فضائح السعودية

محمد بن سلمان يريد إعادة تشكيل صورته الدولية عبر الوساطة الدولية

يريد ولي العهد محمد بن سلمان إعادة تشكيل صورته الدولية عبر تولى ملف الوساطة الدولية من أجل الخلاص من وضعه كمنبوذ على الساحة الدولية على خلفية جرائمه وقتله واعتقاله المعارضين السلميين.

وأبرزت صحيفة آي بيبر البريطانية أن بن سلمان يأمل أن يؤدي دوره كوسيط في المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذه عندما تبدأ المناقشات حول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لغزة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية هذا الشهر، اجتمعت الوفود الروسية بقيادة وزير الخارجية المخضرم سيرجي لافروف مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وستيف ويتكوف، الحليف المقرب لترامب في إعادة تشكيل السياسة الخارجية.

وأظهر هذا اللقاء بوضوح أن الإدارة الأمريكية مصممة على فرض نهاية للحرب في أوكرانيا بشروط أكثر ملاءمة للمعتدي (روسيا) منها للضحية (أوكرانيا). ولم تتم دعوة أوكرانيا أو بريطانيا أو الحلفاء الآخرين.

واختيار الرياض كمكان لأول محادثات بين موسكو وواشنطن منذ بداية الحرب كان له دلالات كبيرة. في ظل النظام العالمي المضطرب، تبرز المملكة كوسيط رئيسي بين القوى الكبرى، ومركزًا للأعمال والأنشطة الدبلوماسية.

في هذا السياق، يسعى الجميع إلى الظهور بمظهر المسيطر، لكن النتيجة النهائية هي تعزيز مكانة السعودية كوسيط أساسي في النزاعات الدولية دون اعتبارات أيديولوجية.

ويأمل المسؤولون السعوديون في أن يساهم هذا الدور في تعزيز نفوذهم عندما تبدأ المناقشات حول خطة ترامب لمستقبل غزة.

ويعد هذا التحول قفزة كبيرة في إعادة تأهيل محمد بن سلمان البالغ من العمر 39 عامًا، والذي تعرض لعزلة دولية بعد أن خلصت وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) إلى أنه أمر بقتل الصحفي السعودي المنفي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018.

وأُجريت محاكمة المشتبه بهم في السعودية بعد نقلها من تركيا، حيث حُكم على ثمانية أشخاص بالسجن لفترات تتراوح بين سبع وعشرين سنة. لا يُعرف سوى القليل عن مصير هؤلاء المدانين، لكن الأمير صرح بأنه يتحمل “المسؤولية الكاملة” عن “الجريمة البشعة”، باعتبارها وقعت تحت إدارته.

وعلى الرغم من هذا الإرث، استفاد ولي العهد من اضطراب النظام العالمي، ومن الدور الجيواستراتيجي المركزي للمملكة كدولة غنية بالنفط وحليف رئيسي للولايات المتحدة وبريطانيا في مجالات الدفاع والأمن.

وقد زار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر السعودية في ديسمبر الماضي، واصفًا الزيارة بأنها جزء من “مهمته الأولى” لتعزيز الاقتصاد البريطاني من خلال تعزيز العلاقات مع المملكة.

وأصبحت أزمة أوكرانيا نقطة تحول بالنسبة لمحمد بن سلمان، إذ استفاد من اتفاق مع موسكو لتنسيق أسعار النفط بشروط مواتية لنظام فلاديمير بوتين. كما ترى بكين في السعودية نقطة ارتكاز إقليمية ومنصة لتوسع شركاتها التقنية الكبرى، التي تواجه عقبات في الغرب الحذر أمنيًا.

التطور الاقتصادي والانفتاح الاجتماعي

الرياض اليوم مدينة تشهد نموًا متسارعًا، حيث تصطف صالات عرض بنتلي ورولز رويس بجانب مقرات هواوي الصينية وسلاسل الفنادق الأمريكية. على الساحل الغربي، يجري تطوير منتجعات فاخرة تتضمن مطارًا دوليًا جديدًا و50 فندقًا وإقامات خاصة، بما في ذلك جزيرة ثُوال الخاصة، المخصصة لرحلات الطائرات الخاصة.

زار بوريس جونسون وزوجته كاري المملكة الأسبوع الماضي، حيث نشرت كاري صورًا على إنستغرام من منتجع سانت ريجيس، متغنية بجمال المكان وخصوصيته، في إشارة إلى تحسن العلاقات العامة للسعودية عالميًا.

في قلب هذه الطفرة، يقود بن سلمان مشروع رؤية 2030، الذي يهدف إلى فك ارتباط المملكة بالاعتماد على النفط والغاز. هذه الخطة هي المبدأ الموجه للتنمية في البلاد، بين استراتيجية شاملة وثقافة إدارية صارمة.

يقول أحد رجال الأعمال البريطانيين العاملين في الرياض: “لا أحد يشكك في هذه الرؤية. إنها كل ما يهم. هذه ليست ديمقراطية، لذا لا يوجد نقاش حول أي الأجزاء هي أفكار عظيمة وأيها ليست كذلك”.

وتابع “الجانب الإيجابي هو أن هناك دافعًا قويًا لإنجاز الأمور بسرعة، لكن الجانب السلبي هو أن الجميع يسعون لإرضاء القيادة في بيئة هرمية يصعب فيها تقديم النقد. معدل الإرهاق مرتفع.”

الطموح السياسي لبن سلمان وعلاقاته الدولية

بحسب سفير بريطاني سابق في المنطقة، فإن ولي العهد السعودي يرى نفسه “ندًا لترامب وبوتين”، وهو حريص على الحفاظ على علاقات جيدة وروابط تجارية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

والسعودية منخرطة أيضًا في حملة لتعزيز سمعتها عبر شراء أصول رياضية وإعلامية، لمنافسة قطر والإمارات.

لكن في الداخل، تستمر السعودية في جذب المهنيين المتخصصين برواتب عالية وحوافز، مما يجعلها وجهة جديدة لآلاف البريطانيين العاملين في المحاسبة، القانون، والقطاعات التقنية.

ومع ذلك، تظل بعض القيود قائمة. كما أن التغيرات في المملكة تقوم على نظام حكم مركزي يهيمن عليه رجل واحد. المتحف الوطني السعودي يروي تاريخ آل سعود، الذين حكموا البلاد في تحالف مع المذهب الوهابي.

ويحتفظ بن سلمان بقبضته الحديدية. فعندما تولى ولاية العهد عام 2017، قام باحتجاز نخبة رجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، وأجبرهم على تسليم أصولهم لدعم رؤيته.

ورغم تراجع القمع المباشر، لا تزال الاعتقالات السياسية قائمة، وتخضع وسائل التواصل الاجتماعي لرقابة صارمة، مما يخلق توترًا قد يؤدي إلى هشاشة داخلية مع مرور الوقت.

وختمت الصحيفة “اليوم محمد بن سلمان الذي استولى على العرش يعيش دوره الذي طالما طمح إليه – في قلب الأحداث العالمية. أما البقية، فقد تم إسكاتهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى