نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريرا صادما بشأن المخاطر على السلامة الشخصية التي تخيم على المستثمرين في السعودية.
وقالت الصحيفة إن “الوضع سيء جداً للاستثمار في السعودية بالنسبة للشركات الصغيرة ورواد الأعمال الفرديين، حيث يمكن أن تتحول أعمالهم إلى القضايا ذات محنة مؤلمة”.
واستعرضت الصحيفة نموذج مستثمر فلسطيني يدعى سليمان الصالحية الذي كان يمتلك شركة صغيرة تقوم بأعمال الديكور للقصور الملكية، لكن الحكومة السعودية تراجعت عن دفع مستحقاته التي تبلغ مئات الآلاف من الدولارات.
وبحسب الصحيفة قدم المستثمر الفلسطيني التماساً إلى مسؤولي الاستثمار، ثم رفع دعوى قضائية ضدهم، لكن المحكمة منحته أقل من دقيقتين للمرافعة في قضيته، وأصدر القاضي حكماً ضده، ومُنع من العمل أو مغادرة البلاد.
وأوضحت أنه عندما تحدث المستثمر مع مراسل وول ستريت جورنال في عام 2018، داهمت الشرطة منزله في منتصف الليل، واعتقلته في زنزانة صغيرة لمدة 18 يوماً بدون مكيف للهواء، وقاموا بضرب وجهه على الطاولة وصعقه بالكهرباء.
وكشفت الصحيفة عن تعرض خطط ولي العهد محمد بن سلمان لضربة من الشركات الأجنبية التي تهرب تباعا من جحيم واقع السعودية وضعف بنية الاستثمار فيها.
وقالت إن الشركات الأجنبية تقوم بتقليص عملياتها وإلغاء خططها الاستثمارية في السعودية، مما يمثل ضربة قوية لخطط بن سلمان الذي تعهد عام 2016 ببناء صناعات جديدة بعيداً عن اعتماد المملكة على النفط.
وأوردت الصحيفة حقائق عن توتر في تواجد شركات الأعمال الأمريكية في السعودية، والشركات توجه ضربة لخطط بن سلمان، لأن الحكومة السعودية أزعجتها عندما أمرت بنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض أو خسارة العقود الحكومية.
وبحسب الصحيفة “يشعر المستثمرون الأجانب بقلق متزايد على سلامتهم الجسدية، لا سيما وأن بعض الذين قبضوا عليهم في حملات بن سلمان المتعلقة بمكافحة الفساد المزعوم كانوا أجانب”.
وقال رجل أعمال أجنبي للصحفية إنه احتُجز وتعرض للتعذيب بعد أن قال علناً إن بعض قوانين العمل غير عادلة في السعودية.
وقامت شركة مقاولات البناء الأميركية Bechtel بإعادة المقاولين إلى دولهم، بعد عدم تحصيل أكثر من مليار دولار من الفواتير المستحقة غير المسددة.
كما تلاشت خطط شركة Apple بفتح متجر رئيسي وسط الرياض، فيما -تراجعت مجموعة Triple Five، عن بناء مجمع بمليارات الدولارات في المملكة.
وفي السياق ذاته تعرضت شركة Uber وGeneral Electric وعدة شركات أجنبية أخرى في المملكة إلى رسوم ضريبية مفاجئة بلغت عشرات الملايين من الدولارات.
كما اشتكت شركة Gilead للعلوم وBristol-Myers Squibb وشركات أدوية أخرى لسنوات من سرقة حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم.
وقد تنازلت شركة دور السينما AMC عن السيطرة الأكبر لشريكها في الحكومة السعودية، فيما يعد الوضع أسوأ بالنسبة للشركات الصغيرة ورجال الأعمال الذين يمكن أن تتحول القضايا البسيطة لهم إلى محنة مؤلمة.
وأكدت الصحيفة أن بن سلمان فشل في ازالة العوائق أمام الاستثمار الأجنبية، حيث لاتزال السعودية مكانًا صعبًا لممارسة الأعمال التجارية، مع بيروقراطية بطيئة ونظام قانوني قديم وسجل ضعيف في مجال حقوق الإنسان.
وبحسب الصحيفة فإن بن سلمان يحاول معالجة أزمة السيولة في المملكة من خلال فرض ضرائب بأثر رجعي على عشرات الشركات الأجنبية الكبيرة العاملة في المملكة.
وسبق أن أكدت السفارة الأمريكية في الرياض أن تفشي الفساد في السعودية والذي يتورط به كبار أمراء ومسئولي نظام عائلة آل سعود، يمثل عائقا كبيرا أمام جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأوردت وكالة Bloomberg الأمريكية أن سفارة واشنطن في الرياض حذرت السلطات السعودية من أن نظامها الضريبي وما يعانيه من فساد واحتيال قد يدفع الاستثمارات الأجنبية بعيدا.
وذكرت الوكالة أن السفارة الأمريكية انتقدت سلطات الضرائب السعودية، وحذرت من أن النزاعات مع الشركات الأجنبية مخاطرة بتثبيط الاستثمار في البلاد.
وبحسب Bloomberg فإن السفارة الأمريكية في الرياض وجهت رسالة شديدة اللهجة إلى هيئة الضرائب السعودية، ورد فيها أن مسؤولي الضرائب في المملكة لديهم “موارد غير كافية”، ويحتاجون إلى تدريب أفضل للتعامل مع “القضايا المعقدة”.
وذكر السفارة الأمريكية أن تجربة الشركات الأمريكية في المملكة كانت مخيبة للآمال، ويمكن أن تؤدي إلى تدهور صورة السعودية كمكان جاذب للاستثمار، وستضع البلاد في مجال تنافسي خطير.
وأبرزت أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات العاملة في السعودية تعاني من مشكلات ضريبية، حيث يوجد هناك نقصاً في الشفافية والاتساق والإجراءات القانونية، بالمقارنة بما توقعته من دول أخرى قد استثمرت فيها.
وسبق أن أبرزت منظمة “Government Defence Integrity” تفشي الفساد في المؤسسات السعودية وتنامي ظواهر ذلك في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد.
وقالت المنظمة إن السعودية “تعاني من مؤشرات فساد خطيرة في مؤسساتها الدفاعية، مثل انعدام الشفافية والرقابة في العمليات والشؤون المالية والمشتريات”.
ونبهت المنظمة إلى فضائح الفساد الأخيرة لمسؤولي أجهزة أمنية وعسكرية في السعودية.
وأشارت إلى أن السعودية تحاول التغطية على هذه الفضائح التي ذاع صيتها من خلال الإعلان عن توقيف بعض المسؤولين والضباط والكبار.
لكن المنظمة الدولية أكدت أن الفساد مستشر في المؤسسات الدفاعية السعودية بشكل كبير وواسع.
ونوهت إلى أن السعودية تفقد مبالغ مالية طائلة بسبب هذه المؤشرات من خلال الرشاوى واستغلال النفوذ والاختلاسات.
ويتوالى الإعلان عن اعتقالات على خلفية مكافحة الفساد في السعودية دون تقديم أي تفاصيل تقنع المواطنين في المملكة ما يثير شبهات اقتصار الحملة على الدعاية.
ويبرز مراقبون ونشطاء سعوديون أن محمد بن سلمان يتعمد الترويج لحملات مستمرة لمكافحة الفساد بغرض التغطية على ممارساته وحدة الفساد الهائل في عهده.
ويبرز هؤلاء أن بن سلمان يعتقل الموظفين والعسكريين بتهم الفساد، فيما هو في الواقع أكبر فاسد في تاريخ المملكة.
إذ في عهده وصل الاحتياطي الأجنبي إلى أدنى مستوياته، وارتفع الدين العام إلى أعلى مستوياته، وارتفعت الأسعار وازدادت الضرائب.
يضاف إلى ذلك الأموال التي أنفقها محمد بن سلمان على شهواته الشخصية وشراء النفوذ لدعم مكانته داخليا وإقليميا دون اعتبار لمصلحة الشعب السعودي.