يسود الغضب العارم، حي الفيحاء بمدينة مكة المكرمة، عقب هدم سلطات نظام آل سعود منازل وممتلكات المواطنين، وتشريدهم في العراء دون مأوى.
ويلجأ السعوديون إلى البناء في حي الفيحاء شمال مكة، هروبا من جحيم أسعار العقارات في المدينة، التي تشهد أسعارا سياحية وبناء متسارعا للفنادق والفلل الخاصة بعائلة آل سعود.
وباغتت الإدارة العامة لشؤون البلديات، ممثلة ببلدية العمرة الفرعية التابعة لأمانة العاصمة المقدسة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية السعودية ووحدات الذبح، بهدم منازل وممتلكات المواطنين في الفيحاء.
ولم تفلح محاولات المواطنين بالدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم الخاصة نتيجة التواجد الأمني المكثف لقمع أي محاولة للاعتراض على عملية الهدم.
وبحسب رئيس بلدية العمرة الفرعية المهندس عمر بن عبدالرحمن المالكي، فإن عمليات الهدم شملت هدم 47 موقعًا، عبارة عن مبان مسلحة وأخرى شعبية، وأراضٍ مسورة بمساحة إجمالية 34.000 متر مربع، بالإضافة إلى إزالة بركسات وخيام وحظائر أغنام متفرقة على أراضٍ بمساحات شاسعة.
ونفى مواطنون هدمت وحدات الذبح السعودية منازلهم وممتلكاتهم، صحة ادعاءات بلدية العمرة الفرعية، مؤكدين أن منازلهم أقيمت على أراضيهم ذات الملكية الخاصة.
وقال هؤلاء لموقع “ويكليكس السعودية” إن الأجهزة الأمنية ووحدات الذبح أقدمت على عمليات الهدم دون الاكتراث للجانب القانوني، أو حالة الطوارئ المعلنة نتيجة تفشي فيروس كورونا في المملكة.
وطالبوا سلطات آل سعود بتعويضهم ماديا، وتوفير منازل مؤقتة حتى عودتهم لمنازلهم الجديدة.
وكان نشطاء سعوديون أطلقوا، مؤخرا، مبادرة “براً بالمستأجرين”.
وتفاعل النشطاء مع المبادرة وسط دعوات إلى ملاك العقارات والمؤجرين للمساهمة في إعفاء المستأجرين وتخفيف الإيجارات عليهم؛ بغية الأجر والمساهمة في تخفيف الأعباء المالية.
وقال عمدة حي النورية الجديدة العمدة إبراهيم بن نصار المغامسي، “أخي مالك العقار لا يخفى ضرر إخواننا المستأجرين من هذه الجائحة التي ألمت بالعالم وليس بالمملكة وحسب، والذي نرجوه منكم في هذا الشهر الفضيل التخفيف عن إخواننا المستأجرين والتيسير لهم، وإن شاء الله لن يضيع أجرك في الدنيا وفي الآخرة”.
ولا تزال سلسلة الإجراءات والقرارات الحكومية “التقشفية” في المملكة، تتواصل، لاحتواء تداعيات أزمة فيروس كورونا، والانخفاض العالمي لأسعار النفط.
وأقدمت المملكة، مؤخرا، على سلسلة إجراءات وصفها وزير المالية محمد الجدعان بـ”المؤلمة”، أبرزها: إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران المقبل ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وفاجأت وزارة الاسكان في المملكة، العسكريين والمواطنين السعوديين، بوقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف في ظل أزمتي جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط اللتين ألحقتا خسائر فادحة بالاقتصاد.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.
وبحسب وزارة الإسكان، فإن جميع الطلبات التي تمت الموافقة عليها قبل 31 مايو/ أيار ستظل قائمة. وستبقى آلية دعم الرهن العقاري الحكومية الأساسية- التي تقدم المساعدة حتى 500 ألف ريال- نشطة.
وكانت المملكة قد اتخذت مجموعة من الخطوات لزيادة بناء المنازل والإقراض، قبل أن يواجه اقتصاد المملكة نكستي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، حيث عملت على إزالة أحد أدنى معدلات الرهن العقاري في العالم.
وبحسب رؤية 2030 لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فإن المملكة تسعى إلى رفع ملكية المنازل من 62% إلى 70% بحلول عام.
وقالت أول شركة لإعادة تمويل الرهن العقاري السعودية، في وقت سابق من هذا العام، إنها تهدف إلى زيادة حيازاتها من محافظ قروض الإسكان 10 مرات هذا العام.
ويأتي القرار السعودي الجديد، ليضاف لسلسلة القرارات الحكومية السابقة، وأحدثت صدمة حقيقية في الشارع السعودي عامة والشباب خاصة.
وتوحى القرارات الجديدة، بانتهاء عهد الرفاهية في الدولة النفطية.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
وقالت المجلة الفرنسية في تقريرها، إن سكان المملكة وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أمام إجراءات تقشفية صادمة ستؤدي إلى انخفاض الدخل وتراجع معدلات التوظيف، وتدهور الظروف المعيشية، خاصة بعد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، في دولة لم يكن مفهوم الضريبة فيها معروفا منذ وقت ليس ببعيد.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أن يهدد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ولي العهد ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد ثلاثية أولى من السنة وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار.