أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يفصّل مجموعة من جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف آل سعود في الحرب على اليمن خلال الخمس سنوات الماضية، مشيرا إلى الغارات الجوية والقصف العشوائي والقناصة والألغام الأرضية التي تستخدمها قوات آل سعود ضد اليمنيين.
كما رصد التقرير أعمال القتل والاحتجاز التعسفيين والتعذيب داخل السجون والعنف الجنسي وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم يشهدها اليمن.
وخلص فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن الذي شكّله مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى أن نظام آل سعود قد استفاد من “غياب المساءلة” حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويدعو التقرير إلى وقف فوري لجميع أعمال العنف التي ارتُكبت ضد المدنيين، وشكّلت انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الساريين، ويطالب الأطراف باتخاذ الإجراءات لحماية المدنيين وضمان العدالة لجميع الضحايا.
ويحث الدول الأخرى على الامتناع عن توفير الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع، ويذكّرها بالتزامها باتخاذ جميع التدابير المعقولة لضمان احترام جميع أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي.
وقال رئيس فريق الخبراء بشأن اليمن كمال الجندوبي “بعد مرور خمس سنوات على النزاع، لا تزال الانتهاكات ضد المدنيين اليمنيين مستمرة بلا هوادة، مع ضرب عرض الحائط بمحنة الشعب وغياب أي إجراءات دولية لمحاسبة أطراف النزاع”، و”يجب على المجتمع الدولي أن يضاعف جهوده لتحرير الشعب اليمني من الظلم المستمر الذي يعاني منه”.
وعلى الرغم من عدم تعاون تحالف آل سعود والحكومة اليمنية، تمكّن فريق الخبراء خلال الفترة القصيرة المتاحة هذا العام من إجراء أكثر من 600 مقابلة مع الضحايا والشهود، ومراجعة مواد وثائقية ومفتوحة المصدر، فضلاً عن التحقيق في حالات رمزية لتحديد الأنماط السلوكية التي تشير إلى حصول انتهاكات مزعومة في اليمن منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
وقد وجد الخبراء أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الأعمال العدائية التي يقودها أطراف النزاع، من خلال الغارات الجوية والقصف، ما زالت تؤثّر بشكل خطير على المدنيين، وأن جزءاً كبيراً من هذه الهجمات قد يرقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
كذلك، والى جانب الانتهاكات ذات الصلة بسير الأعمال العدائية، وجد فريق الخبراء أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن أطراف النزاع المسلح في اليمن مسؤولون عن الحرمان التعسفي من الحق في الحياة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتعذيب، وسوء المعاملة، وتجنيد الأطفال، وانتهاك الحريات الأساسية، وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وهي ترقى إلى انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، حسب الاقتضاء. وقد يؤدي العديد من هذه الانتهاكات إلى تحميل الأفراد المعنيين المسؤولية عن جرائم الحرب فيما لو أحيلت الى محكمة مستقلة ومختصة.
حدّد فريق الخبراء، حيثما أمكن، الأفراد المسؤولين على الأرجح عن الجرائم الدولية، وقُدمت قائمة سرية محدثة بأسماء الأفراد إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
وعندما استحال تحديد الأفراد، حدّد فريق الخبراء الجماعة المسؤولة.
وأضاف الجندوبي “لا يمكن التسامح بعد الآن بشأن الإفلات من العقاب المستشري – عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبها جميع أطراف النزاع.
يجب تمكين التحقيقات الحيادية والمستقلة لمحاسبة أولئك الذين لا يحترمون حقوق الشعب اليمني. كما يجب على المجتمع الدولي التوقف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات وعن الوضع الإنساني الذي لم يعد محمولاً”.
عزا فريق الخبراء المسؤولية المباشرة عن الحالة الإنسانية في اليمن إلى أطراف النزاع. حيث تفاقمت الأزمة الإنسانية الكارثية بسبب أثر الهجمات الشديد والمستمر على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، والمرافق المائية، ونقل الغذاء، والمزارع والأسواق، وكذلك حالات الحظر والحرب الشبيهة بالحصار التي تعوّق وصول المساعدات الإنسانية، وغيرها من التدابير المماثلة.
وأكد الجندوبي “أن حرمان السكان اليمنيين اللاإنساني من حقوقهم في الأدوية، والماء، والغذاء، يجب أن يتوقف فوراً, ويجب إعطاء الأولوية لبقاء 24 مليون شخص معوزين على قيد الحياة”.
وأعرب فريق الخبراء عن قلقه الشديد من أن يكون أطراف النزاع قد استخدموا الجوع كوسيلة حرب، إذ ساهمت هذه الأعمال في حرمان السكان من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم.
ودعا التقرير الأممي جميع الدول والمنظمات الدولية إلى تعزيز كافة الجهود ودعمها، وبخاصة جهود المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن للتوصل إلى حل سياسي مستدام يشمل أيضاً المساءلة.
وحث التقرير مجلس حقوق الإنسان على ضمان بقاء حالة حقوق الإنسان في اليمن على جدول أعمال المجلس من خلال تجديد ولاية فريق الخبراء. كما يقترح على المجلس أن يطلب الى فريق الخبراء مواصلة تقديم التقارير إليه دوريًا.
واقترح فريق الخبراء أيضاً أن يعزز المجلس ولايته لمكافحة الإفلات من العقاب عن طريق المطالبة بجمع الأدلة على الانتهاكات المزعومة والمحافظة عليها.
وأشار إلى أنه من الممكن أن يتوقف النزاع في اليمن حال توقف توفير الأسلحة لأطراف النزاع هناك، داعيا إلى الحفاظ على أي أدلة تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
وأكد أن اليمن يسوده مناخ من التخويف، ومن الصعب جدا الحصول على شهود في ظل التهديدات الموجودة.
وفي وقت كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين بدأوا حملة جديدة لإنهاء الحرب التي يقودها نظام آل سعود في اليمن، وسط انتقادات شديدة للضربات الجوية التي استهدفت سجنا يديره الحوثيون، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، الأحد الماضي.