يحاول ولي العهد محمد بن سلمان استعراض قوته على المسرحين الإقليمي والدولي مستخدما في ذلك سلاح النفط لتحقيق أهدافه السياسية رغم مخاطر تبديد المليارات من ثروات المملكة.
أظهرت أزمة النفط التأكيد على طريقة تعاطي بن سلمان مع الأزمات الدولية، عبر إعلان حرب أسعار لبيع النفط مع روسيا، بعد الفشل في التفاهم مع موسكو والدول النفطية الأخرى على مواصلة العمل باتفاق لخفض الإنتاج.
أمر بن سلمان في خوض حرب كسر عظم، حين قرَّر زيادة إنتاج المملكة من النفط، وخفض السعر، في هذا الوقت الذي يقلُّ فيه الطلب؛ بسبب تداعيات فيروس كورونا.
دفع ذلك بأن تصل القيمة السوقية لعملاق النفط السعودي “أرامكو” حالياً إلى 1.4 تريليون دولار، بخسارة قرابة الـ300 مليار دولار، وهي أكبر خسارة يومية تلحق بالشركة، منذ طرح أسهمها للتداول.
ولا يخفى ما لهذا التعاطي من آثارٍ ليست هيِّنة على اقتصاد المملكة، وعلى حياة مواطني الدولة التي يمثِّل لها النفط المورد الأهم للدخل.
وفي حين لم يستبعد المحللون، بحسب مجلة نيوزويك، هبوط الأسعار هذا العام إلى 20 دولاراً للبرميل، فإن محمد بن سلمان يحتاج إلى سعر 83 دولاراً للبرميل؛ لتجنُّب العجز في الميزانية السعودية.
من جهتها نقلت وكالة “رويترز” العالمية أن المملكة تغمر أوروبا بالنفط عند أسعار منخفضة تصل إلى 25 دولارا للبرميل، مستهدفة بشكل خاص شركات التكرير الكبرى التي تعتمد على النفط الروسي، في تصعيد للصراع مع موسكو على الحصص السوقية.
وقالت المصادر -وهي من شركات نفط وتكرير كبرى تعالج الخام في أوروبا- إن شركة أرامكو، أبلغتهم أنها ستورد جميع الكميات الإضافية المطلوبة في أبريل/نيسان المقبل.
ونزلت أسعار النفط إلى النصف منذ بداية العام بسبب تضرر الطلب نتيجة تفشي فيروس كورونا، وبعد إخفاق روسيا وأوبك في التوصل لاتفاق جديد بشأن تخفيضات الإنتاج.
ورفضت موسكو دعم تخفيضات جديدة أعمق، وردت الرياض بفتح باب الضخ في السوق على مصراعيه، وتعهدت بإيصاله إلى كميات قياسية.
وتطبق المملكة خفضا كبيرا على أسعار البيع الرسمية لنفطها، وقال متعاملون إنه يجري عرض الخامين العربي الخفيف والمتوسط بسعر بين 25 و28 دولارا للبرميل.
وبحسب بيانات مؤسسة “رفينيتيف أيكون”، فإن مزيج الأورال الروسي الرئيسي يُعرض بسعر أعلى قليلا يبلغ 30 دولارا للبرميل.
وأفادت المصادر أن شركات تكرير أوروبية -من بينها توتال وبي.بي وإيني وسوكار- حصلت جميعها على تأكيد بتلقي إمدادات نفط خام سعودية إضافية في أبريل/نيسان المقبل.
وخام برنت في طريقه صوب تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ الأزمة المالية في 2008 اليوم، في الوقت الذي يبدي فيه المستثمرون تخوفا حيال أثر فيروس كورونا على الطلب وحرب الأسعار الروسية السعودية.
وخلص مسح لرويترز إلى أن أسعار النفط تتجه لأن تقبع قرب المستويات المنخفضة الحالية خلال الأشهر المقبلة، إذ إن انهيار اتفاق بين كبار المنتجين للحد من الإنتاج يضر بسوق مترنحة أصلا بسبب هبوط الطلب الناجم عن فيروس كورونا.
وخفض محللون في استطلاع الرأي السريع توقعاتهم لأسعار خام برنت إلى 42 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام، مقابل 60.63 دولارا في المتوسط في استفتاء فبراير/شباط الماضي.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي نحو 34.87 دولارا في الربع الثاني، و39.05 دولارا في الربع الثالث، قبل أن يسترد بعض القوة ويصل إلى 44.08 دولارا في الربع الأخير من العام.
ويتوقع المسح الذي شمل 21 محللا بلوغ متوسط سعر الخام الأميركي 30.37 دولارا للبرميل في الربع الثاني، ونحو 37 دولارا للعام بأكمله.