باتت “العودة الحضورية لقطاعات التعليم السعودية” عنوانا جديدا لفشل السياسات الحكومية للنظام السعودي في إدارة المملكة عموما وملف التعليم خصوصًا.
وليست هذه المرّة الأولى التي يثبت لنا فيها النظام السعودي عدم أهليته في إدارة مؤسسات الدولة بطرق تضمن كفاءتها وجاهزيتها لخدمة الوطن بعيدا عن القرارات الفردية المتخبطة والتي غالبا ما تؤدي لنتائج سلبية وسياسات فاشلة، لكنها المرة الأوضح التي تفضح فيها السلطات نفسها للمجتمع وتظهر بوضوح عدم اهتمامها به.
الحديث هنا عن قرار وزارة التعليم الذي صدر قبل أيام قليلة من الموعد المحدد مسبقا لعودة العام الدراسي في المدارس والجامعات وجميع قطاعات ومؤسسات التعليم في السعودية.
ذلك القرار الذي نص على عودة الدراسة بشكل حضوري كامل بعد ما يقارب العامين من التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا العالمية.
ووصف مغردون القرار المذكور بأنه متخبط يعبر عن فشل السلطات في بناء سياستها على مصلحة الناس وحرصها على “أخذ اللقطة” وتوفير مادة جديدة لمواليها “المطبلين” للتصريح بتحقيق النجاح.
إذ عاد التعليم بشكل حضوري في ظل الجائحة، وهذه السعودية العظمى! رغم كون أغلب دول العالم لا تزال – حرصا على سلامة الطلاب والطالبات – تتخذ إجراءات صحية منها تحويل المنظومة التعليمية للعمل عن بعد.
ويؤكد مغردون أنه كان على السلطات السعودية أن تستفيد من التجارب العالمية الناجحة في التعليم عن بعد خلال فترة فيروس كورونا لتستمر حتى زوال الخطر لحماية شعبها بدلا من المغامرة والمخاطرة بحياة الطلاب والطالبات وأسرهم خصوصا مع انتشار العديد من النسخ المتحورة من الفيروس وتفشيها عالميا ومخاطر انتشارها محلياً.
ورغم كل هذه المخاطر المقلقة للناس قامت السلطة بإجبار مؤسسات التعليم على العودة الحضورية! وهنا من حق السعوديين التساؤل “ألم تزعم السلطات السعودية أن تجربتها في التعليم عن بعد من الأنجح عالميا خلال الجائحة؟”.
وألم تتفاخر دوما بسرعة انتقالها للعمل عن بعد واستمرار المسيرة التعليمية بطريقة آمنة طيلة فترة تفشي فيروس كورونا ؟ هل انتهى فيروس كورونا في السعودية ليعود الوضع كما كان قبل الجائحة؟ هل وصلت المملكة إلى نسبة كافية من المناعة المجتمعية؟.
إجابة وزارة الصحة السعودية كانت ولا زالت حتى الآن: لا لم نصل بعد ولا نزال بالحاجة إلى اللقاح والتباعد الاجتماعي واستمرار بقية الإجراءات الاحترازية لاحتمال تفشي متحور دلتا الجديد .. فلماذا إذا تخاطر الحكومة بحياة الطلاب والطالبات وأسرهم وتجبرهم على العودة الحضورية لمؤسساتهم التعليمية ؟
من حق السعوديين الغضب والقلق من هكذا عشوائية وتخبط في هذه القرارات التي لا تراعي مصالح ولا سلامة الناس وليس لها أسباب ضرورية تجعل المخاطرة بهذا الشكل المحزن مقبولة!.
وبالفعل هذا ما حدث فمنذ إعلان مجلس الوزراء عن الموافقة على خطة وزارة التعليم للعام الدراسي الجديد عبر الناس بوضوح عن قلقهم وخوفهم من العودة الحضورية في ظل انتشار المتحور الجديد وعدم حصول أغلبية المجتمع على جميع جرعات اللقاح مطالبين النظام ممثلا بوزارة التعليم بإلغاء هذا القرار واستمرار العمل بالتعليم عن بعد حتى تقليل نسب المخاطرة الكبيرة بحياة الطلاب والطالبات.
ووصلت هذه المطالبات بشكل يومي إلى الترند السعودي وتفاعل معها آلاف المواطنين دون أن يجدوا آذانا صاغية في الحكومة تستجيب لمطالبهم وتراعي مصالح أبنائهم وبناتهم.
لكن بدلا من اتخاذ قرار عاجل بإلغاء العودة الحضورية غرّدت الدولة في وادي غير وادي الشعب حيث تحدثت الوزارة عن إضافة فصل دراسي جديد للعام ومناهج جديدة وتعديلات في المناهج الدراسية الحالية وبالطبع دون التطرق لأزمة سد العجز.
فبدلا من توفير كوادر مؤهلة لهذه الخطط والمناهج قامت بإسنادها لغير المتخصصين وهذه مهزلة كبرى لدرجة أن يسند لمعلمي اللغة العربية تدريس مواد مثل الفلسفة والتفكير الناقد!.
بالإضافة لعدم وضوح خطط الوزارة للنظام الجديد للثانويات وعدم وصول الكتب لأغلب المدارس رغم إعلان الوزارة وصولها قبل أسابيع! تخبط وكذب على الناس بشكل مسيء لا يمكن تفهمه.. فلأي حال وصلت البلد؟ وماذا ننتظر من هكذا نظام تعليمي فاشل ومحبط؟