أبرزت تقديرات أمريكية أن حرب أسعار النفط التي أشعلها ولي العهد محمد بن سلمان نمثل خطة عالية المخاطر للانتصار على روسيا بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.
وأدت الحرب المعلنة إلى هزة كبيرة في الأسواق العالمية وأصبحت الشغل الشاغل للمراقبين، رغم سيطرة الحرب ضد جائحة كورونا على المشهد العام، فدوافع بن سلمان بعيداً عن طبيعته الشخصية هي السؤال الذي يحاول الجميع الإجابة عنه.
ونشرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: “السعوديون لديهم خطة عالية المخاطر للانتصار في حرب أسعار النفط”، تناول الخطة التي تنطوي على الكثير من المخاطر سعياً للسيطرة المطلقة على أسواق النفط عالمياً، وفرص نجاح تلك الخطة.
ففي الرابع من مارس/آذار، أغلق عبدالعزيز بن سلمان وزير النفط في نظام آل سعود البالغ من العمر 59 عاماً، الأبوابَ على نفسه ومنع الدخول والخروج إليه لكي لا يزعجه أحد في جناحه الكائن بفندق بارك حياة في فيينا، استعداداً للقاء مهم مع وفد روسي.
لكن اللقاء انتهى بالفشل، وكانت المحادثات فيه بمثابة المقدمة لما سيأتي بعدها من انخفاض زلزالي في أسعار النفط، ولا تزال توابعه تتردد في أرجاء الاقتصاد العالمي، فيما يُعد انهياراً قد يعيد تشكيل صناعة النفط لعقود قادمة.
وما بدأ كحرب أسعار قد تكشف الأيام عن كونه تأسيساً لاستراتيجية جديدة تنتهجها السعودية في سياستها المتعلقة بإنتاج النفط، حيث تسعى المملكة إلى استثمار احتياطياتها النفطية الهائلة بأسرع ما يمكن، عوضاً عن البقاء راعيةً لمخزون الثروة هذا لأجيال قادمة.
تحولٌ كهذا قد يفضي إلى تغيير اقتصاديات الصناعة جذرياً، إذ تستخدم السعودية مزايا تكلفة شديدة الانخفاض للفوز بسباق نحو القاع. والأمر برمته يمثل مقامرة ضخمة من الأخ غير الشقيق للأمير عبدالعزيز، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ يتعين فيه على المصدّر الأبرز للنفط في العالم أن يختار بنفسه التعايش مع أسعار نفط منخفضة لأمدٍ طويل.
حافظت الرياض على دوافعها طيّ الكتمان، ومع ذلك فإذا ما ثبتت صحة الشكوك التي راودت كثيرين في سوق النفط فإن هذه الحرب النفطية ستكون صراعاً داروينياً ينتصر فيه الأقدر على التكيف.
ومن الجدير بالذكر أنه مع تصعيد العالم لحملات مكافحة التغير المناخي، فإن معدلات الطلب على النفط ستبلغ الذروة التي يتبعها التراجع في غضون عقود قليلة. ومن المرجح أن تخرج كل من السعودية وروسيا مصابة بكدمات، لكن ستظل واقفة على قدميها.
وذلك على خلاف كثير من الدول النفطية الأخرى، ومنها شركات النفط الصخري الأمريكية، التي ستعاني أوضاعاً بالغة الصعوبة.
التفكير السائد في المملكة حالياً هو السماح للأسواق الحرة بالعمل، وإذا كان المسؤولون قلقين بشأن انخفاض أسعار النفط، فإنهم لا يُظهرون ذلك.
فالمملكة شرعت في وضع نفسها تحت عبء عامٍ أو عامين من النفط الرخيص، مواجهةً ذلك بتعديل الإنفاق الحكومي وصياغة تدابير لحماية الأكثر تضرراً بين مواطنيها.
ويقول خالد الدباغ، المدير المالي لشركة النفط الحكومية (أرامكو)، للمستثمرين يوم 16 مارس/آذار، في رأيٍ أخذ يتكرر على نطاق واسع في الوزارات والقصور الملكية في الرياض: “نحن مرتاحون للغاية لسعر عند 30 دولاراً للبرميل. باختصار، يمكن لأرامكو التعايش مع أسعار شديدة الانخفاض، ويمكنها تحملها لفترة طويلة، وهذا هو الفرق الأهم، خاصةً بالمقارنة مع الآخرين في ذلك القطاع”.
بالعودة إلى الوراء، فإن النُّذر السابقة لاجتماع فيينا لم تكن تنبئ بالخير، فمع الانخفاض السريع في أسعار النفط بسبب الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا في الصين، أخذت الرياض تضغط على موسكو لمزيدٍ من تخفيض الإنتاج بهدف إعادة التوازن إلى السوق، وهو ما حاجج به الأمير عبدالعزيز، واتفقت معه جميع الأطراف الأخرى تقريباً في تحالف “أوبك بلس” الذي يشمل 22 دولة تضم دول منظمة الأوبك إلى جانب 10 دول نفطية أخرى يمثلون جميعاً نصف إنتاج العالم من النفط.
أمَّا نوفاك، فلم يكن لشيء أن يزحزحه عن موقفه. وقال الروس في اجتماع فيينا إن توقعات العرض والطلب على النفط كانت غائمة للغاية، ومن الأفضل أن نتراجع عن التخفيضات الحالية لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم نقرر ما يجب اتخاذه بعد ذلك.
كما شعرت موسكو بأن تخفيضات الإنتاج ورفع الأسعار كانت ببساطة تُغذّي صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة. ومن ثم كان رأيها أنه بدلاً من زيادة الإنتاج قد حان الوقت لخفض الأسعار.
مع وصول المحادثات في فيينا إلى طريق مسدود، وجّه الأمير عبدالعزيز إنذاراً نهائياً: اقبلوا التخفيض في الإنتاج، وإما ستتخلى الرياض عن الاتفاق تماماً، وهو ما سيطلق العنان لموجةٍ من زيادات الإنتاج النفطي.
تجاهل نوفاك ما اعتقده كثيرون مجرد كلام في الهواء، وخرج من الاجتماع. وخلال مغادرته لمقر أوبك التفت إلى كاميرات التلفزيون ووجّه ضربته المضادة: “بدايةً من 1 أبريل/نيسان، فإن الدول الأعضاء في منظمة أوبك وخارجها ليس لديها أي التزامات فيما يتعلق بإنتاجها النفطي”.
لا تزال توابع الصدمة الأولى محسوسةً. وبحسب تقديرات بعض التجار والمستثمرين، فإن الطلب العالمي على النفط في حالة هبوط حر، منخفضاً بنحو 10% عن العام السابق، وهو أكبر انخفاض واجهه على الإطلاق.
ويصف بوب ماكنالي، مؤسس شركة Rapidan Energy Group الاستشارية ومسؤول نفطي سابق في إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، هذا الانخفاض، قائلاً: “إنه انخفاض تاريخي في أسعار النفط”.
إذا سألت الرياض فستقول إن نوفاك هو من بدأ الحرب على أسعار النفط، وليست المملكة. ومع ذلك، فإن الواقع أن المملكة كانت مستعدة للقتال.
ودون أن يعرف أي أحد بذلك، باستثناء عدد قليل من كبار العائلة المالكة وكبار المسؤولين في الرياض، كانت المملكة قد بدأت استعداداتها الدقيقة لتلك اللحظة منذ عدة أسابيع. وكانت لحظة إعلان نوفاك عن أن كل دولة نفطية حرة فيما يتعلق بإنتاجها ضوءاً أخضر للسعوديين لزيادة الإنتاج النفطي لبلادهم.
مرّت العلامة الأولى على أن ثمة مشكلة ما، دون أن يلاحظها أحد إلى حد كبير، حتى في عالم النفط. كانت أرامكو السعودية اعتادت تحديد أسعار النفط بوتيرة منضبطة مثل الساعة في الوقت ذاته، واليوم ذاته من كل شهر. لكنها، ومن دون توضيح، في 5 مارس/آذار، بعد يوم من لقاء الأمير عبدالعزيز ونوفاك، لم تفعل ذلك.
وعندما أعلنت أرامكو عن السعر الذي حددته لبيع نفطها بعد ذلك ببضعة أيام، كان إعلانها يعادل إعلان الحرب في أسواق النفط. فقد خفضت الشركة أسعارها بأكبر قدر شهدته منذ 30 عاماً، وقدمت خصومات غير مسبوقة لعملائها، ومن ضمنهم بعض أكبر المصافي البترولية في العالم، مثل “إكسون موبيل” و”بريتيش بتروليوم” وشركة “شيفرون”.
كما تلقت تلك المصافي أيضاً رسائل مفادها أن أرامكو على وشك زيادة الإنتاج زيادةً كبيرة، بنسبة تصل إلى 25% لتصل إلى أكثر من 12 مليون برميل يومياً. ويقول روجر ديوان، المراقب المخضرم لشؤون منظمة أوبك في شركة IHS Markit Ltd الاستشارية، إن “السعودية تسعى إلى تكثيف الضغوط على المدى القصير بهدف إجبار الجميع على العودة إلى طاولة المفاوضات لفرض اتفاقٍ أكثر إرضاء لها فيما يتعلق بإدارة إمدادات النفط”.
بعد افتتاح التداول على خام برنت، وهو مؤشر عالمي للنفط، في 8 مارس/آذار، هوت أسعار الأسهم خلال ثوانٍ بأكثر من 30%، وهو أكبر انخفاض في الأسعار ليومٍ واحد منذ حرب الخليج في عام 1991. كان خام برنت قد ارتفع سعره لفترة وجيزة فوق 70 دولاراً للبرميل، في أوائل يناير/كانون الثاني الماضي، لكنه الآن انخفض إلى أقل من 30 دولاراً.
امتدت آثار هبوط السعر إلى ما هو أبعد من أسواق النفط. فقد ضرب الانخفاضُ الأسواقَ المالية على حين غرة: فقد أخذت أسهم النفط ترتفع منذ سنوات، وكانت التقييمات مرتفعة للغاية.
على الجانب الآخر، بدت معدلات النمو الاقتصادي متذبذبة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وعندما انخفض سعر البترول أثار ذلك تأثير الدومينو ليطال بآثاره أسواق الأسهم والائتمان العالمية.
كانت حملة الصدمة والرعب السعودية من الوقاحة لدرجة أن كثيرين عاينوا فيها محاولةً لإيلام روسيا بأكبر قدر ممكن. والهدف، وفقاً لأصحاب ذلك الرأي، هو إجبار موسكو على العودة إلى طاولة المفاوضات.
الحجة منطقية: لماذا قد تريد المملكة دفع أسعار النفط للهبوط وإبقاءها كذلك؟ وصحيحٌ أن الرياض قد تبدو أقدر من روسيا على مواجهة حرب أسعار، أساساً بفضل الفائض الكبير في إنتاجها النفطي ووقوفها على أقل تكلفة للإنتاج في العالم، والذي يبلغ أقل من 3 دولارات للبرميل.
لا يمكن لروسيا أن تفوق المملكة في القدرة على تعزيز الإنتاج النفطي. ومع ذلك فإن موسكو أفضل كثيراً في الدفاع من السعوديين. فقد استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقرار أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية لإعداد عدته من احتياطيات النفط الدولارية. وارتفع وعاؤه النقدي بنسبة 60% منذ عام 2015، لتبلغ 577 مليار دولار.
على الجانب الآخر، وخلال الفترة ذاتها، انخفضت مدخرات المملكة من أرباح النفط بنسبة 28%، لتصل إلى 502 مليار دولار.
علاوة على ذلك، تعتمد روسيا على سعر الصرف العائم لديها لامتصاص جزءٍ من صدمة الانخفاض في أسعار النفط. ولعل الأهم من كل ذلك أن المجتمع الروسي واجه بالفعل سنوات صعبة من العقوبات الأمريكية القاسية، ومن ثم يمكنه استيعاب المزيد من الضغوط عن غيره.
حتى الآن، لم تدفع تحركات المملكة الروس إلى السعي لإجراء محادثات. قال الكرملين إنه لم يُفاجأ بانخفاض الأسعار ولا يرى حاجة للاجتماع بدول الأوبك.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أن حرب الأسعار تمنح موسكو شيئاً لطالما أرادته، فهي تدفع شركات النفط الصخري الأمريكية إلى الإعلان عن تخفيضات كبيرة في إنفاقها. وبدلاً من الانتظار والمتابعة، كما فعل المديرون التنفيذيون لشركات النفط الصخري الأمريكية من قبل عندما حاول السعوديون إفلاسهم في 2014-2016، عمدوا هذه المرة إلى تخفيض الإنفاق “على نحو أسرع بكثير مما كان متوقعاً”، وفقاً لبريان سينغر، وهو مدير إداري في مؤسسة “غولدمان ساكس” المالية الأمريكية.
لماذا إذاً لم تخفّض السعودية إنتاجها النفطي لدعم الأسعار في وقت سابق، ومن جانب واحد؟ نظرة إلى التاريخ هنا تعطينا لمحة حول محاولة سابقة لفعل ذلك. لعدة سنوات بعد أزمة النفط في عام 1979، عمد وزير النفط السعودي آنذاك الشيخ أحمد زكي يماني إلى تخفيض الإنتاج من جانب واحد، دون مساعدة كبيرة من دول الأوبك، للإبقاء على أسعار النفط مرتفعة، عند نحو 34 دولاراً للبرميل. غير أنه بحلول عام 1985، انهارت أسعار النفط من جراء الانخفاض الحاد على الطلب، لتتخلى الرياض عن سياستها، وبعدها بوقت قصير أُقيل اليماني من منصبه.
بين عشية وضحاها، رفعت المملكة إنتاجها بدرجة كبيرة، لتنهار أسعار النفط بنسبة 70% تقريباً خلال الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 1985 إلى مايو/أيار 1986.
وعندما حل السلام بين الرياض وحلفائها في أوبك بعد عام تقريباً استهدفت السعودية سعراً منخفضاً يبلغ نصف ما كانت عليه الأسعار قبل قرار السعودية برفع الإنتاج: 18 دولاراً للبرميل.
وباستثناء الطفرة القصيرة التي حدثت خلال حرب الخليج 1990-1991، استغرق الأمر 15 عاماً لكي تعود أسعار النفط إلى التداول مرة أخرى عند مستويات عام 1985 البالغة 34 دولاراً للبرميل. وكأن كل وزير نفط سعودي منذ اليماني قطع عهداً بعدم تكرار خطئه بخفض الإنتاج من جانب واحد، والأمير عبدالعزيز لا يختلف عنهم.
بمجرد أن فتح الروس الباب أمام فيضان الإنتاج من فيينا، انقضّ السعوديون على الفرصة. وأصدرت المملكة تعليماتها لأرامكو بزيادة طاقتها الإنتاجية لترتفع من 12 مليون برميل إلى 13 مليون برميل يومياً. ومع ذلك، فإن توسعاً إنتاجياً كهذا يعد التزاماً مكلفاً للغاية.
ففي عام 2004، عندما قررت أرامكو رفع طاقتها الإنتاجية من 11 إلى 12 مليون برميل يومياً، أمضت ست سنوات وأنفقت مليارات الدولارات لتعمل على تحقيق المشروع.
وقال خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي آنذاك، في عام 2018 إن رفع الطاقة الإنتاجية بمليون برميل آخر سيكلف المملكة من 20 إلى 30 مليار دولار.
وبات من الصعب عكسُ المسار أيضاً. كتب بسام فتوح، مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في ورقة بحثية نُشرت العام الماضي، قائلاً: “مع زيادة السعودية لقدرتها الإنتاجية، يصبح استعدادها وقدرتها على خفض الإنتاج أكثر تحدياً، فليس هناك أي منتج يرغب في العمل بأقل من طاقته الإنتاجية القصوى”.
تستحوذ على الرياض مخاوف تتعلق بسوق طاقةٍ تشكّله مساعي مكافحة التغير المناخي. وقد حذرت أرامكو، في نشرتها الخاصة بالاكتتاب العام الأولي لعام 2019، من أن الطلب على النفط قد يبلغ ذروته في غضون 20 عاماً. ربما يكون السعوديون اختاروا الاتجاه إلى استراتيجية جديدة تماماً.
إذ بالنظر إلى أن لديهم احتياطيات نفطية ضخمة، ربما تكون تحركاتهم بهدف تحقيق دخل أكبر من تلك الاحتياطيات وعلى نحو أسرع، لكي لا يبقوا بعد ذلك مع أصول تنخفض قيمتها بسرعة كبيرة. ويصف خبراء الطاقة تلك الاستراتيجية بأنها “استراتيجية سريعة لتسييل [تحويلها إلى نقود] الأصول والاحتياطيات النفطية”، ويتبادل مستشارون سعوديون النقاشات حولها في الغرف المغلقة منذ بعض الوقت.
لهذه المنهجية مميزاتها، فمن شأنها تأمين حصة متزايدة للخام السعودي في السوق، وبالتالي دفع المنتجين أصحاب الأسعار المرتفعة للخروج من السوق.
ولا يقتصر الأمر هنا على شركات النفط الصخرية وإنما أيضاً شركات النفط الست الكبار (إكسون، وشل، وبي بي، وشيفرون، وكونوكو فيلبس، وتوتال) التي تتعرض بالفعل لضغوط كبيرة من مساهميها لزيادة الأرباح، إذ سيتعين عليها خفض الإنفاق على تطوير آبار جديدة، والاتجاه إلى زيادة إمداداتها.
ويمكن لانخفاض أسعار النفط أن يؤدي أيضاً إلى إبطاء الاعتماد على الطاقة الخضراء، وخاصة السيارات الكهربائية التي أخذت تنتجها شركة “تيسلا”. وإذا تمكنت السعودية وروسيا من إقصاء عدد كافٍ من المنافسين من تجارة النفط، فربما تعود سوق النفط إلى الازدهار مرة أخرى.
ومع ذلك، فإن استراتيجية تسييل الأصول تنطوي أيضاً على مخاطر هائلة. فارتفاع الإنتاج، إذا صاحبه ضعف الطلب، يفضي إلى انخفاض حاد في الأسعار. وبما أن السعودية اتبعت تلك الاستراتيجية، فإن دولاً أخرى في أوبك قد تنضم إليها، لدفع المزيد من النفط الخام إلى السوق، وهو ما يفضي إلى مزيد من انخفاض الأسعار.
والمملكة بالكاد يمكنها تحمل ذلك، إذ بحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج الرياض إلى سعر نفط يبلغ نحو 80 دولاراً للبرميل لكي تتمكن من موازنة ميزانيتها. والأهم من ذلك، أن ميزان مدفوعاتها يعاني عجزاً مع كل انخفاض عن حاجز 50 دولاراً للبرميل.
ومن دون ارتفاع الأسعار، ستضطر المملكة إلى التعامل مع عجز كبير ومستمر في ميزان المدفوعات، وهو ما يعرض التوازن بين عملتها الريال والدولار الأمريكي للخطر.
وفي النهاية، فإن محمد بن سلمان منذ أصبح الحاكم الفعلي للمملكة اتخذَّ عدداً من الخطوات الاقتصادية والسياسية الخطرة، ومع ذلك فإن تغيير السياسة النفطية على هذا النحو أحد أخطر الخطوات التي اتخذها حتى الآن.