المواطن شريك في صناعة التنمية.. دعاية مفضوحة لمحمد بن سلمان وفريقه

بالمانشيت العريض أصدرت صحيفة الرياض السعودية نسختها الورقية في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بعنوان “للتنمية عنوان”، وكتبت في صفحتها الداخلية تقريرا بعنوان رئيسي “المواطن شريك في صناعة التنمية” استبقته بآخر فرعي يزعم “زيادة نسبة توظيف الشباب وتدريبهم على كسب المهارات”.

وافتتحت الصحيفة تقريرها بالترويج إلى أن المملكة تسعى جاهدة لتعزيز دور المواطنين في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وكان من أبرز ما عمدت له في تقريرها تأكيدها أن المواطنين شركاء بالمساءلة وتقييم الأداء الحكومي والتفاعل بين المواطنين والحكومة.

وقالت إن الحكومة تسعى لإشراك المواطن في التنمية وتفعيل دور الأفراد في التخطيط والتنفيذ والتقييم لمشاريع التنمية وذلك عبر آليات منها استطلاعات الرأي، وأنها تسعي إلى تعزيز دور المواطنين في المحافظة على البيئة من خلال الوعي البيئي، وأنها تستخدم منصات رقمية لجمع آراء المواطنين حول الخدمات الرقمية الجديدة.

وللوقوف على حقيقة ما جاء في تقرير الصحيفة السعودية استطلعت صحيفة “صوت الناس” المعارضة، أراء أعضاء حزب التجمع الوطني حوله ودعتهم لتفنيده، إذ أجمعوا على أنه يكرس الاستبداد وملئ بالمغالطات والأكاذيب التي تستهدف بالمقام الأول تلميع صورة السلطة السعودية، ومن ثم تضليل المواطن وإيهامه بأن السلطة تعمل لصالحه وأن العيب فيه.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب أحمد حكمي، إن كل أحد يجيد الكلام الإنشائي وكتابة المقالات التي تمجّد الأعمال الفارغة من النتائج، مضيفا أن على مدى قرابة العشر سنين ونحن نسمع عن المشاريع العملاقة التي ستبتلع حاجة الشباب والشابات في السعودية إلى سوق العمل.

وأكد أن شكاوى أبناء وبنات الوطن الذين يعانون من البطالة لا تنتهي على مدى هذه السنوات، والسلطة السعودية تتعامل مع هذه الشكاوى والاستجداءات بمزيد من القمع وتكميم الأفواه، جازما بأن “لن يحدث إصلاح اقتصادي حقيقي حتى يشعر المواطن بالأمان بأن يعبر عن همومه ومعاناته بلا خوف من التخوين وتهم التأليب المعلبة”.

ورأى حكمي، أن هذا التقرير يفضح الاستبداد في السعودية بتكريس الفصل بين الحكومة والشعب، موضحا أن استخدام كلمة “إشراك” للمواطن يشي بالاستعلاء الذي تمارسه السلطة في السعودية على الشعب حيث أن السلطة هي من تقرر مدى إشراك المواطن في أمور عيشه وحياته.

وأكد أن في المجتمعات التي ترعى حقوق الإنسان المدنية، يتولى فيها الشعب مؤسسات المجتمع المدني التي تختار الحكومة وتراقب أداءها، بل وتفصلها وتستبدلها إن فشلت أو فسدت.

وعد حكمي، المجالس البلدية ومجالس اتحاد المدارس في كل مدينة، مثال على هذه المشاركة الفاعلة وليس “الإشراك”.

واستنكر زعم التقرير أن آلية هذا الإشراك هو بجمع آراء المواطنين، وعده أمر “مضحك مبكٍ”، حيث تعتقل السلطة السعودية الآلاف من المواطنين بمدد خيالية تبلغ عشرات السنين فقط بتهم تخصّ ابداءهم للرأي، مؤكدا أن الشعب لا يشعر بالثقة ولا الأمان تجاه هذه السلطة التي انتهجت البطش والقمع وسيلة في أن يبدي رأيه بكل شفافية.

قال التقرير إن المملكة تسعى إلى بناء مجتمع متماسك يساهم أفراده بفاعلية في تحقيق التنمية المستدامة؟ هل تماسك المجتمع يكون بتحريض الشعب على بعضه وإيعازه بالإبلاغ عن بعضهم وغيرها من أشكال التأليب؟

ووصف حكمي التقرير بأنه “ليس إلا بروباغندا فارغة لملء صفحات المجلة وإشغال الناس”، ساخرا من قوله إن المملكة تسعى لبناء مجتمع متماسك يساهم أفراده بفاعلية في تحقيق التنمية المستدامة، بينما الثابت أنها تحرض الشعب على بعضه وتعمد إلى إيعازه بالإبلاغ عن بعضهم وغيرها من أشكال التأليب الأخرى.

وقال إن عدو الاستبداد الأول يكمن في مجتمع متماسك يحرص أفراده على مصالح بعض، ولو اجتمع الناس وتماسكوا لنبذوا الاستبداد و أطاحوا به، لكن السلطة تحرص على تحريض الشعب على بعضه وتكرس ذلك، فيخشى الأخ من أخيه والزوج من زوجته والأب من أبنائه فيبقى المستبد مسيطراً على هذا المجتمع المنقسم الخائف، أو كما قال الأول “فرّق، تسد”!.

وعن ما تعليقك على الترويج لسعي المملكة إلى تعزيز دور المواطنين في المحافظة على البيئة من خلال الوعي البيئي؟

وعن حديث التقرير عن سعي المملكة لتعزيز دور المواطنين في المحافظة على البيئة من خلال الوعي البييئ، جزم حكمي، بأن السلطة السعودية ليست جادة في المحافظة على البيئة.

وذكر بأن ولي العهد محمد بن سلمان، خرج قبل سنوات معلنا عن مشروع السعودية الخضراء واعداً بزراعة 110 مليارات شجرة، في ذات الوقت يعاني أهالي مدينة جدة منذ عشرات السنين من انبعاثات مياه الصرف الصحي الفاسدة التي تملأ شوارعها، مؤكدا أن هذه العناوين البرّاقة فقط لامتصاص غضب الشعب والهروب للأمام ولا تمت للواقع بصلة.

وأكد عضو الحزب ناصر العربي، أن هذا النمط من السياسات هو تسويق لصورة يراد غرسها في الوجدان الاجتماعي، مشيرا إلى أن الحكومة لا تتوقف عن ترويج هذا النوع من الدعاية “المواطن شريك في التنمية” و “المواطن هو العنصر الأساسي في رؤية ٢٠٣٠” وغيرها من الشعارات.

وقال إن الدولة تعيش انفصام حقيقي عن الواقع، فهي تدعي أن لديها برنامج لجودة الحياة، في الوقت الذي تقول المؤشرات الحقيقية عكس ذلك، فالتكاليف المعيشية في تزايد بعد رفع الدعم الذي كانت توفره الحكومات السعودية طوال العقود الماضية منذ السبعينيات.

إضافة إلى تكاثر الرسوم التي تفرضها الحكومة السعودية، فلا يمر شهر إلا وتفرض رسوم جديدة، والآن تخطط مع البنك الدولي لفرض ضرائب على الدخل والعقارات.

وأكد العربي، أن ما يحدث هو جزء من سياسية التخدير العام، حيث الدعاية العامة هو تخصص تعتمده الدولة في تعاملها مع الشعب، حيث للدولة عقود ضخمة في الترويج لها ولسياستها، وهذه الدعاية تزعم أن الدولة تحقق نجاحات مهولة في كل الجوانب الاقتصادية والسياسية.

وأشار إلى أن هذه الدعاية تخلق في عقل المواطن العاطل وصاحب الدخل المحدود والناقم على سياسات الدولة التبذيرية حاله من التشويش في قراءات الواقع، فالعاطل سيتوهم أنه هو المشكلة، وأنه غير محظوظ وأنه يجب عليه أن يبحث أكثر وأن يرضى بما يجده من فرص حتى لو كانت متدنية.

ولفت العربي، إلى أن صاحب الدخل المحدود أيضا سيشعر بخيبة آمل لأجل حظه العاثر، في الوقت الذي يشاهد الدولة تزعم أنها تقدم كل أدوات النجاح والرفاهية للمواطنين، لهذا يبدأ المواطن يشك في قدراته ومؤهلاته، ويبدأ مشوار جديد من البحث عن طرق يحقق من خلالها أحلامه، لكن في آخر الأمر يكتشف أن الدعاية السياسية فصلته عن رؤية الواقع بشكل حقيقي.

وعن ادعاء الحكومة استخدام منصات رقمية لجمع آراء المواطنين حول الخدمات الرقمية الجديدة، قال العربي إن التطبيقات الإلكترونية، لها أكثر من بعد، الأول هو حصر المواطنين في تطبيقات حتى يسهل جمع البيانات، والثاني تقليل عدد الموظفين في الكثير من القطاعات واستبدالهم ببرمجيات تؤدي الغرض بشكل أفضل على حسب وجهة نظر الحكومة.

وأكد أن تماسك المجتمع يكون بإيجاد منصات حوارية حرة، وبرلمان ممثل من الشعب، لكن الذي يحدث هو إرهاب المجتمع وقمع كل صوت ناقد، ومحاولة خلق حالة رعب عن طريق تأليب المواطنين بعظهم على بعض، حتى من يساند فلسطين يتم الآن محاولة قمعه وإسكاته، قائلا “إنها الفاشية السياسية في أجل أشكالها”.

أما عن الوعي البيئي، فقال العربي، إنها مخطط بائس لتهجير العديد من سكان العديد من المناطق البرية والساحلية، مشيرا إلى أن العديد من القبائل يسكنون كثير من هذه الأماكن، ولهذا يتم التحضير لاقتلاعهم من جذورهم كما حدث من قبيلة الحويطات، وما القوانين والدعايات حول حماية البيئة إلا مقدمات لهذه المشاريع، التي تسمى محميات.

ودعا المواطنين إلى البحث باسم المحميات الجديدة في الانترنت وسوف يفاجئون بمخططات ومحميات تم إلحاقها بالديون الملكي لأجل اقتسامها من قبل محمد بن سلمان وبعض المستنفعين معهم مثل ما حدث مع سكان الخريبة التي تسمى اليوم نيوم.

وقالت خلود العنزي، إن الذي يقرأ تقرير الصحيفة السعودية دونما النظر إلى ما هو أبعد من المحتوى ذو الدعوات البراقة، سيجد أن هذه السياسة التي تتبعها السلطات السعودية، سياسة مرحبة بآراء المواطنين وإن اختلفت مع رؤية الحاكم، ولكن عند النظر إلى الواقع سنجد تاريخ السلطات السعودية ممتلئ بالقمع.

وأضافت: “هنا تذكرت سياسة الأبواب المفتوحة وحضرني الاقتصادي عصام الزامل عندما كان يطرح آراؤه الاقتصادية التي لم تروق للحاكم فتم اعتقاله وحكم عليه في 2020 بالسجن 15 سنة، وغيره ممن طالبوا بالإصلاح وعبروا عن آرائهم بطريقة سلمية فانتهى بهم المطاف في السجون.

وتابعت العنزي: “أيضاً عندما تقول السلطات إنها تسعى جاهدة لتعزيز دور المواطن في تحقيق التنمية، وتطلب منهم ممارسة أدوارهم كمواطنين لهم رأي ومشاركة، هذا الكلام مثير للضحك والسخرية حقيقة، لأنه بمجرد أن يبدي المواطن رأيه بأي أمر يخالف توجه الحاكم يتم اعتقاله فوراً، فإذا عن أي دور للمواطن نتحدث، وعن أي مساءلة؟!”.

وأعربت عن خشيتها أن يكون استطلاع الآراء وغيرها حول أي موضوع مجرد فخ نصبته السلطات لمن لديهم نفَس المعارضة، أو غير راضين عما يحدث من تغييرات وإن كان عدم الرضا عن بعض الأمور وليس كلها، وخلصت إلى أن كل ما يقال ويشير إلى ضرورة ممارسة المواطن دوره في وطنه “ضحك على الذقون” في ظل تكميم الأفواه والاستبداد وتكبيل الإنسان في مملكة الإنسانية.