ألقت الضغوطات السعودية على الحكومة الشرعية اليمنية التي تتخذ – الرياض مقرا لها – بظلالها السلبية على مسار العملية السياسية وإجهاض مبادرة وقف الحرب وإحلال السلام في البلد المنكوب.
وينتقد مراقبون رهان القرارات اليمنية بيد سلطات آل سعود التي تمارس الابتزاز السياسي والمالي ضد رموز الحكومة الشرعية، والذين أصبحوا مجرد وسيلة لتمرير خطط السعودية في السيطرة على اليمن وشرعنة تدخلها وتواجد قواتها فيه.
وقال وزير النقل السابق صالح الجبواني، في تغريدة له في حسابه الرسمي في «تويتر»: «فخامة الرئيس هادي، نحن نقدر الضغوط التي تمارس عليك، لكن لا تنسى أنها ليس تسوية وظيفية في إدارة منسية بل مصير اليمن كلها، اليمن وسيادتها واستقلالها بل وعِرضها وشرفها”.
وأضاف الجبواني: “لا تتنازل، فماذا بقي أن تنازلت.. الموت واحد والدماء التي تسفك في الشيخ سالم (محافظة أبين) ومأرب والجوف والطرية تناديك.. لا تتنازل».
وقال مستشار وزارة الإعلام الشرعية ورئيس مركز أبعاد للدراسات والأبحاث، عبد السلام محمد: «أي مطلع على الحرب في اليمن يجد هناك فجوة بين استغلال الحوثيين لنقاط ضعفهم وتحويلها لسلاح في وجه خصومهم، وإهمال الشرعية لنقاط قوة في يدها وتحويلها إلى عبء يستخدم للضغط عليها من التحالف والمجتمع الدولي، وأكبر مثالين البنك المركزي وحرب العُملة وأيضاً التسليح النوعي».
وأضاف محمد: «تحتاج الحكومة (الشرعية) لإجراءات إدارية للحفاظ على العُملة من التدهور ومنع استغلال الحوثيين ولوبيات الحرب المتاجرة بها. صحيح أن منع التحالف للشرعية تصدير النفط والغاز سبب مهم في عدم استقرار العملة، لكن هناك أسباب أخرى تتعلق باقتصاد الحرب، وهناك مسؤولون حكوميون وعائلاتهم أصبحوا جزءاً منها».
وعلى الرغم من نقاط القوة التي تمتلكها الحكومة الشرعية على الصعيد السياسي والعسكري، لعبت الضغوط التي تمارس عليها من قبل الإمارات والسعودية في كل تفاصيل قراراتها السيادية بما في ذلك تعيين كبار المسؤولين الحكوميين وإدارة الشؤون الحكومية على أرض الواقع،
المحامي محمد المسوري، لعب دوراً في تحويل مكامن القوة هذه إلى نقاط ضغط، وهو ما أسهم بشكل كبير في إطالة أمد الحرب، وانسداد الأفق أمام المساعي الرامية الى إحلال السلام في البلاد.
وكانت العديد من المصادر الحكومية كشفت خلال الفترة الماضية عن ضغوطات تواجهها الحكومة الشرعية من قبل دول التحالف، وفي مقدمة ذلك دول الإمارات التي أصبحت منذ نهاية العام 2016 تلعب بالمكشوف ضد التوجهات الحكومية اليمنية عسكرياً وسياسياً من خلال الميليشيات التي أنشأتها في جنوب اليمن والمناطق القريبة منها، والتي سيطرت فيما بعد على العاصمة الحكومية المؤقتة عدن، وعلى بعض المحافظات المجاورة لها.
ولم تعد الضغوط والممارسات الإماراتية على الحكومة اليمنية مجرد «عزف خارج السرب» بمعزل عن توجهات السعودية، كما كان البعض يتصور ذلك، حيث كشفت الأيام أن كافة العمليات العبثية الإماراتية في اليمن منذ البداية كانت بضوء أخضر من الرياض، في إطار التخادم المتبادل بينهما وتقاسم الأدوار في تقاسم مقدرات اليمن على المدى القصير والبعيد.
ويشهد الملف اليمني حراكاً نشطاً هذه الأيام على الصعيدين المحلي والإقليمي، مع احتمالية دخوله نحو منعطف جديد مع تغيّر الإدارة الأمريكية، التي من المقرر أن تشهد انتقال السلطة رسمياً لإدارة الرئيس الديمقراطي المنتخب جون بايدين في 20 من كانون الثاني/ يناير المقبل، وهو ما قد يشهد تحولاً في الإدارة الخليجية لملف الحرب في اليمن.