منظمات حقوقية: القوانين السيئة أصبحت أسوأ في عهد محمد بن سلمان
أكدت منظمات حقوقية أن القوانين السيئة أصبحت أسوأ في عهد محمد بن سلمان منذ استيلائه بالانقلاب على ولاية العهد والحكم الفعلي للمملكة.
وقبل أيام أكد محمد بن سلمان أن المدرّس المتقاعد محمد الغامدي حُكم بالإعدام بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” في 20 سبتمبر/أيلول، أقرّ بن سلمان بحكم الإعدام، قائلا: “من المؤسف أن هذا صحيح”، وألقى باللوم في الحكم على “القوانين السيئة”.
قال بن سلمان: “هل لدينا قوانين سيئة؟ نعم. هل نعمل على تغيير ذلك؟ نعم”.
وعلقت منظمة هيومن رايتس ووتش: بن سلمان محق بالقول إنه يعمل على تغيير القوانين السيئة: تحت حكمه، القوانين السيئة ازدادت سوءا.
وذكرت المنظمة أن ما لم يقله بن سلمان هو أن حكم إعدام الغامدي صدر بموجب نظام مكافحة الإرهاب المريع الذي أعيد تشريعه العام 2017، بعد وصول بن سلمان إلى السلطة.
تظهر وثائق المحكمة التي راجعتها “هيومن رايتس ووتش” أن الغامدي حُكم بالإعدام في 10 يوليو/تموز بموجب سلسلة مواد من هذا القانون الذي ينطوي على انتهاكات، والذي حل محلّ تشريع التي انتُقدت سابقا.
رغم مزاعم بن سلمان عن إجراء إصلاحات، شهدت السعودية تحت قيادته أسوأ فترة لانتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ البلاد الحديث. في عهد محمد بن سلمان فُرضت أحكام الإعدام وأحكام السجن الطويلة لعشرات السنين بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ألغى نظام مكافحة الإرهاب صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية ونقلها إلى النيابة العامة ورئاسة أمن الدولة، التي أنشئت عام 2017، وكلتا الهيئتين تتبعان الملك مباشرة.
في وقت سابق من العام 2017، أصدر الملك سلمان مرسوما ملكيا يفصل “هيئة التحقيق والادعاء العام” عن وزارة الداخلية ويعيد تشكيلها باعتبارها نيابة عامة، وهي هيئة “مستقلة” تتبع الملك مباشرة.
لطالما شكلت النيابة العامة السعودية أداة رئيسية للقمع في السعودية، واستُخدمت لترهيب المعارضين السعوديين السلميين منذ العام 1988.
لكن هذه الممارسات تسارعت وتزايدت بعد ترقية محمد بن سلمان إلى ولي العهد في العام 2017، عندما وضعت السلطات جهازي النيابة والأمن، أداتَي القمع الرئيسيتين في السعودية، تحت الإشراف المباشر لـ “الديوان الملكي” ومحمد بن سلمان. عُيّن بن سلمان لاحقا رئيسا للوزراء في سبتمبر/أيلول 2022.
وختمت هيومن رايتس ووتش: إن لم يكن محمد بن سلمان جديرا بالثقة لتقديم معلومات صحيحة بشأن قوانينه، فيجب أن يثير هذا الأمر مخاوف جدية، خاصة للدول التي تنظر في إبرام اتفاقيات أمنية كبيرة مع السعودية.
من جهتها علقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بأنه بوصفه ب”القائد ذو الرؤية كما ينظر إليه شعبه”، افتتح كبير المذيعين السياسيين في شبكة فوكس نيوز بريت باير مقابلته مع محمد بن سلمان في 20 سبتمبر 2023.
وذكرت المنظمة أن المقابلة التلفزيونية الأولى منذ 2019، أتت على وقع سياسة رسمية سعودية متصاعدة لغسيل صورتها أمام العالم، وفي ظل سحق متواصل لحرية الرأي والتعبير، ومنع أي صحافة مستقلة في البلاد.
وفيما تصدر السعودية أحكاماً غير مسبوقة بالسجن لعقود بحق نساء بسبب تعبيرهن عن رأيهن، تحدث بريت في مقدمته عن تقدم ملحوظ في وضع النساء.
وفندت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بعض الأجوبة التي تطرقت إلى واقع حقوق الإنسان في مقابلة بن سلمان:
قتل جمال خاشقجي: مع مرور 5 سنوات على قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، قال بن سلمان أنه تم اتخاذ كل الاجراءات القانونية التي تتخذها أي دولة حين وقوع خطأ، وادعى أنه حاول إصلاح النظام القانوني للتأكد من أن لا تحصل هذه الأخطاء مرة أخرى. كما اعتبر أن عدم حدوث جريمة مماثلة خلال السنوات الخمس الماضية يؤكد أن هذا ليس جزءا مما تقوم به السعودية عامة، كما ادعى أن كافة المتورطين في السجن وأن القضية قد أغلقت.
ادعاءات بن سلمان بمعاقبة كافة المتورطين تأتي على الرغم من أن التحقيقات الدولية في الجريمة أكدت أنها تمت بأوامر مباشرة منه. كما قال أنه تم إغلاق القضية فيما لا يزال جثمانه مخفي قسريا ولم يعرف مصيره.
وفيما اعتبر أن ما حصل مع خاشقجي ليس شيئا تقوم به السعودية، فإن واقع الصحافة في البلاد، التي تقبع في المرتبة 170 من أصل 180 دولة في حرية الصحافة بحسب مؤشر مراسلون بلا حدود، واعتقال الصحفيين والتضييق عليهم، يظهر أن الجريمة ليست منفصلة عن الممارسات المعتادة بحق حرية الصحافة.
أحكام الإعدام: أقرّ محمد بن سلمان بإصدار أحكام بالقتل على خلفية التغريد، وقال “للأسف هذا صحيح”، وهذا “شيء لا أحبه”، وأنه ليس فخورا بجميع القوانين، ويحاول أن يحدد أولويات التغيير.
بن سلمان اعتبر أن نظام السجن يجب أن يتبع القوانين، وأنه لا يستطيع أن يقول للقاضي ما يفعل لان هذا ضد سيادة القانون. وفي جواب حول إمكانية قتل الغامدي، تمنى أن يكون القاضي في المرحلة القضائية الجديدة أكثر خبرة.
تأكيد بن سلمان إصدار أحكام قتل بتهم تغريد، يبين النفاق الرسمي خلال السنوات الماضية حيث تكرر التصريحات الرسمية أن أحكام القتل لا تصدر إلا على أشد الجرائم خطورة.
إضافة إلى ذلك، فإن تبرير الحكم بالإعدام بأولويات التغيير، يظهر استخفافا صارخا بالحق في الحياة الذي يجب أن يكون أولوية في أي مساع إصلاحية. بن سلمان قال إن “سيادة القانون” تمنعه من التدخل في عمل القاضي، على الرغم من أن الواقع يؤكد سيطرته على كافة مفاصل الدولة، واعتقاله لقضاة وعزلهم وتعيينهم.
إضافة إلى ذلك، فإن حديث بن سلمان تجاهل كون أحكام الإعدام لا تنفذ إلا بعد توقيع الملك وهو ما يشير إلى مسؤوليته المباشرة عن أكثر من 1000 إعدام نفذ خلال السنوات السبع الماضية، وإلى أن التحجج بمبدأ سيادة القانون واستقلالية القضاء غير واقعي.
القوانين: قال بن سلمان أنه تم تغيير عشرات القوانين ولكن هناك 1000 عنصر قانوني يحتاج إلى تغيير وأن لديه 150 محاميا فقط في مجلس الوزراء.
كرر بن سلمان خلال السنوات الماضية موضوع التغييرات القانونية، وأطلق وعودا تتعلق بذلك. في أبريل 2018 بعد عام تقريبا على سيطرته على الحكم، أطلق وعدا بتقليص أحكام الإعدام إلى الحد الأدنى، وذلك خلال حوار أجرته معه مجلة التايم قال فيه: “لقد حاولنا تقليل عقوبة الإعدام. لذلك نحن نعمل من خلال الحكومة وكذلك البرلمان السعودي لبناء قوانين جديدة في هذا المجال. ونعتقد أن الأمر سيستغرق عاماً، وربما أكثر قليلاً، لإنهائه”. “لن نخفض الإعدام بنسبة 100%، ولكن سنخفضه بشكل كبير”.
وفي فبراير 2021، أعلن بن سلمان عن تنظيمات تشريعية قال أنها سوف تساهم في تطوير البيئة التشريعية واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية في إصدار الأحكام، ويمنح إمكانية التنبؤ بها. التنظيمات عبارة عن مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات.
وفي 3 مارس 2022، قال بن سلمان في مقابلة مع صحيفة ذا أتلانتيك، أن عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر، وبالتالي فإن عائلة الضحية لها الحق في الذهاب إلى المحكمة أو العفو عنه.
رصد الوقائع بعد إطلاق الوعود يؤكد استخدام بن سلمان الإعلام للترويج لتغييرات غير واقعية. فحتى اليوم لم يتم إقرار قانون للعقوبات، فيما لا زالت الشوائب في تطبيق القوانين التي تم إصدارها عديدة.
إضافة إلى ذلك، استمرت أرقام الإعدامات بالتصاعد، وأعدمت السعودية أكثر من 100 شخص في 2023 وحدها. وحاليا يواجه 65 شخصا بينهم 9 قاصرين إمكانية الإعدام على الرغم من أن بينهم قاصرين ومتهمين بالتعبير عن الرأي أو التظاهر.
الغسيل الرياضي: لم ينكر بن سلمان ممارسة السعودية للغسيل الرياضي، واعتبر أنه لا يهتم بما يقوله الناس، وأنه سيستمر في ممارسة الغسيل الرياضي إذا كان سيزيد الناتج المحلي بنسبة 1%.
التصريحات حول استخدام الرياضة تؤكد أن التعاون مع السعودية في مجال الرياضة لا يمكن فصله عن سعيها إلى غسيل صورتها، وبالتالي فإن شراء الأندية واستقدام اللاعبين يندرج في هذا الإطار.
اليمن: فيما يتعلق بالحرب على اليمن قال ولي العهد إن السعودية هي أكبر دولة في تقديم المساعدة لها، وأنها ستسمر بهذا الدعم.
وكانت السعودية قد أعلنت عن قيادة تحالف لشن الحرب على اليمن عام 2015، ما أدى إلى مئات آلاف الضحايا، فيما أكدت تقارير وأبحاث دولية مسؤولية السعودية عن العديد من المجازر ووضعتها على القائمة السوداء لانتهاك حقوق الأطفال في اليمن.
الحق في المشاركة: في رده على أهمية أن ينطلق التغيير من القواعد الشعب، قال بن سلمان أنه إذا لم يقتنع الناس ولم يؤمنوا لن تنجح الخطط ولا المشاريع.
منذ تسلم بن سلمان السلطة، أطلق مشاريع وخطط تؤثر بشكل مباشر على السكان، من بين ذلك تعرضهم للتهجير القسري من منازلهم.
وفيما يتحدث عن اقتناع الناس، فإنه لم يتطرق إلى اصدرا أحكام قتل وسجن تعسفية بحق أفراد بسبب معارضتهم لهذه المشاريع، فيما ارتفعت حدة القمع بشكل كبير ضد أي شخص يعبر عن رأي لا يطابق رؤية الحكومة.
يضاف ذلك إلى انعدام اي شكل من أشكال المشاركة في اتخاذ القرارات، حيث لا انتخابات ولا استفتاءات شعبية ولا برلمان، مع غياب أي دور فعال لمجلس الشورى.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن محمد بن سلمان استخدم خلال السنوات الماضية الإعلام العالمي للترويج لرؤيته الخاصة وإبعاد الضوء عن الانتهاكات.
وأشارت المنظمة إلى أن التصريحات تظهر استخفافا كاملا بحقوق الإنسان وخاصة الحق في الحياة، حيث قال صراحة أنه لا يعطي الأولوية لإصلاح القوانين التي تستبيح قتل الأفراد.
كما اعتبرت المنظمة أن واقع تدهور حقوق الإنسان في السعودية يحتم موقفا واضحا لمنع استخدام الوسائل المتاحة لغسيل الصورة والتعمية على الحقائق بما في ذلك الإعلام العالمي أو الرياضة.