منحت مجلة نيو ريبابليك New Republic الأمريكية ولي العهد محمد بن سلمان لقب “كليبتوقراطي” عام 2022 كزعيم اللصوص بفضل سمعته الملطخة عالميا.
وأبرزت المجلة أن قادة نظام الكليبتوقراطي؛ يقومون بإثراء أنفسهم سراً خارج سيادة القانون، من خلال الرشاوى، وتوجيه أموال الدولة لأنفسهم.
وهو ما ينطبق على محمد بن سلمان حيث تقدر ثروة العائلة المالكة في السعودية بتريليونات الدولارات، وأصبح ولي العهد صاحب الكلمة الأخيرة في السيطرة على هذه العائلة.
الكلِبتوقراطية أو حكومة اللصوص، هي حكومة يستخدم قادتها الفاسدون السلطة السياسية للاستيلاء على ثروة الدولة، عن طريق اختلاس أو سرقة الأموال على حساب حاجة الشعب.
وفي مقال افتتاحي للكاتب كيسي ميشيل، قالت المجلة إنه في أوائل عام 2021، بعد أسابيع قليلة فقط من فترة ولاية الرئيس جو بايدن الأولى كرئيس، أصدرت إدارته تقريرًا مفاجئًا حول مقتل كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي، في 2018.
وأشارت إلى أن الرجل المسؤول في النهاية عن مقتل خاشقجي لم يكن سوى محمد بن سلمان، الذي أيّد “استخدام إجراءات عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج” بما في ذلك الخطف والقتل.
ووفقاً للمجلة، كانت هذه الخطوة جزءًا من حملة أوسع بكثير من إدارة بايدن ضد نظام محمد بن سلمان، والتي تضمّنت أشياء مثل: تجميد مبيعات الأسلحة، ورفع التصنيف “الإرهابي” للمتمردين الحوثيين في اليمن، موضحةً أنّ كل ذلك بُني لتحقيق هدف بايدن المتمثل في إعادة هيكلة العلاقة الأمريكية السعودية بالكامل، وتحويل محمد بن سلمان -كما قال بايدن- إلى “منبوذ”.
وتابعت المجلة، أنّه بعد مرور عامين تقريبًا، من الواضح أنّ الجهود المبذولة لعزل محمد بن سلمان قد فشلت بشكل فعّال، حيث عادت علاقات واشنطن مع الرياض بشكل كئيب، مما جعل محمد بن سلمان في وضع أقوى مما كان عليه منذ البداية.
وقالت المجلة، إنّه مع تعثر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، ومواجهة الصين برئاسة شي جين بينغ، اضطراباتٍ داخلية أكثر مما شهدتها منذ سنوات، من الآمن القول إنه لا يوجد دكتاتور كليبتوقراطي حظي بعام أفضل من هذا المنبوذ المزعوم.
وبحسب المجلة، فقد نشأ جزء من الاستثناء لمحمد بن سلمان في عام 2022، جزئيًا، من حقائق خارجة عن إرادته. على سبيل المثال، مع الانهيار الروسي الذاتي في أوكرانيا، الذي أدى إلى احتلال مكانة موسكو كقوة هيدروكربونية عالمية، ازداد نفوذ المملكة العربية السعودية على منافسي النفط منذ بدء الحرب الموسعة.
ولفتت المجلة إلى أنّ محمـد بن سلمان، لم يكن قادرًا فقط على التدخل وتقديم شريان حياة لموسكو، واستثمر مئات الملايين من الدولارات في شركات الطاقة الكبرى المتبقية في روسيا، بل زادت الرياض أيضًا الواردات من روسيا.
وهو ما سمح لمحـمد بن سلمان بتصدير المزيد من النفط السعودي، وجني المزيد من الأموال في هذه العملية، موضحةً أنّ ثروة عائلة آل سعود تقدّر بالتريليونات، وليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأنّ ولي العهد ليس له الكلمة الأخيرة في سيطرته.
وتابعت المجلة أنه بعد ذلك، في أكتوبر من العام نفسه، كشفت الرياض عن مقدار النفوذ الذي تتمتع به على المستهلكين الغربيين أيضًا.
ونبهت إلى أنه باستخدام شراكتها الجديدة مع موسكو، أقنع محـمد بن سلمان والمسؤولون السعوديون منظمةَ أوبك بلس بخفض إنتاج النفط الإجمالي، مما أدى بشكل فعال إلى تقويض جهود واشنطن لدرء أسعار الغاز المرتفعة.
ونوّهت إلى أنّ هذه الخطوة الأخيرة كانت مزعجة بشكل خاص للبيت الأبيض، بعدما اعتقد أنه اتفاق سري مع مـحمد بن سلمان لزيادة إنتاج النفط، وبالتالي الحفاظ على أسعار الضخ منخفضة. ومع ذلك، كان هناك القليل الذي يمكن لواشنطن فعله رداً على ذلك، حيث أُجبر المستهلكون على ابتلاع الأسعار المرتفعة.
ولفتت المجلة إلى أنّ بايدن هدد بإطلاق العنان لـ”عواقب” غامضة على السعوديين بعد حيلة أوبك بلس، لكن بعد شهرين، ما زال من غير الواضح ما هي تلك “العواقب”، إن وجدت.
ويمكن أن يُعزَى الكثير من ذلك إلى المياه الجيوسياسية الأخرى التي يتعيّن على البيت الأبيض الإبحار فيها، ليس أقلّها من موسكو وبكين.
لكن هناك قوًى أخرى تعمل، مثلما تمكنت الرياض من تحويل الخطوط الجيوسياسية المتغيرة لمصلحتها الخاصة، تمكّن محـمد بن سلمان من تعزيز قاعدة سلطته في الرياض، ووسّع شبكات نفوذه في الخارج، لا سيما بين القطاعات الرئيسية عبر الولايات المتحدة والغرب.
وللتدليل، دعت المجلة للنظر إلى ما حدث محليًا خلال العام الحالي، قائلةً إنه في سبتمبر، أصبح محمد بن سلمان رسميًا رئيس وزراء المملكة العربية السعودية، مما أضفى الطابع الرسمي على وضعه كرئيس فعلي للمملكة، حيث تم استبعاد أي أسئلة حول دوره -أو مستقبله- في هيكل الحكم السعودي بشكل فعال. وكذلك أي تهديدات محلية لسلطته.
وكما يتضح من الإعدام الجماعي في المملكة لأكثر من 80 رجلاً في يوم واحد في وقت سابق من هذا العام، فقد توقفت أيضًا أي أسئلة حول ميل محمد بن سلمان للعنف.
وفي الخارج -بحسب المجلة- أشرف محـمد بن سلمان على جهد شامل لإعادة تشكيل صورة بلاده من معقل التعصب والتطرف إلى حصن أكثر أناقة بكثير وأكثر جاذبية مما كان يتصور سابقًا، حيث أدار العمل مع شركات استشارية غربية مثل: McKinsey، وشركات العلاقات العامة مثل: Edelman.
وقالت المجلة، إن السعودية تحت حكم ابن سلمان أصبحت فئة رئيسية في “غسل السمعة”، وفي استخدام الخدمات الغربية لتحويل هويته من هوية ديكتاتورية كليبتوقراطية إلى نظام جاهز للترحيب في مجتمع مهذب.
ونوهت المجلة إلى أن العديد من الدول البغيضة الأخرى منخرطة في جهود لتبييض سمعتها، ولكن حتى بين العالم الأوسع للديكتاتوريات، يقف محـمد بن سلمان والنظام السعودي منفصلين.
وأشارت المجلة إلى العلاقات التي تربط السعودية بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، موضحة دورَه في غسل سمعة المملكة من خلال جولة “لايف جولف”.
وأوضحت أنه إلى جانب روابط لعبة الجولف الجديدة، وصلت العلاقات المالية بين ترامب ومحـمد بن سلمان إلى مستويات جديدة في وقت سابق من هذا العام، عندما اكتشف الصحفيون أنّ صهر ترامب، جاريد كوشنر، قد نجح في الحصول على مليارات الدولارات من التمويل السعودي لشركته الجديدة للأسهم الخاصة.
واعتبرت المجلة أنه في حين أنّ شركات الأسهم الخاصة الأمريكية كانت منذ فترة طويلة منبوذة للثروة الكليبتوقراطية -ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى إعفاء دام عقودًا من الضوابط الأساسية لمكافحة غسيل الأموال- فإن الصفقة بين كوشنر والسعوديين تعمل على إحداث أعماق جديدة كليبتوقراطية.