الخوف من سياسة بايدن وحرب اليمن.. كلمة سر تفاوض النظام السعودي مع إيران
يجمع مراقبون على أن الخوف من سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن يعد كلمة سر تفاوض النظام السعودي مع إيران.
ويرى المراقبون أن وصول إدارة بايدن للبيت الأبيض دفع الرياض والقوى الإقليمية في المنطقة للتواصل فيما بينها.
ويعتقد أن النظام السعودي يفكر بأن يعالج مشاكله مع إيران بنفسه ولا يعتمد على دور أمريكي يساهم في استقرار المنطقة في ظل انسحابات بايدن من المنطقة.
وفي ظل تصالح مع قطر، وتبادل رسائل ودية مع تركيا، والآن غزل متبادل مع إيران يظهر النظام السعودي، في مرحلة جديدة من العلاقة مع جيرانه والقوى الإقليمية، عنوانها تقليل التوتر والبحث عن المصالح المشتركة.
الأمر يتعلق هذه المرة بقوتين إسلاميتين وقفتا على طرف النقيض وتبادلا عبارات العداء ودارت بينهما حروب بالوكالة في أكثر من بلد، ما يجعل إمكانية الصلح بينهما حدثًا لا يمر مرور الكرام.
وكان تصريحًا لافتًا من محمد بن سلمان عندما قال في مقابلة صحفية “إيران دولة جارة، وكل ما نطمح له أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة معها”.
ثم أضاف: “نريد أن تكون إيران مزدهرة، لدينا مصالح معها ولديهم مصالح معنا”، رغم أنه استدرك القول بوجود “تصرفات سلبية لإيران في البرنامج النووي والصواريخ الباليستية ودعم ميليشيات خارجة عن القانون”، في إشارته للحوثيين، لكنه مع ذلك استطرد بأنه يتم العمل لإيجاد حلول للإشكاليات وتجاوزها.
تصريحات بن سلمان أكدت ما نقلته صحيفة الفاينانشال تايمز قبل أيام عندما ذكرت أن “مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبار أجروا محادثات مباشرة في محاولة لإصلاح العلاقات”، وأن الجولة الأولى من المحادثات جرت في بغداد يوم التاسع من أبريل/نيسان.
كما أن الرد الإيراني على تصريحات بن سلمان جاء ليؤكد حسن النية، إذ صرحت الخارجية الإيرانية بأن الطرفين يمكنهما “وضع خلافاتهما السابقة جانبًا وبدء فصل جديد من التفاعل والتعاون من خلال الحوار البناء”.
وكانت قُطعت شعرة معاوية بين الطرفين عام 2016 عندما أعلنت الرياض قطع علاقاتها مع طهران بعد هجوم متظاهرين على السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية ردًا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر.
ويعود الخلاف الكبير إلى التوجه الديني بين مملكة سعودية تتزعم الإسلام السني وجمهورية إيرانية تتزعم الإسلام الشيعي، خصوصا منذ اتباعهما استراتيجية نشر نمط التدين السائد فيهما.
واحتك الطرفان أكثر من مرة مؤخرًا، منذ أحداث الربيع العربي إلى الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين، وما تعتبره السعودية تشجيعًا إيرانيًا للحركات الشيعية في الخليج، ووصل التوتر حد اتهام طهران للرياض بمنع الإيرانيين من أداء الفريضة.
لذلك هناك من يرى أن الصلح صعب بسبب هذه الخلافات العميقة لأن المشكلة لا تتحدد بالاختلاف في المصالح السياسية والاقتصادية بقدر ما يمكن وصفه بصراع إيديولوجي بينهما.
كما أن النظام السعودي يخوض مع إيران تسابقًا كبيرًا على النفوذ والسيطرة بينهما، خصوصًا منذ تراجع دول في المنطقة كالعراق.
ومع ذلك فلغة المصالح تجبر الفرقاء على التقارب، خصوصًا عندما يتبين أن الإمعان في العداء يعود سلبًا على البلدين.
إذ الظرفية الحالية تختلف كثيرًا مع وجود رئيس أمريكي، يدفع نحو تحقيق تقدم في الملف النووي عكس سلفه دونالد ترامب الذي كان يحرّض دول المنطقة أكثر على مقاطعة إيران.
وظهرت إدارة بايدن كما لو أنها تخلت عن حلفائها في الخليج، بالتوازي مع الرهان على مهادنة إيران بعكس سلفه ترامب.
لكن يبقي أكبر سبب للتقارب المحتمل بين الخصمين، هو حرب اليمن التي أصبحت عبئًا على النظام السعودي خصوصًا مع استمرار التهديد الحوثي على حدود المملكة والضغط الأمريكي على الرياض لوقف إطلاق النار.
كما أن مجيء بايدن وضع ضغوطًا كبيرة على الرياض خصوصًا مع إثارة إدارته لقضية مقتل جمال خاشقجي، ما جعل محمد بن سلمان يفكر في تقديم تنازلات وإعادة ترتيب المواقف، خصوصًا أن الدور الإقليمي للسعودية بين القوى الإسلامية تراجع في السنوات الأخيرة لصالح إيران وتركيا.