انسحبت مبعوثة الأمم المتحدة للشباب جاياثما ويكراماناياك من فعالية نظمتها مؤسسة مسك الثقافية التابعة للملكة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وجاء اعلان الانسحاب على لسان فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بأن ويكراماناياك قررت الانسحاب من فعالية تنظمها مؤسسة “مسك” الثقافية التابعة لبن سلمان مباشرة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وذكر حق إن هذه المشاركة في الظروف الحالية لن تؤدي إلى النتائج المرجوة، وهي التقريب بين القادة الشباب والمؤثرين والمبدعين للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومنذ مقتل الصحفي خاشقجي في سفارة المملكة في اسطنبول تراجعت علاقات الجامعات والهيئات التابعة للمملكة مع الأمم المتحدة.
إذ قررت جامعة هارفارد الأميركية مثلا في يوليو/تموز الماضي وقف التعامل معها على خلفية تقارير وجهت أصابع الاتهام إلى شخصيات بارزة في المملكة -من بينها محمد بن سلمان- بالمسؤولية عن مقتل خاشقجي.
ووجهت الأمم المتحدة إدانات متكررة لنظام آل سعود بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خصوصا ما يتعلق بالحرب على اليمن.
ومطلع الشهر الجاري صدر تقرير عن الأمم المتحدة بشأن اليمن يفصّل مجموعة من جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها المملكة في السنوات الماضية ، من خلال الغارات الجوية، والقصف العشوائي، والقناصة، والألغام الأرضية، فضلاً عن القتل والاحتجاز التعسفيين، والتعذيب، والعنف الجنسي والجنساني، وإعاقة الوصول إلى المساعدات الإنسانية في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وأوجز فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن الذي شكّله مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى أن المملكة، قد استفادت من “غياب المساءلة” حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ودعا التقرير إلى والوقوف الفوري لجميع أعمال العنف التي ارتُكبت ضد المدنيين، وشكّلت انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الساريين، ويطالب الأطراف باتخاذ الإجراءات لحماية المدنيين وضمان العدالة لجميع الضحايا.
حيث جاء علي لسان رئيس فريق الخبراء بشأن اليمن، السيد كمال الجندوبي، قائلاً: “بعد مرور خمس سنوات على النزاع، لا تزال الانتهاكات ضد المدنيين اليمنيين مستمرة بلا هوادة، مع ضرب عرض الحائط بمحنة الشعب وغياب أي إجراءات دولية لمحاسبة أطراف النزاع”.حيث اضاف “يجب على المجتمع الدولي أن يضاعف جهوده لتحرير الشعب اليمني من الظلم المستمر الذي يعاني منه”.
يذكر أن المملكة ودول التحالف لم تقدم أي تعاون مع فريق الخبراء , لكن تمكن الفريق خلال الفترة القصيرة المتاحة هذا العام من إجراء أكثر من 600 مقابلة مع الضحايا والشهود، ومراجعة مواد وثائقية ومفتوحة المصدر، فضلاً عن التحقيق في حالات رمزية لتحديد الأنماط السلوكية التي تشير إلى حصول انتهاكات مزعومة في اليمن منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
وقد وجد الخبراء أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الأعمال العدائية التي يقودها بن سلمان ، من خلال الغارات الجوية والقصف، ما زالت تؤثّر بشكل خطير على المدنيين، وأن جزءاً كبيراً من هذه الهجمات قد يرقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي. والى جانب الانتهاكات ذات الصلة بسير الأعمال العدائية، عن الحرمان التعسفي من الحق في الحياة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتعذيب، وسوء المعاملة، وتجنيد الأطفال، وانتهاك الحريات الأساسية، وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهي ترقى إلى انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، حسب الاقتضاء. وقد يؤدي العديد من هذه الانتهاكات إلى تحميل الأفراد المعنيين المسؤولية عن جرائم الحرب فيما لو أحيلت الى محكمة مستقلة ومختصة.
وحدّد فريق الخبراء، حيثما أمكن، الأفراد المسؤولين على الأرجح عن الجرائم الدولية، وقُدمت قائمة سرية محدثة بأسماء الأفراد إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. وعندما استحال تحديد الأفراد، حدّد فريق الخبراء الجماعة المسؤولة.
أضاف السيد الجندوبي قائلاً: “لا يمكن التسامح بعد الآن بشأن الإفلات من العقاب المستشري – عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت في اليمن. يجب تمكين التحقيقات الحيادية والمستقلة لمحاسبة أولئك الذين لا يحترمون حقوق الشعب اليمني. كما يجب على المجتمع الدولي التوقف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات وعن الوضع الإنساني الذي لم يعد محمولاً”.
وتفاقمت الأزمة الإنسانية الكارثية في اليمن بسبب أثر الهجمات الشديد والمستمر على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، والمرافق المائية، ونقل الغذاء، والمزارع والأسواق، وكذلك حالات الحظر والحرب الشبيهة بالحصار التي تعوّق وصول المساعدات الإنسانية، وغيرها من التدابير المماثلة.
“وأضاف الجندوبي أن حرمان السكان اليمنيين اللاإنساني من حقوقهم في الأدوية، والماء، والغذاء، يجب أن يتوقف فوراً. ويجب إعطاء الأولوية لبقاء 24 مليون شخص معوزين على قيد الحياة”.
وأعرب فريق الخبراء عن قلقه الشديد من أن يكون أطراف النزاع قد استخدموا الجوع كوسيلة حرب، إذ ساهمت هذه الأعمال في حرمان السكان من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم.