أثار تسريع مواعيد جلسات محاكمة نظام آل سعود للداعية الشهير معتقل الرأي سلمان العودة الريبة والمخاوف من نوايا النظام.
وجرت أمس جلسة محاكمة للداعية العودة في المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض وسط تكتم رسمي على سير المحاكمة ومنع معتاد لوسائل الاعلام ومنظمات حقوق الإنسان من حضورها.
وصرح عبدالله نجل سلمان العودة عقب جلسة المحاكمة بساعات لم تحدث أية تطورات ملحوظة خلال جلسة محاكمة والدي وقد حددت المحكمة الجزائية المتخصصة يوم الخميس المقبل موعداً لجلسة محكمة جديدة له.
وأشار عبدالله المقيم في الخارج إلى أن “هناك تعجيل وتسريع لمواعيد الجلسات على غير العادة. عسى الله أن يجعله خيراً ويفرّج عن الوالد والبقية”.
وقد نفذت سلطات آل سعود خطوة جديدة قبل أيام بنقل سلمان العودة إلى سجن في الرياض وتعجيل محاكمته.
وفي 19 سبتمبر الجاري، اتخذت سلطات آل سعود خطوة مفاجئة بنقل عدد من المشايخ المعتقلين إلى الرياض تمهيداً لمحاكمتهم؛ وذلك قبل المواعيد المحددة مسبقاً، بينهم العودة.
وسبق أن تم تداول توجيه نظام آل سعود مجموعة تهم وطلب النيابة العامة القضاء بإعدامه (القتل تعزيراً).
والداعية العودة المعتقل منذ سبتمبر 2017، وسط انتقادات حقوقية دولية لظروف اعتقاله، وُجهت إليه 37 تهمة خلال الجلسة التي عقدتها المحكمة الجزائية المتخصّصة في العاصمة الرياض، في 4 سبتمبر 2018.
ومن أبرز التهم الموجهة إليه “الإفساد في الأرض بالسعي المتكرر لزعزعة بناء الوطن وإحياء الفتنة العمياء وتأليب المجتمع على الحكام، وإثارة القلاقل، والارتباط بشخصيات وتنظيمات، وعقد اللقاءات والمؤتمرات داخل وخارج المملكة لتحقيق أجندة تنظيم الإخوان الإرهابي ضد الوطن وحكامه”.
كما اتُّهم العودة بـ”دعوته للتغيير في حكومة آل سعود، والدعوة للخلافة بالوطن العربي، وتبنيه ذلك بإشرافه على (ملتقى النهضة)، الذي يجمع الشباب كنواة لقلب الأنظمة العربية، وانعقاده عدة مرات في عدة دول بحضور مفكرين ومثقفين، وإلقائه محاضرات محرضة”.
ووُجهت له تهمة بـ”دعوته وتحريضه للزج بالمملكة في الثورات الداخلية، ودعم ثورات البلاد العربية من خلال ترويجه مقاطع تدعمها، ونقل صورة عما تعانيه الشعوب، واستثماره الوقت في التركيز على جوانب القصور بالشأن الداخلي، وإظهار المظالم للسجناء، وحرية الرأي”.
واعتُبر انضمامه إلى تجمعات واتحادات علمية دينية تهمة، واعتُبرت “مخالفة لمنهج كبار العلماء المعتبرين، وتقوم على أسس تهدف لزعزعة الأمن في البلاد والوطن العربي، ودعم الثورات والانشقاقات والصمود ضد الحكومات، والانضواء تحت قيادة أحد المصنفين على قائمة الإرهاب (يوسف القرضاوي)، وتوليه منصب الأمين المساعد في الاتحاد”.
كما اتُّهم بـ”تأليب الرأي العام، وإثارة الفتنة، وتأجيج المجتمع وذوي السجناء في قضايا أمنية؛ بالمطالبة بإخراج السجناء على منصات إعلامية”.
ومن بين تلك التهم الموجهة للداعية سلمان العودة حيازته صوراً للدكتور يوسف القرضاوي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وتدخله في شؤون دولة مصر، وتنصيب نفسه مفتياً لجماعة الإخوان ورفضه وصفها بمنظمة إرهابية، بحسب نص التهم التي أوردها الإعلام المحلي.
كما كان من بين التهم ما يتعلق بالأزمة الخليجية، حيث ورد أن للداعية سلمان العودة علاقات مع قطر، واعتراضه على بيان دول حصار قطر، “وبث معلومات مغلوطة عن المقاطعة”.
كما اتهم بوجود علاقة له مع النظام الليبي السابق، واتهم أيضاً بالدعوة لجمع التبرعات ودفعها للثورة السورية والتحريض، على الرغم من أن الدولة السعودية كانت تدعم الثوار السوريين على الأرض وتمدهم بالمال والسلاح.
ودشّن “العودة” رحلة مليئة بالعلم انتهت بتغييبه في السجون، دون أن تفلح في طمس مسيرة مثمرة أو تغييب حاضنته الشعبية الكبيرة.
وكان يُعتبر من أكثر علماء الدين المسلمين استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي؛ مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام وسناب شات، ويحظى بمتابعة مئات الآلاف من مستخدميها.
كما شارك في العديد من الجلسات الشبابية، والمحاضرات، وحاور في الندوات. وتنوّعت مجالاته، مركّزاً على التفكّر والتأمل واستنباط المعاني والتجديد بالفهم والعمل.
وعن سبب اعتقال “العودة” قال أحد أقاربه، في يناير 2018، نقلاً عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، إنه يعتقد أن “العودة” محتجز لأنه لم يمتثل لأمر من سلطات آل سعود بنشر نصٍّ محدّد على “تويتر”، ونشر تغريدة، في 8 سبتمبر، جاء فيها: “اللهم ألّف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”، وهي -كما يبدو- دعوة للمصالحة بين دول الخليج.
ومنذ محمد بن سلمان ولاية العهد، شنّت سلطات آل سعود موجة من الاعتقالات لمئات المسؤولين والأمراء والدعاة والمعارضين السياسيين وحتى الناشطين الليبراليين والمتحرّرين.
واستخدم بن سلمان مختلف أساليب الترهيب والترويع ضد من يعارضه، وأحدث الكثير من التغييرات التي لم يسبقه إليها أحد في بلاده، ما يقوّض حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمملكة.