التقرب من بن سلمان والموالاة للغرب.. شرطان للتوزير في المملكة
لا مكان للكفاءة وحسن الإدارة لتولي المناصب العليا خاصة الوزراء في نظام آل سعود الذي يعتمد حاليا على شرطين رئيسين، الأول مدى القرب من دائرة محمد بن سلمان والثاني الموالاة والعلاقات الجيدة مع الدول الغربية.
ويربط مراقبون بين التعديلات المستمرة في المناصب العليا في نظام آل سعود ومحاولته المستميتة لتحسين صورته على الساحة الدولية في ظل جرائمه وانتهاكاته الداخلية والخارجية.
فقبل يومين أجرى الملك سلمان تعديلا وزاريا محدودا عينت بموجبه الأمير فيصل بن فرحان آل سعود صاحب الخبرة الدبلوماسية في الغرب وزيرا للخارجية بدلا من إبراهيم بن عبد العزيز العساف.
وشغل الأمير فيصل منصب سفير المملكة لدى ألمانيا على مدى الأشهر القليلة الماضية وكان قبلها مستشارا سياسيا بالسفارة السعودية في واشنطن.
كما سبق أن تولى رئاسة مشروع مشترك مع شركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات.
وتعرضت المملكة وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة في مجابهة إيران لانتقادات متزايدة من الغرب خلال الأشهر الماضية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان بما في ذلك مقتل الصحفي جمال خاشقجي واشتراكها في الحرب المدمرة في اليمن.
وينضم الأمير فيصل لمجموعة جديدة من كبار الدبلوماسيين السعوديين في الأربعينيات من العمر منهم سفيرا المملكة في الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقال نيل كويليام الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية “انظر إلى الفريق الذي يجري تشكيله في واشنطن ولندن والآن وزير الخارجية الجديد…الترسيخ يزداد ويتولى المهمة الآن طاقم مؤيد للغرب”.
ويسعى نظام آل سعود لبناء إجماع لاحتواء برنامج الصواريخ الإيراني بعد انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاق وضع قيودا على برنامج طهران النووي مقابل تخفيف العقوبات عنها.
وتلقي واشنطن والرياض باللوم على طهران في سلسلة هجمات وقعت مؤخرا منها هجوم على منشأتي نفط سعوديتين رئيسيتين يوم 14 سبتمبر أيلول. وتنفي إيران الاتهامات.
وفي إطار التعديلات التي أجريت الأربعاء ونشرتها وسائل الإعلام الرسمية تم تعيين صالح بن ناصر بن العلي الجاسر وزيرا للنقل بدلا من نبيل العامودي. وكان صالح الجاسر مديرا عاما لشركة الخطوط الجوية السعودية.
ولم يتضح إن كان العامودي سيتولى منصبا حكوميا آخر. وكان قد تم تعيينه الشهر الماضي عضوا بمجلس إدارة شركة أرامكو السعودية عملاق النفط.
وجرى تعيين العساف، الذي تولى في السابق وزارة المالية لسنوات، في منصب وزير دولة بعد إعفائه من منصب وزير الخارجية. وقد عُين قبل أقل من عام لإعادة هيكلة الوزارة.
ويتساءل الكاتب إيغور يانفاريف عن سر تغيير نظام آل سعود وزير خارجيتها مرتين في عام واحد، ويقول إن مراقبين يعتقدون أحد الأسباب يتمثل في تضرر سمعة البلاد في أعقاب جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
ويضيف الكاتب -في مقال نشره موقع “نيوز ري” الروسي- أن السبب وراء تغيير الوزراء السعوديين يرتبط أيضا بالمواجهة مع إيران، مشيرا إلى قرار الملك سلمان بن عبد العزيز القاضي بإجراء تغييرات واسعة على نطاق مجلس الوزراء السعودي في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
ويشير الكاتب إلى تعيين الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزيرا للخارجية خلفا لإبراهيم العساف، الذي تم عزله من منصبه بعد عشرة أشهر على تعيينه.
ويضيف أن الوزير الجديد كان يشغل منصب سفير لبلاده في ألمانيا، وشغل منصب كبير المستشارين في سفارة بلاده في الولايات المتحدة، حيث ساعد على إقامة تفاعل مع وسائل الإعلام الأميركية والخبراء وقادة الرأي.
ويقول إن الأمير فيصل يقف خلف العديد من المبادرات الاقتصادية، بما في ذلك مشروع صناعات الفضاء المشترك بين شركة بوينغ الأميركية وحكومة بلاده.
ويضيف أن إقالة عادل الجبير من منصب وزير الخارجية وتعيينه في منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية في ديسمبر/كانون الأول 2018، هو تخفيض في رتبته، في محاولة لإبعاده عن السياسة الخارجية، نظرا لارتباط اسمه بجريمة قتل خاشقجي.
ويشير إلى أن المملكة بذلت على مدار الأشهر الماضية جهودا مكثفة لتحسين صورتها على المستوى الدولي بعد مقتل خاشقجي، وأن التغيير الوزاري في جزء منه يصب في هذا السياق.
ويقول الكاتب إن الرياض تحاول إدخال شباب موالين لولي العهد محمد بن سلمان في الحكومة وتكوين حكومة تكنوقراط من أصحاب الكفاءات موالية له.
ويرى مراقبون أن تعيين الأمير فيصل يمثل خطوة للتغلب على إيران، وتحالف الدول الغربية والأمم المتحدة في هذا السياق.
ويضيف أن نظام آل سعود يحاول التوصل إلى تفاهم مع شركائها الغربيين بشأن ضرورة ردع برنامج الصواريخ الإيراني، خاصة بعد الهجمات على شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.