كشف موقع “إنتليجنس أونلاين” الاستخباري الفرنسي، عن بدء ولي العهد محمد بن سلمان مشروعا جديدا لتكريس القمع الإلكتروني في المملكة.
وقال الموقع إن محمد بن سلمان كلف مساعد وزير الدفاع، خالد بياري، بإنشاء شبكة اتصالات سعودية “ذات مهام حرجة” لمؤسسات الأمن والدفاع في المملكة.
وذكر أن تكليف بياري يتجاهل الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وهي الهيئة التي شكلها بن سلمان في عام 2017 للإشراف على عمليات الاستحواذ الدفاعية للمملكة، حسبما أورد
وأضاف الموقع، أن بياري سيتولى مهمته الجديد جنبا إلى جنب مع عضويته بمجلس إدارة شركة الاتصالات السعودية (STC)، وهي الشركة المحورية في مشروع شبكة الاتصالات، التي ستخدم مختلف الأجهزة الأمنية في السعودية.
ويهدف المشروع الاستراتيجي إلى تحسين التشغيل البيني بين رئاسة المخابرات العامة ووزارتي الدفاع والداخلية والحرس الملكي ورئاسة أمن الدولة.
وسيتعين على بياري التعامل مع هذه المؤسسات المختلفة ومصالحها الخاصة بدبلوماسية، إضافة إلى التعامل مع المنافسة الشرسة بين الشركات على عقود المشروع.
وتلفت مصادر استخبارية إلى أن شركة هواوي الصينية العملاقة تبذل قصارى جهدها لإثبات أن منافسيها، نوكيا وإريكسون، لا يمكنهما تقديم نفس مستويات الأمان للمشروع، بينما تتنافس الشركات الأخرى على توفير الأجهزة، التي ستستخدمها شركة الاتصالات السعودية.
ويظهر إشراف بياري على المشروع، الذي يمثل أولوية للمملكة، مدى ثقة محمد بن سلمان به.
وفي الفترة من عام 1995 إلى عام 2013، كان بياري نائبا لرئيس شركة الإلكترونيات المتقدمة (AEC)، وأشرف على تطورها، الذي كان ناجحا إلى الحد الذي أهلها للقب “تاليس السعودية”، نسبة إلى شركة الإلكترونيات والأنظمة الفرنسية الشهيرة.
وفي عام 2013، تم تكليف بياري بتحويل (STC) إلى شركة التكنولوجيا الجديدة الرائدة لمشروعات الحكومة من خلال تطوير الشركات التابعة لها، مثل ذراعها الإلكتروني: الشركة المتقدمة للتقنية والأمن السيبراني (سرار).
ومؤخرا حذرت أوساط حقوقية من مخاطر التعامل مع تطبيقات الكترونية تدشنها السلطات السعودية ومنها تطبيق Beem الحكومي كونها أدوات مفضوحة للتجسس والمراقبة الالكترونية في إطار القمع الشامل الحاصل في المملكة.
ومنذ صعود محمد بن سلمان إلى الحكم دخلت المملكة نفقًا أشد ظلمة وقمعًا لحقوق الإنسان، فامتلأت السجون وازداد التعذيب فيها، ولوحق الناشطون في الداخل والخارج وقُتل بعضهم.
ولجأ بن سلمان لعدة أساليب لملاحقتهم والتجسس عليهم، بين تعيين المخبرين وتوظيف الذباب الإلكتروني لمراقبتهم وملاحقتهم.
وسياسة نظام بن سلمان القائمة على التجسس، كشفها وزير الاتصالات في لقائه مع المديفر في رمضان الماضي، عندما قال عند جوابه عن حجب مكالمات الواتساب: “الشركات التي لا تتعاون مع الإجراءات الأمنية: طز فيها”، ممّا يعني أن الجهات الأمنية تشترط على شركات الاتصالات مشاركة المعلومات معها.
وكان نظام بن سلمان استعان ببرنامج “بيغاسوس” الذي تنتجه شركة NSO الإسرائيلية في 2017 مقابل 55 مليون دولار.
وبعد انكشاف فضائح التجسس والتي طالت شخصيات كبيرة وغربية منعت وزارة الدفاع الإسرائيلية تصدير أدوات وبرمجيات الأمن السيبراني إلى دول منها المملكة.
ومن فضائح التجسس الأخرى اعتقال الموظف في تويتر أحمد أبو عمو الذي تجسّس على 6 آلاف حساب بينهم معارضين سعوديين، وحُكم عليه بالسجن 3 سنوات ونصف.
وهذا الجاسوس تلقّى تعليماته شخصيًا من بدر العساكر الذي سُمّي بـ “المسؤول الأجنبي 1″، وذُكر اسمه 53 مرة في وثيقة المحكمة بحسب ما كشفت صحيفة (Guardian) البريطانية.
ومع تنامي العلاقات السعودية الصينية، سعى نظام بن سلمان للحصول على امتيازات صينية تقنية، والتي تُعرف عمومًا بالتساهل تجاه الخصوصية والأمان ووجود اختراقات أكثر.
لتعلن شركة الاتصالات عن إطلاق أول تطبيق محادثات سعودي صيني بمسمّى Beem، وذلك خلال فعاليات معرض LEAP23 في الرياض.
لكنّ الحقيقة أن تطبيق Beem ليس سوى حلقة في سلسلة التجسّس واختراق الهواتف والمعلومات الشخصية.
وبعيدًا عن أن التطبيق صينيّ البرمجة والتقنية والمتابعة وأن سيرفراته الرئيسية في الصين وأن السعودية لا تملك سوى اسمه والترويج له… فإن استقراءً بسيطًا يبيّن أنه تطبيق تجسّس بامتياز.
شهد التطبيق ترويجًا غير مسبوق من أعلى المستويات، بل إن عبد الرحمن الكناني، المدير التنفيذي لشركة سايبر السعودية ادّعى يوم الإعلان عن إطلاقه أن البرنامج حظي بثقة كبيرة لدى المستخدمين.
وعند سؤاله عن اتاحة البرنامج للمستخدمين خارج المملكة، قال: لا أعلم ولكن ما يهمنا هو المملكة!.
وحين ركزّ المروّجون على ذكر ما اعتبروه ميّزات للتطبيق كإضافة فلاتر الفيديو المتقدمة والرائجة وإنشاء الملصقات وعمل المجموعات الكبيرة العدد والتفاعل بالرسائل والترجمة الفورية وغيرها.
في المقابل أغفل المروّجون الحديث عن أهم ما يبحث عليه مستخدمو تطبيقات المراسلة والمحادثة: الخصوصية والأمان.
إذ بمجرد تنزيل التطبيق على الهاتف، لن يقتصر الأمر على اختراق خصوصيات المستخدم كالصور وجهات الاتصال وسجلات المكالمات وغيرها.
بل سيكون له صلاحيات أخرى كمعرفة برج الهاتف المغذي للإنترنت وموقع المستخدم وذاكرة الهاتف الداخلية والخارجية بل سيكون له القدرة على إضافة جهات اتصال خارجية.
وكل هذه المعلومات ستكون متاحة للقائمين على التطبيق التابع لنظام ابن سلمان مباشرة، وسيمكّنه ذلك من مراقبة المواطنين والنشطاء واختراق خصوصياتهم، ومتابعة آرائهم عن الأوضاع في المملكة أو انتقاد الحكومة وبرامجها وغيرها والذي كان سببًا لامتلاء سجون المملكة بمعتقلي الرأي.
وما يؤكد أن التطبيق يُدار من قبل نظام ابن سلمان وأمن الدولة، أن قائمة المحظورات تتقدمها:
-الاعتراض على المبادئ الأساسية للحكم
-تعريض الأمن القومي للخطر وتقويض سلطة الدولة
-الدعاية السياسية أو المعلومات التي تنتهك أنظمة الدولة.
وغيرها من البنود القابلة للتأويل والاعتقال.
ولم يكتف نظام بن سلمان باختراق هواتف المواطنين عن طريق البرامج العديدة كأبشر وتوكل وغيرها.
ولكنه روّج عبر هاشتاق #حوّل_على_Beem لتطبيق صيني مدّعيًا أنه سعودي، وسخّر لذلك ماكناته الإعلامية وأقلامه للترويج له بقوة، ليضيف وسيلة جديدة لمراقبة المواطنين والتجسس عليهم.