اعتمد البرلمان الأوروبي اقتراحًا بشأن الرقابة على صادرات الأسلحة من الاتحاد الأوروبي يطالب بوضع حد لمبيعات الأسلحة الأوروبية، وكذلك تكنولوجيا المراقبة وأي معدات أخرى يمكن أن تسهل القمع الداخلي، إلى السعودية والإمارات، والبحرين ومصر.
يذكرنا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في 17 سبتمبر/أيلول، أنه وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن دول الاتحاد الأوروبي الـ28 كانت مجتمعة ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى السعودية والإمارات للفترة 2015-2019، وأن كلا البلدين، من بين دول أخرى يرتكب جرائم دولية في اليمن.
كما حث أعضاء البرلمان الأوروبي جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي على اتباع مثال ألمانيا وفنلندا والدنمارك التي تبنت قيودًا على صادرات الأسلحة إلى السعودية في أعقاب القتل الوحشي للصحفي المعارض “جمال خاشقجي” قبل عامين.
تزامنت خطوة البرلمان الأوروبي مع تركيز متجدد على مبيعات الأسلحة لممالك الخليج. في السنوات العديدة الماضية، باءت الجهود المبذولة لوقفها في الكونجرس الأمريكي بالفشل بسبب الدعم غير المشروط من إدارة “ترامب” للسعودية.
ومع ذلك، أعاد مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” في منتصف سبتمبر/أيلول إشعال الجدل من خلال تسليط الضوء على احتمال مساعدة مسؤولي وزارة الخارجية والبنتاجون الذين سمحوا بمبيعات القنابل إلى السعودية، وبهذه الطريقة، الضربات ضد المدنيين في اليمن، وأنه يمكن محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وفي الوقت نفسه، حث تحالف من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والحد من التسلح في كندا، رئيس الوزراء “جاستن ترودو” على وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية بعد أن أشارت لجنة تابعة للأمم المتحدة للمرة الأولى إلى دور كندا في تأجيج الحرب في اليمن، إلى جانب دول أخرى.
إن تعزيز الحجة لمراجعة السياسة الحالية في الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي نفسه ليس السبب الوحيد الذي يجعل توقيت تصويت البرلمان الأوروبي مهما، بل أن ذلك حدث فعليًا في غضون 24 ساعة من احتفال البيت الأبيض الكبير، بما يسمى باتفاقات “إبراهيم”، أو “اتفاقيات التطبيع” الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين.
كان رد فعل حلفاء واشنطن الأوروبيين أكثر هدوءًا بكثير حيث رحب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، “جوزيف بوريل”، بالاتفاقات في بيان فاتر إلى حد ما، ذكّر فيه (إسرائيل) بضرورة التخلي، وليس مجرد تعليق، أي خطط لضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.
وكان من الملحوظ أيضًا أن الدولة العضو الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تمت دعوتها لهذه المناسبة هي المجر، التي قضى زعيمها الاستبدادي “فيكتور أوربان” العقد الماضي في تفكيك الديمقراطية المجرية والاشتباك مع بروكسل، ومن المعروف أيضًا أن “أوربان” مؤيد قوي لكل من “ترامب”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”.
في غضون ذلك، يخبرنا التصويت في البرلمان الأوروبي أن الصفقات مع (إسرائيل) لا يمكن أن تحمي الإمارات والبحرين من الانتقادات لسياساتهما القمعية، وفي حالة الإمارات، جرائم الحرب في اليمن.
وهذا لا يعني أنه ليس لديهم حلفاء حيث كانت الإستراتيجية التي اتبعتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر على مدار السنوات القليلة الماضية، من خلال مجموعات الضغط في بروكسل، تتمثل في تشكيل تحالفات مع مجموعات سياسية من يمين الوسط.
ومع ذلك، أشار تصويت الأسبوع الماضي في البرلمان الأوروبي إلى أن هذه الاستراتيجية لا تسفر عن النتائج المرجوة.
سعت الجماعات اليمينية إلى حذف جميع الإشارات الحاسمة إلى الثلاثي الخليجي ومصر، لكنها فشلت، ومع ذلك، امتنع فصيل يمين الوسط الرئيسي، حزب الشعب الأوروبي، عن التصويت النهائي على القرار وانشق بعض المحافظين المعتدلين من هولندا وبلجيكا وفنلندا والنمسا عن خط حزب الشعب الأوروبي وانضموا إلى المجموعات الليبرالية وجماعات يسار الوسط؛ ويبدو أن ثقل الرأي العام، خاصة تجاه السعودية، لم يعد من الممكن تجاهله.
في الوقت نفسه، رفض اليمين المتطرف القرار تمامًا، وأثبت مرة أخرى أنهم الأصدقاء الأوروبيون الأكثر إخلاصًا للأنظمة في الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة.
إن هذا التحالف مع قوى الإسلاموفوبيا، بالإضافة إلى اللامبالاة المتصورة تجاه القضية الفلسطينية، من المرجح أن يشوه سمعة السعودية والإمارات والبحرين في العالمين العربي والإسلامي.
أضاف التصويت في البرلمان الأوروبي زخماً لدفع الجهود عبر المحيط الأطلسي من أجل وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات، وكانت بعض الدول الأعضاء المؤثرة في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا تطبق ذلك بالفعل على الصادرات إلى السعودية، ويجب أن يتبع الآخرون نفس النهج.
إن سياسة مبيعات الأسلحة الجامحة إلى السعودية والإمارات لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً وقانونياً وسياسياً لأنها تعزز أنظمتها القمعية للغاية وتؤجج الصراعات الإقليمية وتجعل الديمقراطيات الغربية متواطئة في جرائم الحرب في اليمن.
لقد حان الوقت لوقف هذا الانحراف، ومن أجل ذلك، فإن التعبئة عبر الأطلسي للقوى المؤيدة للسلام والمؤيدة لضبط النفس أمر ضروري، والتصويت في البرلمان الأوروبي هو خطوة في الاتجاه الصحيح.