يحمل التراجع الحاد في عائدات النفط في المملكة المزيد من التحديات لاقتصادها المتأزم بفعل فشل نظام آل سعود وتخبط سياساته داخليا وخارجيا.
وأظهرت بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة تراجعاً حاداً في عائدات النفط، خلال الربع الثالث من العام الجاري 2019، والذي شهد هجمات على منشآت رئيسية تابعة لشركة أرامكو شرق المملكة.
وأفادت البيانات بتراجع قيمة صادرات النفط بنسبة 21.5 في المائة على أساس سنوي، خلال الفترة من يوليو/تموز إلى نهاية سبتمبر/أيلول، مسجلة 181.3 مليار ريال (48.3 مليار دولار)، مقابل 230.9 مليار ريال في الربع المماثل من العام الماضي 2018.
وفي سبتمبر/أيلول وحده، بلغت قيمة الصادرات 58.1 مليار ريال، مقابل 77.9 مليار ريال في الشهر ذاته من العام الماضي، بانخفاض نسبته 25.4 في المائة. كما تراجعت حصة النفط من إجمالي الصادرات من 80.1 في المائة في سبتمبر/أيلول 2018 إلى 76.1 بالمائة في نفس الشهر من العام الجاري، فاقدا 4 بالمائة على أساس سنوي.
وفي 14 سبتمبر/أيلول 2019، أعلنت الرياض السيطرة على حريقين وقعا في منشأتي “بقيق” و”خريص” التابعتين لشركة “أرامكو” شرقي المملكة، جراء استهدافهما بطائرات مسيّرة، تبنّتها جماعة “الحوثي” في اليمن.
وكانت الهجمات أدت إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام بنحو 5.7 ملايين برميل يوميا، أو حوالي 50 بالمائة من إنتاج شركة أرامكو، إضافة إلى ملياري قدم مكعبة من الغاز المصاحب.
وأعلن نظام آل سعود بعد 3 أيام من الهجوم، عودة إمدادات الخام إلى مستوياتها الطبيعية كما كانت عليه قبل الهجمات، عبر السحب من المخزونات.
ووفق وثيقة ميزانية المملكة بلغ متوسط إنتاج السعودية النفطي في أول 10 أشهر من 2019، نحو 9.8 ملايين برميل يومياً.
وأعلن نظام آل سعود مؤخرا موازنة العام المقبل 2020 بإنفاق يقدر بنحو 272 مليار دولار، مقابل إيرادات متوقعة بقيمة 222 مليار دولار، ما يشير إلى تسجيل عجز بـ 50 مليار دولار، بينما يقدّر العجز في موازنة العام الجاري بنحو 35 مليار دولار.
و2019 هو خامس عام على التوالي من العجوزات في الميزانية السعودية نتيجة لتراجع أسعار النفط عن مستوياتها منتصف 2014.
ومن المتوقع أن يسجل اقتصاد المملكة نمواً ضعيفاً بنهاية العام الجاري، حيث تشير تقديرات الحكومة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.4 بالمائة، مدعوماً بنمو الناتج غير النفطي.
وأظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 1.1 بالمائة في النصف الأول من 2019، مدعوما بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.5 بالمائة، بينما انكمش القطاع النفطي بنسبة 1 في المائة بسبب اتفاق خفض إنتاج النفط. في حين تتوقع الحكومة أن يعاود النمو الصعود إلى 2.3 بالمائة في 2020.
ويهدد تقليص نفقات المملكة وفق ميزانيتها المعتمدة للعام المقبل بانحسار كبير لمعدلات النمو في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها بفعل فشل وتخبط نظام آل سعود.
وتأمل المملكة الوصول إلى معدل نمو للناتج المحلي إلى 2.3% في عام 2020، مقارنة بـ0.4% متوقعا في 2019، إلا أن تقليص النفقات العامة لن يساعد في تحقيق هذه النتائج، خصوصا أن القطاع الخاص يعتمد بشكل كبير على النفقات العامة التي تعتبر المحرك لنشاطه.
وهناك مجموعة من الاعتبارات أخذ بها صانع السياسة المالية بميزانية المملكة في عام 2020، منها ما يتعلق بالتقلبات السلبية في الاقتصاد العالمي، وتصاعد حدة الحرب التجارية، وأثر ذلك على نمو الاقتصاد العالمي، وكذلك ما تمر به سوق النفط من تقلبات لا تنم عن استقرار أو تحسن بأسعار النفط في الأجل المتوسط.
واستهدف من خلال ميزانية 2020، تشجيع القطاع الخاص، والتركيز على برامج الحماية الاجتماعية، ولذلك وُجد أن هناك ارتفاعا في معدلات الدَّين العام المقدرة في 2020، حيث يستهدف أن يصل هذا الدين إلى 754 مليار ريال (201 مليار دولار) مقارنة بـ 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار) في 2019.
أي أن الدين العام خلال 2020 سيزيد بقيمة 76 مليار ريال، وبنسبة تصل إلى 11.2%.
أما الاحتياطيات الحكومية، فيقدر لها أن تصل في 2020 إلى نحو 346 مليار ريال، مقارنة بـ 490 مليار ريال في 2018، وهو ما يعني تراجع هذه الاحتياطيات بقيمة 144 مليار ريال خلال عامين.
وقدر بيان الميزانية الإيرادات العامة في 2020 بنحو 833 مليار ريال (221.1 مليار دولار)، مقارنة بما هو مقدر في 2019 بنحو 917 مليار ريال، أي أن التراجع في الإيرادات يبلغ 84 مليار ريال، وبما يمثل نسبة 9.1%.
في حين قدرت النفقات في 2020 بنحو 1020 مليار ريال (272 مليار دولار)، مقارنة بما هو مقدر لعام 2019 بنحو 1048 مليارا، أي أن هناك تراجعا أيضًا في النفقات بلغ 28 مليار ريال.
وبذلك بلغ العجز المستهدف في ميزانية العام المقبل 187 مليار ريال، وبنسبة تصل إلى 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني أن هناك ارتفاعًا في قيمة العجز مقارنة بالعام الجاري بنحو 56 مليار ريال، وبما يمثل نسبة 4.7% من الناتج المحلي.