أدانت 9 منظمات غير حكومية، الهجوم المستمر على حرية التعبير والفكر والمعتقد في السعودية وأحدث ذلك اعتقال أفراد من جماهير نادي الصفا لكرة القدم في المملكة ومحاكمتهم بموجب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة على خلفيّة هتافاتهم في مباراة حديثة، والتي اعتبرتها السلطات “طائفيّة”.
وفي بيان مشترك اعتبرت المنظمة أن هذا القمع، الذي يحدّ من الحق في حريّة التعبير في ملاعب كرة القدم، في وقت تستثمر فيه السلطات بكثافة لتعزيز الرياضة والسياحة، يسلط الضوء على التناقض المروّع بين تصرّفات السلطات السعوديّة وروايتها الرسميّة للتحرّر.
وذكرت لمنظمات أن 12 عضوًا من مشجعي نادي الصفا يمثلون أمام المحكمة الجزائيّة في مدينة الدمام بتهم بينها “إرسال مواد تضر بالنظام العام عن طريق الإنترنت والأجهزة الإلكترونية”؛ و”الإضرار بالنظام العام عن طريق إذكاء روح التعصّب الطائفي من خلال تمرير المحتوى الطائفي في أماكن التجمّعات العامّة”؛ و”الإخلال بالوحدة الوطنيّة”؛ و”تنسيق هذا العمل مسبقًا”.
وتتعلّق هذه التهم فقط بهتاف الأغاني الفولكلوريّة الدينيّة الشيعيّة التي تحتفل بعيد ميلاد الإمام علي خلال المباراة؛ فيما لم تتضمن الهتافات أي شيء عدائي أو مهين لأي شخص.
وبحسب البيان استندت النيابة العامة في اتهاماتها إلى مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي من المباراة تظهر الحشد وهو يردّد الأغاني، وحقيقة أن المعتقلين ينتمون إلى مجموعة من أنصار كرة القدم على الواتساب.
وتطالب النيابة العامة بعقوبات تصل إلى السجن لمدّة خمس سنوات وغرامات تصل إلى ثلاثة ملايين ريال (800 ألف دولار)، ومصادرة هواتف المتّهمين، وإغلاق حساباتهم على الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي على النحو المنصوص عليه في المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة، بالإضافة إلى مزيد من العقوبات القاسية حسب تقدير القاضي.
وأكدت المنظمات أنه بالإضافة إلى اضطهاد الأفراد، عوقب نادي الصفا، ومقرّه في مدينة صفوة في المنطقة الشرقيّة ذات الأغلبيّة الشيعيّة في المملكة، بقسوة.
ففي 4 فبراير 2024، أعلنت لجنة الانضباط والأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم عن اتخاذ إجراءات تأديبيّة ضد النادي مشيرة إلى أنّ المشجّعين تلوا “عبارات وهتافات تنتهك أحكام اللوائح التأديبيّة والأخلاقيّة”.
وشملت الإجراءات حلّ مجلس إدارة النادي وفرض عقوبات إداريّة وماليّة عليه. وفي الأيام التالية، اعتُقل العديد من أعضاء جمعيّة أنصار الصفا، واستُدعي أكثر من 150 شخص للاستجواب.
واعتبرت المنظمات أن معاملة مجلس إدارة نادي الصفا وجمعيّة أنصاره تعتبر انتهاكًا صارخًا للقوانين الدوليّة التي تضمن الحق في حريّة التعبير والتجمّع السلمي وحريّة الدين.
وتستثمر السعوديّة مليارات الدولارات في صناعة الرياضة المحليّة والدوليّة – التوقيع مع لاعبي كرة القدم المشاهير، وشراء الأندية الأوروبيّة، واستضافة الأحداث الرياضيّة المرموقة كجزء من حملة غسيل سجلها أمام العالم، ومع ذلك، خلف هيبة وبريق صورتها وحملة تحسين سمعتها عبر الرياضة يكمن واقع مرير. فيتم قمع حريّة التعبير والفكر والمعتقد في السعوديّة بدرجة غير مسبوقة.
وشددت المنظمات على أن السعودية اختارت محاكمة أنصار نادي كرة قدم محلي من خلال استدعاء 150 شخصًا للاستجواب ومحاكمة 12 منهم بتهمة الهتاف السلمي في المباراة، وهو ما يعدّ دليلًا آخر على أن السلطات السعوديّة تحاول “تحسين سمعتها من خلال الرياضة” وإعادة تأهيل صورتها للعالم بدلًا من استخدامها الفعلي لقوّة الرياضة بغية “فتح” البلاد للجميع.
وأكدت المنظمات الحقوقية أنّ استخدام السلطات المتكرّر لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة لقمع حريّة التعبير يوضّح كيف تلجأ بشكل روتيني إلى تشريعات مسيئة وغامضة الصياغة، مستشهدة بالتغريدات وغيرها من أشكال التعبير وتكوين الجمعيّات المحميّة باعتبارها تهديدات للأمن القومي لإضفاء الشرعية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
ويُعدّ استهداف أنصار نادي الصفا خطوة أخرى في حملة القمع غير المسبوقة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، وهو انتهاك صارخ لحريّة التعبير والفكر والمعتقد.