تسبب إعلان السلطات السعودية بشأن وقف معاش الضمان الاجتماعي لآلاف المستفيدين بحالة من الغضب الشعبي وسط انتقادات لتنامي مظاهر الفساد والإنفاق الحكومي على الترفيه ونشر الإفساد.
إذ بينما تواصل السلطات السعودية تعاقدها مع لاعبين كرة قدم عالميين ويقدم عروضا بعقود مليارية مغرية أتم بعضها ويترقب غيرها، لتكوين فريق الدوري السعودي، أوقفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية صرف معاشات الضمان الاجتماعي لأكثر من 7300 مستفيد في دفعة مايو/أيار 2023، تراوحت أعمارهم بين 18 إلى 40 عاماً.
وبررت الوزارة ذلك بأن المستفيدين من الضمان الاجتماعي أخلوا بشرط من شروط صرف المعاش وثبوت عدم جديتهم في التمكين ورفضهم للفرص الوظيفية المقدمة لهم من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، مستندة على الفقرة الخامسة من المادة السابعة عشرة في نظام الضمان الاجتماعي.
وتنص المادة على توقف صرف المعاش إذا ثبت للوزارة أن المستفيد القادر على العمل لا يبحث عن عمل أو لم يتقدم إلى منصات التوظيف المعتمدة في الوزارة، وما في حكمها، أو لم يقبل عروض العمل والتدريب المناسبة.
ودعت وزارة الموارد البشرية إلى التجاوب مع فرص التدريب والتأهيل والتوظيف المقدمة إليهم لتجنب إيقاف صرف معاش الضمان الاجتماعي.
وكانت الوزارة قد أقرت صرف زيادة 100 ريال على معاش الضمان الاجتماعي المقدر بـ 1000 ريال للفرد المستقل و500 ريال للفرد ومعه تابع، منذ مطلع يناير/كانون الثاني 2023.
وأثار إعلان الوزارة وقف معاشها على حسابها بتويتر في 14 يونيو/حزيران 2023، استياء وغضب ناشطون أفادوا عبر تعليقاتهم على الإعلان بأنهم يبحثون عن عمل دون جدوى، ساخرين من تبرير إيقاف المعاش برفض المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي الوظائف المعروضة عليهم أو عدم جديتهم في البحث عن عمل.
وانتهز ناشطون الفرصة لطرح معاناتهم من البطالة والإشارة إلى أن الوظائف التي تعرضها الوزارة على الشباب متدنية لا تناسب مؤهلاتهم ولا دراستهم وليس لها مستقبل وظيفي.
وأكد هؤلاء أن القرار يعني انضمام 7300 مواطن سعودي لصفوف العاطلين وأعداد الفقراء ومعدومي الدخل داخل المملكة، مما يبرهن على عدم أهلية السلطات لحل أزمات المجتمع.
وتعاقب قرار وزارة الموارد البشرية مع تأكيد بيانات رسمية صدرت في الربع الأول من العام الجاري 2023، تدعي تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى 8% في الربع الأخير من عام 2022 انخفاضا من 9.9% في الربع السابق، واستقرار معدل المشاركة في القوى العاملة بين السعوديين عند 52.5%.
وزعمت الهيئة العامة للإحصاء في بيان لها في مارس/آذار 2023، أن معدل البطالة الإجمالي في البلاد، الذي يشمل السعوديين وغير السعوديين، انخفض إلى 4.8% في الربع الرابع من 2022 مقابل 5.8% في الربع السابق، مدفوعا بنمو التوظيف، مع توسع الشركات في التعيينات.
كما يأتي قرار وقف صرف معاشات الضمان الاجتماعي لـ7300 مواطن، في الوقت الذي تخصص فيه المملكة ميزانية ضخمة من صندوق الثروة السيادية للرياضة والترفيه، وتدخل في استثمارات رياضية بمليارات الدولارات وصفها الإعلام الغربي بأنها “محاولة لتحويل الانتباه عن انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان “وفق صحيفة ميدل ايست أي”.
والأسبوع الماضي، أعلن دوري “بي جي إيه” الأمريكي للغولف اندماجا مفاجئا مع دوري “إل آي في” الممول من صندوق الثروة السعودي؛ وأفادت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن تكلفة هذا الدمج تقدر بمليارات الدولارت، موضحة أن السعودية أنفقت خلال السنوات الماضية، مئات الملايين من الدولارات لاستقطاب كبار لاعبي الجولف في العالم.
كما ضم نادى اتحاد جدة السعودي المهاجم الفرنسي كريم بنزيما، في صفقة انتقال حر، بعد نهاية عقده مع ريال مدريد، بعقد يمتد لـ3 سنوات، تنتهى في يونيو/حزيران 2026، مقابل راتب سنوي يقدر بـ200 مليون يورو لمدة 3 سنوات، ليصل الإجمالي إلى 600 مليون يورو، بينما يحصل على 20 مليون يورو، للترويج لملف استضافة السعودية لكأس العالم 2030.
وذكرت تقارير وأخبار سعودية ومصرية أن نادي الهلال السعودي قدم عرض بقيمة 12 مليون دولار من أجل الحصول على خدمات مدافع المنتخب المصري والنادي الأهلي محمد عبد المنعم، وهو العرض الذي يبحث حاليا مجلس إدارة الأهلي الموافقة عليه والاستفادة من العرض المالي الضخم لضم اللاعب.
كل تلك الأموال وغيرها مما لا يسع المجال حصرها، يصرفها النظام السعودي على الألعاب الرياضية، بينما يضيق به الحال في تغطية ضمان اجتماعي لـ7300 مستفيد، من معاش زهيد، لا يمثل إجماليه نسبة مئوية تذكر في أي عقد من عقود اللاعبين المشار إليها أو صفقة من الصفقات الاستثمارية التي يعقد صندوق ولي العهد محمد بن سلمان.