قال موقع أمريكي إن الحكم السعودي “المخفف” على الناشطة الحقوقية لجين الهذلول الأسبوع الماضي يستهدف التقرب من الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن
أثار الحكم الذي أصدر في 28 ديسمبر 2020 على الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول، بعد 950 يوماً من الاحتجاز، إداناتٍ دولية مُتهكِّمة.
وأدانت المحكمة الجزائية بالرياض الناشطة الهذلول بارتكاب جرائم إرهابية، لكنها قضت ب”الحكم المخفف” بالسجن خمس سنوات فقط وثمانية أشهر.
والحكم أقل بكثير من العشرين عاماً التي سعى إليها الادِّعاء.
حفظ ماء الوجه
وقال موقع Responsible Statecraft الأمريكي، قد تأمل كلٌّ من الحكومة السعودية وإدارة بايدن أن يكون الإفراج عن الهذلول إجراءً لحفظ ماء الوجه.
وأضاف الموقع الأمريكي أن هذا الإجراء لتجنُّب مواجهة مبكرة.
وذلك بالنظر إلى وعود بايدن القاطعة بمعاقبة ولي العهد محمد بن سلمان.
ووصف بادين، في حملته الانتخابية، بن سلمان، بالرجل “المنبوذ”.
وما يؤكد نية السعودية بمحاولة حفظ ماء وجهها، هو ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، الإثنين 28 ديسمبر/كانون.
بأن مقدار العقوبة التي سلّطتها محكمة سعودية على الهذلول جاء بطلب من بن سلمان.
وأوضحت الصحيفة أن محمد بن سلمان كان يسعى لتخفيف الضغوط على الرياض من جانب الولايات المتحدة.
حكم ملكي
ولذلك فقد وجّه بإصدار هذا الحكم المراوغ على لجين، والذي يتضمن سجنها لفترة طويلة، لكن يسمح بخروجها من محبسها بعد 3 أشهر.
لكن يبدو أن ذلك سيكون غير كاف بالنسبة لإدارة بايدن، فالتدفُّق اللامتناهي لانتهاكات محمد بن سلمان.
بما في ذلك اعتقال واحتجاز العشرات من النشطاء مثل الهذلول، بمن فيهم المواطن الأمريكي وليد فتيحي، فضلاً عن القصف الجوي المستمر لليمن.
سيجعل هذا الأمر صعباً، إن لم يكن مستحيلاً. ولن تتمكَّن إدارة بايدن من تجنُّب اختبارٍ حقيقي ومبكِّر لما يعنيه التزامها الخطابي بـ”الوقوف ضد انتهاكات حقوق الإنسان”.
لقد استحقَّت لجين الهذلول مكانتها كأبرز ناشطة مدافعة عن حقوق المرأة في السعودية، لأكثر من عقدٍ من الزمن.
وعمل النشطاء والإصلاحيون مثل الهذلول لسنواتٍ وقدَّموا تضحياتٍ جمة لتمهيد الطريق للتغيير في بلدهم.
لكن المناخ أصبح أخطر بشكلٍ كبير بعدما تولَّى وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان السلطة.
انتهاكات متعددة
لم تهدأ الانتهاكات، وحتى أفراد العائلة المالكة لم يسلموا منها. وكان وليّ العهد قد سجن أو وضع قيد الإقامة الجبرية أبرز وأقوى رموزٍ من أفراد العائلة المالكة.
بمن فيهم وليّ العهد السابق وحليف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، محمد بن نايف، والأمراء أحمد بن عبدالعزيز، وفيصل بن عبدالله، وتركي بن عبدالله.
وتعقَّب محمد بن سلمان المعارضين خارج المملكة وطاردهم، ولعل أشهر ما في ذلك كان اختطاف وقتل جمال خاشقجي.
وكذلك محاولة الاغتيال المستشار الملكي السابق سعد الجبري.
ويواجه ثلاث دعاوى قضائية في محاكم المقاطعات الفيدرالية الأمريكية نتيجةً لذلك.
وذكرت ميسي رايان من صحيفة “واشنطن بوست” أن إدارة ترامب أعلنت بيع أسلحة أخرى للسعودية بقيمة 250 مليون دولار من ذخيرة GBU-39 من شركة بوينغ.
هذه عملية بيع عسكرية أجنبية، وهي تحويلٌ من حكومةٍ إلى أخرى، وليست معاملة تجارية كسابقتها.
ما تريده إدارة ترامب حقاً من المملكة السعودية بهذه الهبات السخية بالطبع هو أن يُطبِّع محمد سلمان العلاقات مع إسرائيل قبل أن يغادر ترامب البيت الأبيض.
وإذا طبَّعت السعودية- أو وعدت بالتطبيع- مع إسرائيل، ستجد إدارة بايدن نفسها تحت ضغطٍ أكبر للحفاظ على الأمور كالمعتاد مع المملكة.
وعلاوة على ضغط صناعة الدفاع، والمليارات الأخرى من مبيعات الأسلحة، فإن الضغط من أجل “استرضاء” السعوديين كثمنٍ للضربة المُروِّعة لاتفاقٍ نووي مع إيران من المؤكَّد أن يتبلور.
ضغوطات
وفي الواقع، سوف تجد إدارة بايدن إسرائيل واللوبي الإسرائيلي يتقاتلان بشراسةٍ ضد أيِّ إجراءاتٍ صارمة ضد المملكة.
وتقول سارة ويتسن، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن الاختبار الأول الذي ستواجهه إدارة بايدن في وعودها تجاه السعودية بعدم “التحقُّق من قيمها”.
وذكرت ويتسن أن الاختبار الأول يتمثل في الاستجابة للمطالب (بما في ذلك قضيتان رفعتهما مبادرة عدالة المجتمع المفتوح) لإصدار تقرير مدير الاستخبارات الوطنية حول مقتل خاشقجي.
وكذلك دليل جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي قاد إلى استنتاج أن محمد بن سلمان قد أمَرَ بالقتل.
وخلص الموقع الأمريكي إلى أن الحقيقة هي أن الدعم العسكري والدبلوماسي المُقدَّم للمملكة السعودية- بما في ذلك وجود قوات أمريكية في المملكة.
ومبيعات الأسلحة التي تُقدَّر بالمليارات، والمساعدة في حرب اليمن، والحماية الدبلوماسية من العزلة الدولية لسلجها الحقوقي المُروِّع- يخلق ارتباطاً لا نهاية له للولايات المتحدة بالمملكة السعودية.