، وأن ما تقوم به الإمارات هو استكمال لمشروعها الذي بدأته في عام 2014 من خلال دعم الانقلاب الحوثي للقضاء على الثورة.
ويبدو وكأن التحالف السعودي والإماراتي قد انفض، وقد ظهر الاختلاف الاستراتيجي بين السياسات الإماراتية والسعودية في اليمن، كما أن السعودية دخلت في حرج بعد أن طالب الشعب بوقف العبث الإماراتي في اليمن، مؤكدا أن السعودية دخلت الحرب بتهور ولم تحقق أي شيء حتى الآن.
ويجمع المراقبون في اليمن أن الإمارات لم تحارب الحوثيين ودخلت في تحالف مع السعودية لتوريطها في اليمن ولتنفيذ أجندة خاصة بها، وأن المتتبع لسير المعارك الإماراتية سيلاحظ أنها حاربت من حارب الحوثي باستهدافها لحزب الإصلاح، ومنعها أي تقدم عسكري ضد الحوثيين، كما قاتلت الشرعية في اليمن، ونجحت في تعطيل ميناء عدن.