وجهت اتهامات إلى النظام السعودي بتعمده إثارة الفتنة في المملكة على خلفية تبنيه قضايا مثيرة للجدل وتصدير نماذج لا تمثل قوة ومحل خلاف شعبي في وسائل الإعلام الممولة من الرياض.
ويعد أحدث مثال على ذلك إصرار منصة “شاهد” التابعة لمجموعة MBC التابعة للنظام السعودي على عرض مسلسل “الرشاش” رغم ما يثيره من جدل داخلي وتهديدات بالفتنة.
وتعرضت محطة MBC لانتقادات قاسية واتهمت بإثارة التحريض القبلي ونبش الماضي لتشوية صورة قبيلة عتيبة، وخصوصاً أنّها سبق أن أظهرت شخصية جهيمان العتيبي (الذي استولى على الحرم المكي عام 1979) في مسلسل “العاصوف” (2019)، ما اعتبر وقتها إساءة متعمدة للقبيلة.
وأصدرت قبيلة عتيبة بياناً أكدت فيه أنه “لا يضيرها ولا يهز سمعتها وتاريخها المجيد مثل هذه الأعمال الدرامية، فتاريخها مرصع بالأمجاد”.
وجاء في البيان “لكن السؤال: لماذا لا يركّز إعلامنا على التاريخ الناصع للسلف الصالح وتاريخ أبطال دولتنا السعودية ويخرج لنا من تاريخنا ما يكون قدوة في زرع القيم الطيبة للأجيال القادمة”.
ورأت القبيلة أن الإصرار على عرض المسلسل والترويج له “يوقظ الفتنة” في إشارة اتهام صريحة للنظام السعودي.
عتيبة لايضيرها ولايهز سمعتها وتاريخها المجيد مثل هذه الأعمال الدراميه فتاريخها مرصع بالامجاد
لكن السؤال:
لماذا لايركز إعلامنا على التاريخ الناصع للسلف الصالح وتاريخ أبطال دولتنا السعودية ويخرج لنا من تاريخنا ما يكون قدوة في زرع القيم الطيبة للأجيال القادمة
#فيلم_رشاش_يوقظ_الفتنه— ملتقى عتيبة الرسمي (@Otaibaah) June 30, 2021
وعرضت منصة “شاهد” التابعة لمجموعة MBC أول حلقتين من مسلسل “رشاش” أمس الخميس، بدلاً من الموعد الذي سبق وحددته وهو 9 يوليو/تموز الحالي.
وتأتي هذه الخطوة استباقاً لأي حكم قضائي قد يصدر لاحقاً بإيقاف العمل. إذ تحركت عائلة رشاش لرفع دعوى قضائية ضد المسلسل لمنع عرضه، خصوصاً أنّه صُوّر من دون الرجوع إليها، وهو ما قد يفتح الباب على معركة قضائية طويلة.
والعمل مقتبس من قصة حقيقية لعصابة رشاش الشيباني العتيبي. وقد كوّن هذا الأخير عصابة من ستة أفراد من أقاربه، اشتهرت في منتصف الثمانينيات بالقتل وسرقة الناس على الطرقات السريعة في مختلف المدن السعودية.
وهو من كتابة الشيخة سهى آل خليفة، وريتشارد بيلامي وإخراج كولين تيغ، وبطولة يعول الفرحان الذي يؤدي دور رشاش.
ورغم الجدل الذي أثاره المسلسل قبل عرضه، والهجوم عليه، تصدرالـ”ترند” السعودي مع وسوم #رشاش_على_شاهد”، وعبر فيه عدد كبير من المشاهدين عن انبهارهم بالإخراج والتصوير، معتبرينه نقلة نوعية للدراما السعودية.
وبالتزامن مع عرض المسلسل، بدأت الشبكة السعودية ببث وثائقي يروي حقائق عن رشاش ومجموعته. وظهر في الحلقة شهود عيان عاصروا تلك الفترة.
وفي أيام قليلة ارتفعت أصوات عدة تطالب بوقف عرض العمل، كما انتشرت رسالة على “تويتر” نسبت إلى بزعاء الشيباني، والدة رشاش، تطالب فيه الملك السعودي بوقف العمل.
وفي مقابل استياء قبيلة عتيبة من المسلسل لاعتبارات قبلية، برزت تحفظات على العمل وتخوّف من تحويل رشاش العتيبي إلى أسطورة أو بطل شعبي، وأن يصبح نسخة سعودية من شخصية جبل شيخ الجبل في مسلسل “الهيبة”، فيتّجه الجمهور نحو التعاطف مع رشاش وعصابته.
وما يزيد من هذه التخوفات أنّ كل فرد من أفراد العصابة لقي مصرعه بطريقة مثيرة، وهو ما قد يصوّر كفعل بطولة.
على سبيل المثال، قحص الشيباني (يلعب دوره إبراهيم حجاج)، ابن عم رشاش، هرب إلى جبل في منطقة الدوادمي حيث حاصرته السلطات، وحصل تبادل طويل لإطلاق النار، انتهى بإطلاق النار على نفسه لينتحر بعدما نفدت منه الذخيرة.
أما قريبه الآخر مصلح (يلعب دوره أيمن المطهر)، فدخل الديوان الملكي حاملاً السلاح ليلقى حتفه على يد أحد رجال الأمن.
وبالنسبة لدور رشاش، الذي سيلعبه الممثل يعقوب الفرحان، فقد لجأ إلى اليمن واشترى ولاء إحدى القبائل اليمنية، لكن المخابرات المحلية وبالتنسيق مع الأجهزة السعودية، سلّمته إلى المملكة التي أعدمته عام 1989 في مدينة الرياض أمام ساحة المحكمة. وبعد الإعدام، جرى صلبه وتعليق رأسه لمدة أسبوع.
الهجوم على العمل لم يُوجّه فقط إلى شبكة MBC بل طاول أيضاً الممثل يعقوب الفرحان، الذي سبق أن أدى هو أيضاً دور جهيمان العتيبي في مسلسل “العاصوف”، فاتهم بشكل مباشر بتشويه صورة قبيلة العتيبة.
و يرى بعض المنتقدين أن الفرحان وبسبب براعته السابقة في تقديم شخصية جهيمان العتيبي، قد يساهم في تعاطف الجمهور مع رشاش، وتصويره كبطل لا كمجرم وفق الرواية الرسمية السعودية، علماً أن الدور نفسه سبق أن عرض على الممثل فايز المالكي ورفضه حرصا منه على عدم إثارة النعرات القبلية.