يطلب مشروع قانون أميركي جرى تقديمه إلى الكونجرس الأمريكي تفتيشا على الطاقة النووية في المملكة.
وصرح معاونان ديمقراطيان في الكونجرس الأميركي، أن المملكة ودولا أخرى تسعى لاستخدام التكنولوجيا الأميركية لتطوير محطات الطاقة النووية يجب أن توافق على عمليات تفتيش شاملة تجريها الأمم المتحدة بموجب مشروع قانون سياسة الدفاع المتوقع الإعلان عنه هذا الأسبوع.
ويطالب الإجراء، الذي قاده النائب الديمقراطي برادلي شيرمان، الدول بالتوقيع على ما يسمى بالبروتوكول الإضافي.
ويتطلب هذا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إجراء عمليات تفتيش مفاجئة لمنشآت الطاقة النووية لضمان عدم قيام الدول بتطوير مواد للأسلحة النووية.
وقال المعاونان إن هذا ورد في مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي، وهو أحد التشريعات القليلة التي يجب أن يقرها الكونجرس كل عام.
ويمكن الإعلان عن مشروع القانون في الأيام المقبلة بعد شهور من المفاوضات.
وتجري إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ فترة طويلة محادثات هادئة مع المملكة التي ترغب في بناء محطتين للطاقة النووية وقد تستخدم التكنولوجيا الأميركية للقيام بذلك.
ويسعى النواب لمزيد من الرقابة على أي اتفاق مع المملكة بعدما قال ولي العهد محمد بن سلمان العام الماضي إن بلاده لا تريد أسلحة نووية، لكنها ستسعى إليها إذا طورتها إيران.
وزاد القلق في الكونجرس من سعي نظام آل سعود للحصول على الطاقة النووية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول العام الماضي.
وفي فبراير/شباط الماضي أصدرت لجنة الرقابة والإصلاح داخل مجلس النواب الأميركي تقريراً مثيراً للجدل يتناول برنامج الطاقة النووية السعودي، وقد استندت فيه على تسريبات عدّة تتحدّث عن عزم ترامب السماح لشركات أمريكية بتزويد المملكة بتكنولوجيا نووية حسّاسة لدعم هذا البرنامج.
ويرسم التقرير عمليا رؤية موجّهة المعالم داخل البيت الأبيض، تقوم على تشجيع بناء عشرات محطّات الطاقة النووية في السعودية والمنطقة، وهو ما يمكن وصفه بزيت يُصب في منطقة مُشتعلة بالأساس، نظراً إلى ما يشكّله هذا التوسّع في إنشاء محطّات للطاقة النووية من تحدّيات أمنية جدّية، ولا سيّما إذا كان نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية غير مُقيّد ومُراقب.
ويلمّح التقرير إلى إمكان وجود صفقة بين واشنطن والرياض، تُمنح بموجبها المملكة ما تريده نووياً، كجزء من خطّة السلام الشاملة التي يُروج لها حالياً، ويشارك فيها جارد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وزوج ابنته.
ووفقاً للتقرير، يروّج مستشارون سابقون وحاليون داخل البيت الأبيض لنهجٍ يتصف بالمرونة في التعاطي مع برنامج الطاقة النووية السعودي، ويقضي بالسماح للسعودية للقيام بأنشطة مختلفة، مثل تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود النووي المستنفد، وهذه الأنشطة ليست إلّا مدخلاً لتوفير المواد اللازمة لتطوير برنامج تسلّح نووي إذا رغبت السعودية في ذلك.
مع الإشارة إلى أن محاولات تسهيل نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية إلى المملكة ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع مصالح الشركات الأميركية المعنية التي يمكنها جني مليارات الدولارات من خلال الحصول على عقود بناء وتشغيل المنشآت النووية السعودية، ومع مصالح كبار المستشارين في الإدارة الأميركية والأدوار التي يمكنهم الاضطلاع بها مستقبلاً.
ويحذّر التقرير من سعي البيت الأبيض الحثيث لعقد صفقة نووية مع الرياض بمعزل عن الضوابط والممارسات الصارمة التي تحجب نقل التكنولوجيا النووية الأميركية إلى بلدان يُشكّك بإمكان قيامها بأنشطة نووية غير سلمية، نظراً إلى التبعات التي قد تنطوي عليها والمتعلّقة، بشكل رئيس، بانتهاك قانون تصدير الطاقة الذرّية، وهو ما قد يشكّل سابقة قانونية قد تتحوّل إلى عنصر جرمي يحاسب عليه المعنيون.
ولطالما روّج نظام آل سعود لفكرة تطوير برنامج للطاقة النووية، لكن على عكس ما حصل في الإمارات حيث تشرف المفاعلات على إنتاج الكهرباء بعد الانتهاء من مرحلة البناء، لم يحقّق البرنامج السعودي أي تقدّم ملحوظ نظراً لخضوعه إلى خطط دائمة التغيّر تسيطر على آلية التخطيط له.
إلّا أن الثابت في هذا البرنامج هي المبررات التي يقدّمها السعوديون لتبرير حاجتهم إلى بناء مفاعلات طاقة نووية، وأبرزها الدور الإيجابي الذي يعكسه برنامجاً مماثلاً في الحدّ من استهلاك النفط داخلياً وبالتالي زيادة الكمّيات القابلة للتصدير.
بالإضافة إلى ذلك، يسوّق أنصار الطاقة النووية في السعودية الحاجة إليها بصفتها مصدراً غير متقطّع للطاقة على عكس مصادر الطاقة المُتجدّدة. إلّا أن معاينة الخطط الموضوعة قيد الدرس يدحض هذه الحجّة، كونها تعكس اهتمام السعودية ببناء مفاعل أو اثنين على أبعد تقدير، أو بعض المفاعلات الصغيرة، والتي لن تسهم بإحداث أي تغيير جذري في الاعتماد على النفط والغاز لتوليد الكهرباء.
وكمّية الكهرباء المنوي إنتاجها نووياً تشكّل نسبة صغيرة من حاجات المملكة إلى الطاقة، وبالتالي يمكن الإستعاضة عنها بسهولة، وبصورة أكثر فعالية من الناحية الاقتصادية، بالطاقة الشمسية، والتي تبرع فيها شركات محلّية ذات صيت دولي مثل أكوا بور.
أمّا من ناحية التكلفة والقدرة التنافسية، فالطاقة النووية تعدّ باهظة التكاليف مقارنة مع بدائل الطاقة من المصادر المُتجدّدة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من جهة، ومع الغاز الطبيعي من جهة أخرى.