منظمات حقوقية تبرز تفشي القمع والرقابة المسيئة في السعودية
أبرزت 39 منظمة حقوق إنسان وفرد ومنظمات عاملة في مجال حقوق الخصوصية الرقمية واقع تفشي القمع والرقابة المسيئة في السعودية.
وقالت المنظمات إن لدى السعودية سجلا حافلا في السعي للتجسس على مواطنيها، بما في ذلك من خلال الوصول غير القانوني إلى معلوماتهم الشخصية داخل شركات التكنولوجيا الأمريكية.
وبحسب المنظمات جمعت السعودية سجلًا مروعا في مجال حقوق الإنسان حيث أطلقت السلطات العنان لموجة من القمع والرقابة هدفت لسحق المعارضة السلمية.
جاء ذلك في معرض رسالة من المنظمات إلى شركة غوغل تدعوها إلى التوقف فورًا عن قرارها بإنشاء منطقة خدمات سحابية جديدة في السعودية إلى أن تتمكن المملكة من تحديد خطوات واضحة للتخفيف من انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكدت الرسالة أنه بالنظر إلى سجل السعودية الموثق جيدًا لانتهاكات حقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بالقمع والرقابة على منصات التكنولوجيا، فإن على شركة غوغل إعادة النظر في هذه الخطوة حرصًا على سلامة مستخدميها في السعودية.
وحثت الرسالة شركة غوغل على إعادة التفكير في كيفية حماية عملياتها في السعودية في ظل حكومة تتجسس على مواطنيها وتعيق حرية التعبير على الإنترنت بشكل فعال.
وتم إرسال الرسالة بالشراكة مع 39 منظمة وفرد بما في ذلك منظمة أكسس ناو ومنظمة حملة ومنظمة القسط ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومؤسسة التخوم الإلكترونية ومنظمة بن أمريكا وفريدوم هاوس وجمعية الاتصالات التقدمية ومشروع تصنيف الحقوق الرقمية ومنظمة سمكس ومنظمة حبر وغيرها.
وجاء في الرسالة: تثير خطة غوغل مخاوف جدية بشأن كيفية تمكنها من التمسك بمسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان لمنع أو تخفيف الآثار السلبية لحقوق الإنسان المرتبطة بوضوح بإنشاء منطقة خدمات سحابية في السعودية.
على مدى سنوات عديدة، قامت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومجموعات حقوقية أخرى بتقديم تقارير مكثفة عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، بما في ذلك تصعيد القمع المحلي واستخدام القضاء لإسكات المعارضة.
ومنذ عام 2017، أشرف القائد الفعلي للسعودية ولي العهد محمد بن سلمان على الاعتقالات الجماعية التي استهدفت رجال دين بارزين ومفكرين عامين وأعضاء كبار في العائلة المالكة وأكاديميين ونشطاء حقوقيين وناشطات بارزات في مجال حقوق المرأة في البلاد.
اقترن هذا القمع ضد المعارضة السلمية والمعارضة المتصورة للسلطات السعودية بتدهور كبير في حقوق الإجراءات القانونية الواجبة في بلد كانت سيادة القانون فيه ضعيفة أصلًا.
في عام 2017، وُضعت النيابة العامة والأجهزة الأمنية في البلاد مباشرة تحت إشراف الديوان الملكي، ما يعني وضع أدوات القمع السعودية في أيدي الملك وولي العهد وحدهما. امتد القمع المحلي السعودي ليشمل قتل المعارضين في الخارج.
في أكتوبر/تشرين الأول 2018، قتل عملاء حكوميون سعوديون بوحشية كاتب العامود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في اسطنبول، تركيا. لم تكن هناك محاسبة واضحة لمرتكبي أي من هذه الانتهاكات.
وفي حين تم إطلاق سراح بعض النشطاء السعوديين مؤخرًا من السجن، إلا أنهم يواجهون عقوبة سجن إضافية إذا لم يلتزموا الصمت، ولا يزال معظمهم، بمن فيهم لجين الهذلول، ممنوعين من السفر وتحوم فوق رؤوسهم أحكام سجن مع وقف التنفيذ.
استهدف القمع السعودي أحيانًا موظفين في شركات دولية كبيرة تعمل في السعودية، بما في ذلك اعتقال رجل سعودي كان شريكًا في شركة الاستشارات ماكينزي وشركاه عام 2017.
كما اعتقلت السلطات السعودية رجال أعمال بارزين وأفراد من العائلة المالكة ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين في عام 2017 وضغطت عليهم لتسليم أصولهم إلى الدولة مقابل الإفراج عنهم، في إطار تم خارج أي عملية قانونية معترف بها.
وسعت السلطات السعودية مرارًا إلى تحديد هوية المعارضين المجهولين والتجسس على مواطنيها من خلال المراقبة الرقمية.
على سبيل المثال، خلص Citizen Lab، وهو مركز أبحاث أكاديمي كندي، “بثقة عالية” أنه في عام 2018، تم استهداف الهاتف المحمول لناشط سعودي بارز مقيم في كندا ببرنامج تجسس.
وهو ما سمح بالوصول الكامل إلى الملفات الشخصية للضحية، مثل الدردشات ورسائل البريد الإلكتروني والصور، بالإضافة إلى القدرة على استخدام ميكروفونات الهاتف والكاميرات خلسة لعرضها والتنصت عليها.
بالإضافة إلى ذلك، تم استهداف أحد موظفي منظمة العفو الدولية وناشط حقوقي سعودي آخر في عام 2018 من خلال رسالة ذات صلة بالسعودية، حيث اشتبهت المنظمة بأن ذلك كان محاولة متعمدة للتجسس على موظفيها من قبل حكومة معادية لعملها.
وكشفت التحقيقات التي أجرتها منظمة العفو الدولية أن النقر على الروابط المرسلة إلى الموظف والناشط كان سينتج عنه تنزيل برنامج بيغاسوس إلى الهاتف، وهو برنامج مراقبة متطور طورته مجموعة إن إس أو التي يقع مقرها في إسرائيل.
وفي حالة أخرى، في عام 2019، اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي تويتر بالتجسس لصالح السعودية.
اتُهم كلاهما بالوصول إلى معلومات خاصة بمعارضين سعوديين استخدموا المنصة لمناقشة قضايا جارية.
مكّن هذا الأمر السلطات السعودية من الكشف عن معلومات غير متوفرة في مكان آخر وكشف هويات نقاد مجهولين.
تلقى عبد الرحمن السدحان، أحد المنتقدين المجهولين على تويتر، الذي كشفت السلطات السعودية عن هويته في النهاية، حُكمًا بالسجن لمدة 20 عامًا لانتقاداته على الإنترنت في أبريل/نيسان 2021، وهو حاليًا محتجز بمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقاله في عام 2018.
سبق أن دعت منظمة هيومن رايتس ووتش شركات التكنولوجيا إلى وقف بيع تقنيات المراقبة والتأكد من أن أي تدريب مستمر ودعم فني للسعودية لا يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان.
كما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وأكسيس ناو وجماعات أخرى شركة غوغل إلى الامتناع عن تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان من خلال العمل في بيئات قمعية تواجه فيها ضغوطًا حكومية مفرطة.