تعمد النظام السعودي استخدام المعتقلين السياسيين في سجونه، كرهائن، للتفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
ويحاول النظام استرضاء الرئيس بايدن، لتهدئة غضبه من جرائم السعودية وتدهور حقوق الإنسان في المملكة.
وأفرجت سلطات آل سعود، الأسبوع الماضي، عن الناشطة لُجين الهذلول التي قضت نحو ألف يوم في أحد سجون بلادها.
ليس لذنب سوى أنها دافعت عن حق المرأة في قيادة السيارة، وذلك على الرغم من أن المملكة قد أباحت المسألة لاحقاً، فأصبح هذا الحق أمرا مشروعا.
هكذا ضاع عامان وسبعة أشهر من عمر الشابة التي لم تكمل عامها الثالث والثلاثين.
علما أنها كانت قد اعتقلت من قبل في ديسمبر/كانون الأول 2014 لمدة 73 يوماً بعد محاولتها قيادة السيارة من الإمارات إلى السعودية.
لا يوجد سبب واضح يفسّر التزامن في الإفراج عن لُجين، كما لم يكن هناك سبب منطقي لاعتقالها أصلاً.
يبدو استخدام الأنظمة السلطوية ورقة المعتقلين ورقة تفاوضية أشبه باستخدام مجرمي الحرب المدنيين دروعا بشرية في حروبهم وصراعاتهم
لذا يصبح السؤال: لماذا يتم اعتقال شخص مثل لجين الهذلول، وهي لا تمثل تهديداً حقيقياً للنظام، وماذا تجني الأنظمة السلطوية من فعل كهذا؟
صحيح أن هذه الأنظمة تضيق ذرعا بالنقد، ولا تقبل حرية التعبير، وإلا لما وُصفت بالسلطوية.
لكن هذا أيضا لا يبدو سبباً كافياً كي تملأ سجونها بالمعتقلين والمعتقلات، ولفترات طويلة على غرار ما يحدث مع عشرات آلاف من المعتقلين في العالم العربي.
أحد الأسباب التي تبدو منطقية لتفسير هذا الأمر استخدام النظام السعودي ملف المعتقلين السياسيين كبوليصة تأمين، وورقة تفاوض مع الغرب، خصوصا الولايات المتحدة.
وليس مصادفة أنه قد تم إطلاق سراح لُجين، بعد أن حدث تغيير كبير في البيت الأبيض، بعد أن خرج منه الرئيس الأكثر سلطوية واستبداداً في تاريخ الولايات المتحدة دونالد ترامب.
والذي كان يقدّم دعماً غير مشروط لأنظمتنا السلطوية على مدار السنوات الأربع الماضية.
وقد يُقرأ الإفراج عن كل من لجين ومعتقلين آخرين يحملون الجنسية الأمريكية، بادرة حُسن نية من النظامين، تجاه إدارة الرئيس جو بايدن، أو “عربون محبة”.
ولذا لا يجب أن نُفاجأ إذا تم الإفراج عن مزيد من المعتقلين والمعتقلات من سجون آل سعود الفترة المقبلة.
وهنا تبدو الأنظمة السلطوية ليس لديهم مانع من التضحية بمواطنيهم من أجل الحفاظ على مواقعهم وبقائهم في السلطة.
وقد رأينا معتقلين سعوديين يحملون الجنسية الأميركية، تم الإفراج عنهم، ليس باعتبارهم مواطنين عربا بالأساس، وإنما لكونهم مواطنين أميركيين.
ولعل من المفارقة أن خطاب النظام السعودي مليء بشعارات الوطنية الزاعقة التي تصل إلى حد الشوفينية المتطرّفة.
في حين أنها الأكثر انتهاكاً وتفريطاً في هذه المشاعر الوطنية من خلال رهنها للحكومات الغربية.
وبقدر ما تبدو هذه المقايضة السياسية، وإن شئت قل الصفقة، مخجلةً ومذّلة، بقدر ما تبدو، للأسف، حاضرة وفاعلة في حسابات النظام السعودي؛ لاسترضاء بايدن.