قال موقع أميركي إن المملكة وجدت نفسها أمام فوضى اقتصادية إزاء استراتيجيات آل سعود غير المدروسة في حرب أسعار النفط العام مع روسيا، وعجزها عن تحمل تداعيات جائحة كورونا والضغط الأميركي المتزايد عليها.
وأوضح الكاتب سايمون واتكينز، في مقالة نشرها موقع “أويل برايس”، أن المملكة استفاقت سريعا من نشوة “الانتصار” المزعوم الذي حققته في حربها النفطية، لتجد نفسها أمام فوضى حقيقية فرضتها الضغوطات الاقتصادية الهائلة.
ورأي “واتكينز” أن الظرف الحالي مغاير تماما عن آخر مرة شنت فيها المملكة مثل هذه الحرب النفطية بزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار، (2014 و2016)، حين كانت قادرة على تهديد صناعة النفط الصخري الأميركي دون أن تتكبد خسائر فادحة.
ففي أغسطس/آب 2014، كان لدى السعودية احتياطيات هامة من النقد الأجنبي تُقدر بـ737 مليار دولار أميركي، وهو ما مكنها من المناورة وتغطية عجز الميزانية عندما انخفضت أسعار النفط.
واستدرك: لكن المملكة انساقت هذه المرة وراء إستراتيجية خفض الإنتاج في وقت غير ملائم بالمرة، فهي تجابه أخطر جائحة عالمية منذ الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، وتشهد زيادة غير مسبوقة في ديونها السيادية.
وتوجهت المملكة إلى أسواق المال العالمية مرتين هذا العام واقترضت 19 مليار دولار من مستثمرين محليين وأجانب.
وبالأرقام، استنزف البنك المركزي السعودي في مارس/آذار الماضي صافي أصوله الأجنبية بمعدل لم يحدث منذ عام 2000.
ففي هذا الشهر وحده، انخفض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية بما يفوق 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار)، أي ما يعادل 5% مقارنة بشهر فبراير/شباط.
ويبلغ إجمالي احتياطي النقد الأجنبي في البلاد حاليا 464 مليار دولار، وهو أدنى مستوى تسجّله المملكة منذ عام 2011، فيما شهد الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا في عجز موازنة المملكة بتسعة مليارات دولار إضافية، حسب “أويل برايس”.
وأشار الكاتب الأميركي إلى أن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها المملكة، بجانب “حماقة” رفع إنتاج النفط في ظرف غير ملائم (أزمة كورونا)، ما أفرزته هذه السياسة من ضرر بالغ على علاقتها بالولايات المتحدة، وهو ما قد تدفع ثمنه غاليا في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
ونشرت وكالة رويترز تقريرا خاصا قالت فيه: إنها علمت من مصادرها أن الرئيس دونالد ترامب هدد في خضم الحرب الأخيرة في أسواق النفط بقطع الدعم العسكري الأميركي عن السعودية إذا لم تتوقف عن إغراق الأسواق، وذلك في مكالمة أجراها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2 أبريل/نيسان الماضي.
وقررت وزرارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في وقت سابق من مايو/ أيار الحالي، سحب بطاريات باتريوت ومقاتلات وجنود من الأراضي السعودية، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” التي قالت إن واشنطن تدرس أيضا تخفيض تواجدها البحري في منطقة الخليج.
وأكد “واتكينز” أن الولايات المتحدة لا تبدو مستعدة حاليا للتسامح مع أي خطوة سعودية جديدة لا تتوافق مع المصالح الأميركية، خصوصا أن كبار المشرعين الديمقراطيين وعددا من المشرعين الجمهوريين، يميلون إلى “معاقبة” المملكة بسبب الأضرار التي ألحقتها بالاقتصاد الأميركي.
ورجح أن يلجأ المشرعون في الولايات المتحدة إلى تفعيل “قانون نوبك” الذي يهدف إلى إزالة حصانة الدول المصدرة للنفط، وهذا قد يفتح الباب أمام محاكمة المسؤولين السعوديين بموجب القانون الأميركي لمكافحة الاحتكار، وفق الكاتب.
ومن وجهة نظر، صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن الشراكة بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية لن تزدهر في ظل حكم ولي العهد بن سلمان، بسبب تجاهل الأخير مطالب واشنطن المتعددة.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عام 2020، قضي عليها بفعل الانفجار المفاجئ لفيروس كورونا.
وأوضحت الصحيفة أن بن سلمان كان يراهن على قمة العشرين، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وستتحول القمة إلى لقاءات عن بعد، عبر الإنترنت، وهو ما يخلق واقعا جديدا له، يضعف من آماله وطموحاته والمشاريع التي روج لها بوصفها حداثة.
ورأت الصحيفة أن إعلان وزير الاقتصاد السعودي تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، ورغم عدم إعلان أسمائها، إلا أن مشروع “نيوم” الذي كان سيكلف 500 مليار دولار سيكون الضحية الأولى.
وأشارت إلى أن المشاريع السياحية، التي جعل منها بن سلمان شعارا آخر لمخطط انفتاحه، ستشهد بطئا.
وقال الدبلوماسي الفرنسي السابق فرانسوا توازي، إن الموجة الثانية من إجراءات التقشف في السعودية، مثل تجميد المساعدات المباشرة، التي كان يتم تقديمها للمحتاجين والرفع من الضريبة المضافة من 5% إلى 15%، كلها ستؤدي إلى “نهاية دولة الرفاهية”، وهو منعطف حقيقي في السعودية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الكثير من الإجراءات الأخيرة، تعود إلى تهاوي سعر البترول دون 30 دولارا للبرميل بعدما كان في بداية آذار/مارس يفوق 50 دولارا، علما أن البترول يشكل 70% من مداخيل الدولة السعودية، وبهذا تجد البلاد نفسها أمام أزمة غير مسبوقة منذ عقود.
وفي وقت لاحق، توقع خبراء ألمانيون، انهيار، “رؤية 2030” الذى يسعى ولى العهد السعودي محمد بن سلمان تطبيقها في المملكة السعودية؛ لرسم صورة جديدة لبلاده، واستندوا في ذلك إلى عدة أسباب.
ومن هذه الأسباب، بحسب المراقبين الألمان، فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.