أبرزت مجلة أمريكية المملكة العربية السعودية كنموذج للعقاب الجماعي الذي تفرضه الأنظمة العربية الحاكمة لقمع المعارضين عبر الضغط على عائلاتهم.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” إن أنظمة القمع العربية ومنها نظام آل سعود تنتهج حاليا أنظمة ديكتاتورية لم تكن معروفة في السابق، أبرزها معاقبة عائلات المعارضين والضغط عليهم بحظر السفر، والعزل الاجتماعي وفقدان الوظائف وحتى السجن.
جاء ذلك، في مقال نشرته المجلة للصحفية البريطانية المصرية علا سالم حللت فيه سبب ملاحقة أنظمة القمع العربي عائلات المعارضين الذي فروا إلى الخارج.
وقالت سالم إن المقاول المصري محمد علي، والذي كشف عن حياة البذخ والتبذير الذي يقوم بها رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، كان يتوقع استهداف عائلته من أجل تشويه سمعته.
وذكّرت أن والده قام بالتبرؤ منه عبر التلفاز الحكومي في مصر، في حين اتهمته والدته وشقيقه بسرقة شقيقه المتوفى، لكنه (محمد على) أكد أن عائلته تحدثت حسب ما طلب منهم النظام.
ولفتت سالم إلى أن قصة محمد علي ليست استثنائية، فهي جزء من مجموعة من المعارضين الذين اختاروا المنفى الإختياري كي يتحدثوا بحرية ضد الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي، حيث شاهد الكثيرين منهم عائلاتهم وهي تتعرض لضغوط ضخمة من الأجهزة الأمنية في محاولة لابتزازهم وإجبار أقاربهم في الخارج التوقف عن نقد النظام.
وحول أشكال الضغط التي تمارسها الحكومات قالت سالم: “لاحظت استخدام أكثر من نظام لنفس الأسلوب، كالطلب من العائلات الضغط على أقاربها المعارضين، والتبرؤ منهم، وتشويههم وشجب أفعالهم، مشيرة إلى أن العائلات التي تفشل بتطبيق ما طلب منها تواجه حظر السفر، والعزل الاجتماعي، وفقدان الوظائف وحتى السجن.
ويقول نشطاء، إن هذه الأساليب لم تكن معروفة في السابق، ففي السعودية مثلا، ربط هؤلاء معظم هذه الأساليب بالفترة بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد عام 2017 وبالتحديد عندما بدأ بملاحقة النقاد، والرموز المؤثرة، والأمراء، والناشطين والعلماء ورجال الدين.
ولفتت سالم إلى أن أوضح مثال على هذا هو اعتقال الشيخ سلمان العودة في أيلول/ سبتمبر 2017، حيث منع 18 فردا من عائلته بمن فيهم طفل في عمره التاسعة من السفر، فيما لا يزال عمه في السجن لأنه نشر تغريدة عن سجن شقيقه وتعرض بيتهم للتفتيش أكثر من مرة.
وتقول الباحثة والناشطة السعودية هالة الدوسري “حاولت عائلات المعارضين التزام الصمت، ولكن الجديد مع محمد بن سلمان أن التزام الصمت لن يساعد في وقف الملاحقة والاستهدف”.
ويعتقد الناشطون أن التحرش بالعائلة تحول لطريقة رد جاء بسبب العلاقة القريبة بين ولي العهد السعودي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي استخدمت بلاده أسلوب معاقبة العائلة منذ سنوات.
وتقول الناشطة الحقوقية آلاء الصديق التي تعيش في لندن وقدمت طلبا للجوء السياسي، إن الموجة تنتشر بقوة بالسعودية في السنوات القليلة الماضية، ولكنها عانت منها، فهي ابنة واحد من 94 مواطن إماراتي اتهموا عام 2013 بتعريض أمن البلاد للخطر.
وأضافت الصديق أن 20 قريبا للمعتقلين سحبت منهم جنسياتهم وهي واحدة منهم، ومنع آخرون من السفر أو يعانون من الاستبعاد الاجتماعي أو الحصول على وظائف معينة.
وفي الوقت الذي تبنت فيه الأنظمة أساليب وحشية ضد نقادها، بدأ المعارضون في الخارج باستخدام السبل القانونية لفضح الانتهاكات.
وأردفت: “من خلال هذا النهج تجبر الحكومات الغربية بضغط من منظمات حقوق الإنسان والرأي العام على شجب الممارسات القمعية مع أنها تحاول الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع هذا النظام أو ذاك”.
وفي بداية هذا العام، بدأت عائلات السعوديين المعتقلين وحلفائهم الاتصال بالمحامين وجماعات الضغط وجلب الحالات إلى الولايات المتحدة.
واعتبر المشرعون الأمريكيون الاعتقالات تدخلا واضحا في العملية القضائية الأمريكية. وتقول سالم إن سياسة ملاحقة عائلات المعارضين ستكون مصدر صداع مستمر لإدارة دونالد ترامب أو الإدارة التي ستخلفه بزعامة جوزيف بايدن.
وأكدت الكاتبة المصرية أنه لن يتغير الوضع بدون ضغوط تمارس على الأنظمة الحاكمة في الدولة العربية وفي مقدمتها نظام آل سعود لتحسين سجلاتها في حقوق الإنسان.