منظمة دولية تطالب بالمزيد من الإصلاحات في المناهج المدرسية
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية بالمزيد من الإصلاحات في المناهج المدرسية في ظل تضمنها تمييز ضد الأقليات.
وقالت المنظمة في تقرير لها إنه لا تزال الإشارات المهينة إلى ممارسات الشيعة والصوفية موجودة في المناهج الدراسية السعودية.
وذكرت أن السعودية اتخذت “خطوات مهمة لإلغاء محتوى الكراهية وعدم التسامح من كتب الدين المدرسية، لكن الكتب الحالية تبقي على اللغة المهينة للممارسات المرتبطة بالأقليات الدينية”.
توصلت مراجعة شاملة أجرتها هيومن رايتس ووتش للكتب المدرسية الصادرة عن وزارة التربية للعامين الدراسيين 2019-2020 و2020-2021.
إلى أن بعض الممارسات المرتبطة بالشعائر الإسلامية الشيعية والصوفية لا تزال توصف بأنها غير إسلامية ومحظورة.
المنهاج عنوانه “التوحيد”، وهو مادة إلزامية لمراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي.
ولم تراجع هيومن رايتس ووتش النصوص الدينية الإضافية التي تتناول الشريعة الإسلامية، أو الثقافة الإسلامية، أو التفسير، أو تلاوة القرآن.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن التقدم البطيء الذي حققته السعودية في إصلاح الكتب المدرسية قد اكتسب أخيرا زخما في السنوات الأخيرة”.
وأضاف “لكن ما دامت النصوص تستمر في الاستخفاف بالمعتقدات والممارسات الدينية للأقليات، بما في ذلك المواطنين السعوديين، فإنها ستساهم في تعزيز ثقافة التمييز التي تواجهها هذه الأقليات”.
في 2017، أجرت هيومن رايتس ووتش مراجعة شاملة للمناهج الدينية ووجدت العديد من الانتقادات القاسية الموجهة ضد الشيعة والصوفية.
بالإضافة إلى لغة غير متسامحة ومهينة عن المسيحية واليهودية.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن المنهاج لا يشير بشكل مباشر إلى الشيعية ولا يستخدم مصطلحات مهينة.
بدلا من ذلك، تنتقد النصوص بشدة الممارسات والتقاليد المرتبطة ارتباطا وثيقا بممارسات الطائفة الشيعية بعبارات عامة، وتصفها في كثير من الحالات بأنها دليل على الشرك، الذي يؤدي إلى الخروج من الإسلام وحلول لعنة أبدية على من يمارسونها.
قال نشطاء سعوديون وخبراء استشارتهم هيومن رايتس ووتش إن الطلاب السعوديين سيفهمون على الفور أن المقصود من النقد في هذه النصوص هي المعتقدات والممارسات الشيعية، رغم أن النصوص لا تستخدم كلمة شيعة.
رغم أن بعض الانتقادات تنطبق أيضا على الممارسات الدينية الصوفية.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول إلى النسخ الإلكترونية من الكتب المدرسية المتاحة من خلال موقع وزارة التعليم السعودية.
بدلا من ذلك، عثرت على المنهاج على مواقع سعودية تنشر نسخا من النصوص الرسمية.
تم مقارنة محتوى الكتب المدرسية بين المواقع المختلفة للتأكد من صحتها.
لم يكن سوى الفصل الدراسي الأول من منهاج 2020-2021 متاحا عبر الإنترنت وقت المراجعة.
استخدم منهاج 2019-2020 في مراجعة كتب الفصل الدراسي الثاني.
بين عامَي 2017 و2020، أجرت وزارة التربية العديد من التغييرات على النصوص استجابة لسنوات من الانتقادات من قبل السلطات الأمريكية.
بما في ذلك مشروع قانون تم تعميمه في “الكونغرس” الأمريكي، والذي يطلب من وزير الخارجية تقديم تقرير سنوي إلى الكونغرس حول ما إذا كانت السعودية قد أزالت المحتوى “غير المتسامح” من كتبها المدرسية.
مع ذلك، اقتصرت هذه التغييرات في الغالب على كيفية عرض الأديان أو الجماعات الأخرى في الكتب المدرسية.
بما في ذلك إزالة ما يشير إلى كراهية المسيحيين واليهود والمثليين/ات، مزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، إضافة إلى إزالة اللغة العنيفة والمعادية للسامية.
“إمباكت – إس إي” (“IMPACT-se”)، وهي منظمة إسرائيلية تراقب التسامح الثقافي في المدارس على مستوى العالم، راجعت أحدث الإصدارات المتاحة من النصوص ولاحظت أنه رغم بقاء بعض الإشارات الإشكالية، يُعَدّ حذف العديد من الأمثلة “تحسنا كبيرا وتطورا مشجعا، يُفهم على أنه يمثل خطوة نحو الاعتدال”.
تم التقليل من الإشارات الأكثر وضوحا التي تستهدف الشيعة، لكن لا يزال هناك الكثير من اللغة الضمنية التي تشير لهم.
مثلا، لا تزال الكتب المدرسية تصنف بعض الممارسات والتقاليد المرتبطة بالشيعية والصوفية كدليل على الشرك “فشركهم يحبط جميع أعمالهم”، ويرفض الله توبتهم، وتحلّ عليهم لعنة أبدية، كما جاء في كتاب الفصل الثاني للصف الرابع (9 سنوات) (ص.25).
تشير الكتب المدرسية الجديدة الآن إلى أولئك الذين يؤدون هذه الممارسات بشكل صريح على أنهم “مشركون”، بدلا من الإشارة إليهم بأنهم “كفّار”.
يستخدم هذا المصطلح الآن بشكل صريح في الكتب المدرسية لغير المؤمنين.
تشمل الممارسات التي توصف بالشرك زيارة قبور الشخصيات الدينية البارزة، والتوسل، حيث يتوسل الشيعة والصوفيون إلى الله عبر شفعاء.
يدين النص “دعاء الأموات”، في إشارة ضمنية إلى ممارسة الشيعة للشفاعة (التوسل)، بما في ذلك دعاء “الصالحين”، أو “الموتى”، أو عند “القبور” و”الأضرحة”. على سبيل المثال، يستشهد كتاب الفصل الثاني للصف الرابع بعدة أمثلة على الشرك، أولها دعاء الأموات (انظر أدناه).
أزيلت أيضا صور الأضرحة والمقابر الشيعية المقدسة من النصوص التي تمت مراجعتها، بالإضافة إلى العديد من الإشارات إلى الحسين، حفيد النبي، وهو شخصية مقدسة لدى الشيعة.
مع ذلك، يحرم كتاب الفصل الثاني في الصف الرابع الحلف بغير الله ويذكر الحسين كمثال.
يحدد كتاب الفصل الدراسي الأول للصف الرابع أربعة أركان أساسية للتوحيد؛ عدم الاستعانة بغير الله، وعدم الاستعاذة بغير الله، وعدم الحج لغير الله، وعدم الركوع لغير الله.
تصف الكتب المدرسية ممارسات معينة بأنها “بدع”، والتي يعتبرها المؤلفون شكلا من أشكال الشرك.
وتشمل الحج أو الركوع لغير الله، وبناء المساجد والأضرحة فوق القبور، وهي أمثلة واضحة على الممارسات الشيعية / الصوفية.
يفرد كتاب الفصل الثاني للصف السابع (12 سنة) درسا كاملا عن سبب اعتبار زيارة القبور شِركا، ويقول إن لعنة تحل على من يتخذ القبور مساجد.
تعتبر “النياحة على الميّت” في الكتب المدرسية شكلا من أشكال “الكفر الأصغر” في كتاب الفصل الأول للصف السادس.
ترتبط النياحة ارتباطا وثيقا بمظاهر الجلد والحداد لدى الشيعة إحياءً لذكرى استشهاد الحسين المعروفة باسم “عاشوراء” خلال الشهر الأول من التقويم الإسلامي.
تستمر كتب الدين أيضا بحصر الإسلام بـ”أهل السنة والجماعة”.
في 2017، لاحظت هيومن رايتس ووتش إشارة في كتاب الوحدة الأولى لمناهج المرحلة الثانوية (سن 15 عاما) تؤكد أن الإسلام السني حصل على أفضل ما مُنح لأمة النبي محمد، لأن أهل السنة “يمثلون حقيقة الإسلام علما وعملا”.
لا تزال هذه العبارة مدرجة في أحدث نسخة تمت مراجعتها من النصوص.
علاوة على ذلك، تحذر النصوص من “الغلو” في آل البيت، والتي تعتبرها شكلا من أشكال الشرك.
وهذه إشارة مباشرة إلى اعتقاد الشيعة بأن عليّ، ابن عم النبي وصهره، وأحفاده الحسن والحسين مقدسون.
قال محام سعودي من المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية لـ هيومن رايتس ووتش إن جميع المسلمين في السعودية، بغض النظر عن مذهبهم، مطالبون باستخدام هذا المنهج حتى لو وجدوا أنه مهين شخصيا. أي بوادر احتجاج تؤدي إلى تخفيض درجات الطالب. بالإضافة إلى ذلك، قال المحامي إن نشر فكرة أن المسلمين الشيعة والصوفيين مشركون قد يعرضهم للمضايقة أو حتى العنف.
مع استثناءات قليلة، لا تتسامح السعودية مع أتباع ديانات أخرى غير الإسلام في ممارسة العبادة علانية، وتميّز بشكل منهجي ضد الأقليات الدينية المسلمة، لا سيما الشيعة الاثنا عشرية والإسماعيلية، بما في ذلك في التعليم الحكومي، ونظام العدالة، والحرية الدينية والتوظيف.
نفّذت السعودية في 23 أبريل/نيسان 2019 عملية إعدام جماعي لـ 37 رجلا في مناطق متفرقة من البلاد. كان ما لا يقل عن 33 من الذين أُعدموا من الأقلية الشيعية في البلاد. كانوا قد أدينوا بعد محاكمات جائرة لجرائم مختلفة مزعومة، بما في ذلك جرائم متعلقة بالاحتجاج، والتجسس، والإرهاب.
قال بَيْج: “أحرزت السعودية تقدما، لكن الوقت لم يحن لإعلان إنهاء إصلاح الكتب المدرسية. طالما بقيت الإشارات المهينة للأقليات الدينية في النصوص، فستستمر في إثارة الجدل وستبقى محط إدانة”.