تقف المملكة أمام تحول خطير يفرض أولويات جديدة وسط مخاوف من أن تدفع الكثير ثمنا لفساد نظام آل سعود وكبار رموزه، ولفشل خططه الاقتصادية وإنفاقه المليارات على فساد الترفيه ودعم الثورات المضادة.
في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة وتهاوي غير مسبوق لأسعار النفط يجب على نظام آل سعود اليوم وليس غداً وقف دعم الثورات المضادة في الدول العربية التي مولها بثروات طائلة على مدى السنوات التسع الماضية.
كما يجب على نظام آل سعود توفير مليارات الدولارات المخصصة لتمويل حرب اليمن المشتعلة منذ 5 سنوات وقتل أطفال “اليمن السعيد”، لأن هناك ما هو أهم لصرف هذه الأموال
على المملكة أن تجمد المشروعات السياسية واستثمارات اللقطة التي تستنزف مليارات الدولارات من دون أن يكون لها مردود على الاقتصاد والمجتمع والشباب العاطل، أن تتوقف أيضا عن مجرد التفكير في تمويل صفقة القرن وتوفير الغطاء والدعم المالي لجريمة بيع فلسطين في مزاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعلى المملكة الاستعداد لتقبّل فكرة تأخر ترتيبها في قائمة أكبر مستوردي السلاح في العالم، فلا موارد باتت متاحة لتمويل شراء أسلحة بمئات المليارات من الدولارات سنويا، ولم تعد لديها قدرة مالية لشراء الولاءات السياسية ومواقف الدول الكبرى عبر إبرام صفقات ضخمة لشراء أسلحة مصيرها الصدأ لأنه يتم وضعها في المخازن.
يجب على نظام آل سعود اليوم شد الحزام والتقشف من اليوم وليس غدا، فتداعيات فيروس كورونا الاقتصادية والمالية الخطيرة أمامه، وتهاوي أسعار النفط خلفه، والمواجهة قادمة مع روسيا في أسواق النفط، وروسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي في عام 1991، وفلاديمير بوتين ليس ميخائيل جورباتشوف أو بوريس يلتسن.
لا مفر أمام المملكة من التقشف وترشيد الإنفاق العام، والتراجع عن رصد مليارات الدولارات لحفلات الترفيه واستجلاب رموز الغناء والرقص العالميين إلى الأراضي المقدسة، في الوقت الذي يعيش فيه ملايين الفقراء والشباب العاطلين في هذه البقعة من العالم التي تعوم على النفط والغاز.
في زمن تهاوي أسعار النفط إلى أقل من 28 دولارا، وتدحرجه متجها إلى 20 دولارا، وربما 12 دولارا خلال أسابيع، واستمرار الحرب النفطية الشرسة بين المملكة وروسيا، وخسائر بمليارات الدولارات للقطاعات الاقتصادية المختلفة، لا مكان في هذا الزمن لحفلات تركي آل الشيخ الترفيهية، ولا مجال لإبرام صفقات رياضية وفنية خيالية ومريبة.
في عصر شح السيولة وعجز الموازنات العامة وتفاقم الخسائر المالية لا توجد فرصة أمام نظام آل سعود لإحياء الحفلات الغنائية العالمية الصاخبة والرقص.
في زمن انتشار فيروس كورونا وتهاوي مؤشرات البورصات الخليجية وإيرادات النفط ووقف العمرة، لا مكان للحديث عن مشروعات “نيوم” التي قيل إن تكلفتها الاستثمارية تتجاوز 500 مليار دولار وتمتد من السعودية إلى الأردن ومصر، كما يجب أن نتعامل مع الأخبار التي من عينة “السعودية تخصص لاستثمار 64 مليار دولار في قطاع الترفيه” على أنها اضغاث أحلام أو جزء من الماضي.
المملكة باتت على موعد مع مرحلة جديدة، مرحلة بالغة الصعوبة، من أبرز عناوينها، زيادة وتيرة الاقتراض الخارجي، زيادة الضرائب، زيادة أسعار السلع ومنها البنزين والسولار، فرض مزيد من الرسوم على المواطن والوافد، الاستغناء عن آلاف من العمالة العربية والأجنبية، حفاظا على ما تبقّى من نقد أجنبي، وعدم الضغط على العملات المحلية، تسارع وتيرة السحب من احتياطيات النقد الأجنبي المودعة في الخارج، والتي تشكل صمام أمان لهذه الاقتصاديات الريعية المعتمدة على النفط. وربما وقف التعيينات في الجهاز الاداري بالدولة وتجميد آلية التوظيف في القطاعين العام والخاص.
من الفنادق الفارغة إلى رحلات الطيران المعلّقة، تقف المملكة على أعتاب مرحلة اقتصادية صعبة، تتأثر بإجراءات الحماية من فيروس كورونا المستجد، ويعمّقها انهيار أسعار النفط وتدابير التقشف المحتملة.
من المتوقع حدوث خسائر فادحة بعدما أغلقت المملكة دور السينما والمراكز التجارية والمطاعم، وعلّقت رحلات طيران وأداء مناسك العمرة، ومنعت الخروج والدخول من منطقة القطيف (شرق) التي يسكنها حوالى نصف مليون نسمة في محاولة لاحتواء الفيروس.
وتواجه المملكة أيضًا تحدي انخفاض أسعار النفط، الركيزة الأساسية للإيرادات الحكومية مما يستدعي اتخاذ إجراءات تقشف من المحتمل أن تعرّض مشاريع تنويع الاقتصاد الضخمة لخطر التأجيل.
ومما قد يزيد من الاضطرابات، الاعتقالات الأخيرة التي طاولت شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز وابن أخيه الأمير محمد بن نايف، والتي أوحت بحدوث اهتزاز في الاستقرار السياسي وسط صمت حكومي علني.
وبحسب مؤسسة “انيرجي انتليجنس غروب” البحثية، فإن المملكة تستعد للتعامل مع أسعار النفط منخفضة جدا، ما بين 12 و20 دولارًا للبرميل.