تهاوي مكانة المملكة.. ثمن باهظ لتهور بن سلمان وتخبط سياساته

ظهر نظام آل سعود ينتفض رعباً من قمة خمسة دول إسلامية انعقدت قبل أيام في العاصمة الماليزية كوالالمبور ما اعتبره مراقبون دليلا صريحا على تهاوي مكانة المملكة.
وأصبح التراجع الشديد في مكانة المملكة محمل إجماع الأوساط السياسية العربية والإقليمية منذ وصول محمد بن سلمان إلى منصب ولاية العهد منتصف عام 2007 وفرضه سياسات تمثل انقلابا على إرث وتاريخ المملكة.
المملكة اليوم يختلط فيها فرض التغريب الصادم، باسم تسريع “التطوير”، مع الإمعان في الاستخفاف بعقول الأمتين العربية والإسلامية في ظل حالة من الاحتقار الذاتي بالأفعال، لمكانة المملكة عربياً وإسلامياً.
وهو واقع يختزل الواقع المأساوي والمحزن الذي وصلت إليه المملكة لا سيما بعدما ألحقت نفسها بسياسات محور مناهضة ثورات الربيع العربي في مواجهة شارع عربي مطالب بكرامته وحريته.
ولا يبدو 2020 سيعفي عقولنا من تلوث الصبيانية الارتجالية، في السياسة المنتهجة من محمد بن سلمان الذي يقود المملكة إلى الهلاك مع تراجع شديد في مكانتها وقدرتها على حماية نفسها.
أبرز ملامح ذلك ما تحدثت فيه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، بشأن “انعطافة سعودية” نحو الدبلوماسيّة لتهدئة التوترات مع خصومها الإقليميين بما يثبت فشل استراتيجيات وسياسات بن سلمان.
إذ أن ولي العهد أطلق محادثات مباشرة مع “الحوثيين” الذين حاربهم لأربع سنوات، وأرسل إشارات لتخفيف، إن لم يكن إنهاء، الحصار الذي فرضه مع حلفائه على دولة قطر، فضلا عن ذلك شارك في محادثات غير مباشرة مع الخصم اللدود للمملكة، إيران في محاولة لإخماد الحرب بالوكالة، المستعرة في أنحاء المنطقة.
ويشير المحلّلون إلى أنّ هذا التحول من المواجهة إلى التفاوض، هو نتيجة لإدراك أنّ حجر الأساس، منذ عقود، للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، والقائم على أنّ الولايات المتحدة ستدافع عن صناعة النفط السعودية من الهجمات الأجنبية، أمر لم يعد من الممكن اعتبار أنّه مسلّم به.
وتحدثت الصحيفة عن الهجمات التي طاولت منشآت نفط سعودية، في سبتمبر/أيلول من هذا العام، مشيرة إلى أنّ الردّ الأميركي الفاتر عليها أوصل إلى حقيقة مفادها أنه، على الرغم من عشرات مليارات الدولارات التي أنفقها السعوديون على الأسلحة الأميركية، والتي تخطّت 170 مليار دولار منذ عام 1973، لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة لتقديم مساعدتها، أو على الأقل، ليس بالقوة التي توقعوها.
ونقلت الصحيفة عن المحلّلين، قولهم إنّ السعوديين القلقين من اضطرارهم إلى الدفاع عن أنفسهم في محيط صعب وغير قابل للتنبؤ به، مدّوا أيديهم بهدوء إلى أعدائهم لوقف تصعيد النزاعات.
ويقول الباحث في شؤون المنطقة في جامعة “كينغز كوليدج” لندن، ديفيد روبرتس: “أعتقد أننا سننظر إلى 14 سبتمبر/أيلول كلحظة مؤثرة في تاريخ الخليج”، مشيراً إلى أنّه مع تحطّم افتراض أنّ الولايات المتحدة ستحمي السعوديين، يدرك هؤلاء الحاجة لأن يكونوا أكثر استيعاباً.
وأدت سلسلة الأحداث هذه إلى ما يصفه روب موالي، وهو مسؤول كبير في منطقة الشرق الأوسط في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بأنه “شبه إعادة ضبط” للسياسات السعودية.
وقال إنّ “الاستعداد المفاجئ لاستئناف الدبلوماسية في قطر واليمن، يعكس رغبة السعودية في تعزيز موقفها الإقليمي في وقت يشوبه الغموض والضعف”. وقد تلطخت سمعة السعوديين في واشنطن بشدة من جراء الحرب في اليمن، وحصار قطر، ومقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول، العام الماضي.