أدان تقرير وكالة المخابرات الأمريكية رسميا ولي العهد محمد بن سلمان في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018.
وجاء في التقرير الأمني الأمريكي الذي نشرته إدارة الرئيس جو بايدن أن بن سلمان أمر بعملية اختطاف أو اغتيال خاشجقي.
وقال التقرير المكون من أربع صفحات “توصلنا إلى استنتاج مفاده أن محمد بن سلمان أجاز عملية في إسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحفي خاشقجي”.
وأضافت أنّ “ولي العهد اعتبر خاشقجي تهديداً للمملكة، وأيّد بصورة عامة اللجوء إلى تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”.
وأبرز أن التقييم الأميركي قام على سيطرة ولي العهد على صنع القرار والتورط المباشر لمستشار رئيسي ودعمه للعنف لإسكات المعارضين.
وأكد تقرير المخابرات الأمريكية أن 21 فردا مسئولون عن قتل خاشقجي نيابة عن بن سلمان.
وكشف التقرير أن سبعة من أفراد حماية بن سلمان شاركوا في عملية اغتيال خاشقجي وكانوا قد شاركوا سابقاً في إسكات معارضين له، بأمر مباشر منه، ما يعني أنه من غير الممكن أن يشاركوا في العملية دون موافقته.
وأصدرت إدارة بايدن نسخة رفع عنها السرية من تقرير المخابرات الأميركية عن مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول التركية.
ومع نشر التقرير بات ولي العهد يتهدد بالتعرض لعقوبات وعزلة دولية.
ويعتمد التقرير على معلومات استخبارية جمعتها وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) وغيرها من هيئات التجسس، أصدر بن سلمان أوامر باغتيال خاشقجي.
ويأتي كشف التقرير فيما يسعى الرئيس جو بايدن إلى إعادة ضبط العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط وإعادة مبادئ حقوق الإنسان إلى مكانة بارزة في السياسة الأميركية.
وسيترتب على توجيه اتهام لبن سلمان إشكال كبير، وهو كيفية التعامل معه مستقبلا وخاصة من طرف الدول الأوروبية.
وعكس الرئيس السابق دونالد ترامب، تعهد بايدن بالكشف عن مضمون التقرير الذي أنجزته “سي آي إيه” حول اغتيال خاشقجي.
وأكد البيت الأبيض أن التقرير “سيشكل خطوة مهمة لضمان تحديد المسؤوليات”.
ويفتح تعبير “تحديد المسؤوليات” باب التساؤلات، حيث ستذهب في واحد من اتجاهين:
إما تحميل المسؤولية الجنائية لولي العهد ومحيطه، خاصة وأن القضاء السعودي تعاطى بنوع من الاستخفاف مع هذه الجريمة الدولية.
أو فرض عقوبات على السعودية وكبار المسئولين فيها وعلى رأسهم بن سلمان.
وعلاقة بالنقطة الأولى، قد يتزعم القضاء الأمريكي التحقيق ضد ولي العهد بحكم أن خاشقجي كان يقيم في الولايات المتحدة وهو مشمول بحماية القانون الدولي.
وهذا أسوأ سيناريو سيتعرض له ولي العهد لأنه سيصبح متابعا دوليا.
وعلاقة بالنقطة الثانية، قد تذهب واشنطن إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية على السعودية.
وذلك على شاكلة العقوبات التي اتخذها الغرب عندما قامت روسيا بفرضية تنفيذ عملية اغتيال فاشلة.
استهدفت في حينه سكريبال الضابط الروسي السابق في الاستخبارات على الأراضي البريطانية.
وكانت الدول الغربية قد طردت 116 من الدبلوماسيين الروس سنة 2018 ردا على هذه الجريمة.
والرأي الراجح هو صعوبة زيارة بن سلمان الولايات المتحدة بعد رفع السرية عن تقرير الاستخبارات، لاسيما في حالة الملاحقة القضائية.
وهذا التطور سيجعل دول الاتحاد الأوروبي وخاصة تلك التي تطور علاقات مع السعودية في موقف حرج للغاية.
واتهام بن سلمان رسميا يعني أن الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه مطالبا باتخاذ قرارات لا تصب في مصلحة الرياض.
فضلا عن ذلك فإن بن سلمان سيجد نفسه أمام عزلة دولية أكثر حدة سواء من الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي وأطراف دولية أخرى.