نواب أمريكيون يعارضون نقل السلاح والتكنولوجيا العسكرية لآل سعود

تتصاعد المطالب البرلمانية الأمريكية من إدارة الرئيس دونالد ترامب بالتوقف عن بيع السلاح لآل سعود، والكشف عن تفاصيل العقود الجانبية المرتبطة بصفقات السلاح الأمريكية إلى المملكة.

ودعا عدد من النواب الديمقراطيين إدارة الرئيس ترامب للكشف عن تفاصيل العقود الجانبية المرتبطة بصفقات السلاح الأمريكية إلى المملكة.

وقال جاك ديتش من مجلة “فورين بوليسي” إن الطلب جاء من ستة نواب ديمقراطيين بزعامة النائبة عن كاليفورنيا كاتي بورتر ويعبر عن آخر ملمح من الصراع بين الكونغرس والقائد الأعلى حول العلاقة الدافئة بين البيت الأبيض ودول الخليج العربية.

ويريد النواب من الإدارة كشف معلومات عن الصفقات التي تم التفاوض عليها بين المسؤولين السعوديين والمتعهدين الأمنين الأمريكيين والتي تسمح للرياض بنقل جزء من تكنولوجيا التصنيع لدعم جهودها لتنمية صناعاتها العسكرية.

ونشرت المجلة في يونيو/ حزيران المنصرم أن إدارة ترامب تفكر بإنهاء التقليد الطويل حول إعلام الكونغرس بشكل رسمي حول مبيعات السلاح. وتفكر الإدارة بصفقة جديدة مع المملكة تشتمل على ذخيرة موجهة بدقة فيها تعويضات مهمة.

لكن النواب يرون في الممارسة التي تقوم على عقود جانبية ويطلقون عليها “تحلية” تقوض زعم ترامب بأن الصفقات التي وقعت في عهده ستؤدي إلى خلق “مليون فرصة عمل جديدة للأمريكيين”.
وفي تحليل أجراه المركز الدولي للسياسة، كشف عن حجم فرص العمل التي نتجت بسبب صفقات السلاح الأمريكية- السعودية وأنها تتراوح ما بين 20.000- 40.000 وظيفة.

وكتب النواب إلى كورديل هيل، نائب وزير التجارة بالإنابة لشؤون الصناعة والأمن: “نكتب إليك لأننا نعتقد أن إدارة ترامب بالغت في الحديث وبشكل صارخ عن المنافع الاقتصادية من تصدير السلاح، خاصة إلى السعودية .. نعتقد أن عمليات نقل التكنولوجيا إلى السعودية كجزء من مبيعات السلاح الأخيرة تضعف قدرة الصناعة العسكرية (الأمريكية) وتغذي العنف في الشرق الأوسط”.

وحاول النواب التدقيق في مبيعات السلاح إلى الشرق الأوسط منذ قيام إدارة ترامب في أيار/مايو 2019 بالإعلان عن حالة الطوارئ القومية لتجاوز معارضة الكونغرس وتمرير 22 صفقة سلاح إلى المملكة والإمارات والأردن، مما قاد إلى توبيخ حاد من الكونغرس.

في المقابل قدمت إدارة ترامب صفقات السلاح كوسيلة لتعميق علاقاتها مع عدد من الدول الأجنبية. وقبل شهرين واجه وزير الدفاع مارك إسبر معارضة من السناتورة الديمقراطية إليزابيث وارين لأنه رفض إبعاد نفسه عن القرارات المتعلقة بشركة ريثيون والتي تقوم بتصنيع القنابل الموجهة بدقة للسعودية، خاصة أنه كان من اللوبيات التي تعمل لصالح الشركة.

ورفضت بورتر وزملاؤها من النواب مثل النائب عن كاليفورنيا، جاك سبير، والموقع الرسالة، طلب البنتاغون لتخفيف القيود على الجنرالات والمسؤولين السابقين والسماح لهم بالدفاع عن المتعهدين الدفاعيين بعد عام من تركهم العمل وتقاعدهم بدلا من عامين.

وتقول مجلة “فورين بوليسي” إن التباين البادي في المصالح الخارجية بين الولايات المتحدة وسلطات آل سعود بدت واضحة في الكابيتال هيل حيث حاول الكونغرس دفع وزارة الدفاع لوقف مهام توفير الوقود للمقاتلات السعودية في حرب اليمن ونشر آلاف من القوات الأمريكية في السعودية العام الماضي.

وقالت بورتر للمجلة: “منح هذا النوع من التكنولوجيا إلى دول الخليج يظل مصدرا للقلق” و”على الكونغرس التحقيق، ليس لأن هذه الصفقات تهدد حقوق الإنسان والأمن الإقليمي ولكن لأنها تضعف قدرات صناعتنا الدفاعية”.

وأضافت المجلة أن تلويح ترامب بأن هذه الصفقات العسكرية تعتبر دفعة للصناعة العسكرية الأمريكية ونمو سوق الوظائف يتناقض مع رغبة آل سعود والإمارات اللتين يقودهما وليا عهد ينتظران الملك وينظران إلى تقوية الصناعة العسكرية المحلية كجزء من الدفع باتجاه التحديث الاقتصادي.

لكنهما مع ذلك حريصتان على شراء المعدات العسكرية الأمريكية في ضوء التوتر بالمنطقة بعد خروج الولايات المتحدة قبل عامين من الاتفاقية النووية التي وقعتها واشنطن عام 2015 مع طهران.

وقال المسؤول السابق في وزارة الدفاع والبيت الأبيض ديف ديز روتشس: “هما معنيتان بالحصول على آخر الأسلحة وأعظمها”، و”تريدان أن تكونان نظيرتان للولايات المتحدة ومتناغمتان معها”.

وبناء على الصفقة بـ 8.1 مليار دولارات، حصلت المملكة على دعم استشاري من الولايات المتحدة وصفقة لتصنيع مشترك لقنابل “بيفوي” الموجهة بدقة. وحصلت الإمارات على نفس القنابل الذكية وصواريخ جافلين المضادة للدبابات من بين أسلحة أخرى.

ولوح ترامب بزيادة التعاون العسكري والتعاون في الإنتاج أثناء زيارته الأولى إلى السعودية في أيار/مايو 2017. ولكن الولايات المتحدة لم تلوح منذ ذلك الوقت باتفاقيات التعاون هذه والتي تصل إلى نسبة 50 أو 60% من قيمة السلاح إلى السعودية والإمارات.

وقال مساعد في الكونغرس: “أعتقد أن معظم الذين يعملون على هذا في الإدارة لا يرونه إيجابيا في الحفاظ على عمليات النقل” و”لم يكرر ترامب هذا الكلام منذ زيارته للسعودية”.

وخلف الأضواء أصبح بيتر نافارو، الحليف الأكبر لترامب في البيت الأبيض والذي يعمل كمدير لسياسة التصنيع والتجارة، من المؤيدين الكبار لبيع السلاح إلى دول الخليج. ودفع النواب إلى المصادقة على بيع القنابل الذكية التي تصنعها ريثيون إلى دول الخليج بعد توقفها بسبب الحرب الوحشية التي تقودها المملكة في اليمن.

ولكن بعض الداعين للصفقات يرون أن إرسال الإشارات للمملكة كجزء من اتفاقيات جانبية يعني أن ترامب يسمح لها بالاستفادة من العلاقة الدافئة مع البيت الأبيض بحيث تحصل على موطئ قدم أكبر مما تستحقه.
ويقول سيث بايندر، من مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط بواشنطن: “لقد بالغوا في تقييم العلاقة وتجاوزوا انتهاكات فاضحة وأعرافا في العلاقة وأفرطوا في الحديث عن مبيعات السلاح وقدموها على كل عرف تتوقعه من شريك”. و”بالتأكيد هي ضربة ناجحة وعائدات الاستثمار لا تتناسب معها”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” في يونيو المنصرم، فوز شركة “رايثيون” الأمريكية العملاقة بعقد لتوريد المعدات العسكرية للمملكة بقيمة أكثر من 2.27 مليار دولار.

وذكر “البنتاغون” في بيان أنه بموجب العقد ستقدم “رايثيون” للسعودية 7 محطات رادار ومكوناتها، بالإضافة إلى خدمات أخرى، لافتا إلى أنه من المخطط أن ينفذ العقد بحلول 31 أغسطس عام 2027.

وتشمل الصفقة مبيعات الدبابات، والسفن الحربية، وأنظمة الدفاع الصاروخي، ومحطات الرادار، وتقنيات للاتصال والأمن السيبراني.

ووقعت الرياض وواشنطن في عام 2017، صفقة كبرى لتوريد أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية للمملكة بقيمة 350 مليار دولار خلال 10 سنوات.

وتحتل المملكة المركز الرابع عالمياً من حيث حجم الميزانية بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا، (وفق بيانات العام 2018). ووصلت ميزانية الدفاع السعودية في عام 2018 إلى 56 مليار دولار.

الجدير ذكره أن “رايثيون” هي شركة أمريكية متخصصة في أنظمة الدفاع، وتعد واحدة من أكبر 10 شركات دفاع في العالم، تأسست عام 1922، ويقع مقر إدارتها في ماساتشوستس، وتبلغ عائدات الشركة نحو 23 مليار دولار لعام 2008، و”رايثيون” هي أيضاً أكبر منتج للصواريخ الموجهة في العالم.

ورغم الأزمة الاقتصادية الحادة وغير المسبوقة للمملكة، كشف مؤخرا عن صفقة عسكرية جديدة أبرمها حديثا نظام آل سعود مع الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة تزيد على ملياري دولار لتوريد أكثر من ألف من صواريخ جو أرض والصواريخ المضادة للسفن إلى المملكة.

وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن شركة بوينغ ستزود المملكة بأكثر من ألف صاروخ بواقع 650 صاروخا من طراز (SLAM ER) – صواريخ جوية، و402 من طراز (Harpoon) المضادة للسفن.

وذكر بيان صادر عن البنتاغون في مايو/ آيار أن نظام آل سعود وقع عقدا مع الشركة بـ1.971 مليار دولار لتطوير ونقل 650 صاروخا (SLAM ER) إلى المملكة، مع العلم أن مدى هذه الصواريخ يصل إلى 270 كم، ومن المتوقع أن تتم الصفقة حتى ديسمبر عام 2028.

أما تصدير صواريخ (Harpoon) فسيتم ضمن عقد آخر بقيمة 656.98 مليون دولار. ويبلغ مدى هذه الصواريخ 125 كم.

و”سلام-إي آر” هي صواريخ جو أرض موجهة عبر نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” ويصل مداها إلى نحو 290 كيلومترا تقريبا. ومن المقرر إتمام ذلك العقد بحلول ديسمبر/كانون الأول 2028.

وقالت شركة بوينغ في بيان منفصل إن العقدين الجديدين يضمنان استمرار برنامج “هاربون” حتى عام 2026، وإعادة إطلاق خط إنتاج “سلام-إي آر”.

ومؤخرا كشف تقرير دولي تبديد نظام آل سعود مليارات المملكة في صفقات السلاح سعيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

وأظهر التقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن النفقات العسكرية العالمية ارتفعت بنسبة 4 بالمئة في 2019، في أكبر زيادة تسجل منذ نحو عشر سنوات.

وقال مدير المعهد، جون شيبمان، عند تقديمه التقرير على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ، إن “هذه النفقات ارتفعت مع خروج الاقتصادات من الأزمة المالية في 2008”.

وتحتل المملكة المركز الأول بين دول العالم الأكثر استيراداً للسلاح، في حين أن الولايات المتحدة تتصدر الدول المصدرة للسلاح.

وبحسب ما ذكر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبيري”، في مارس 2019، فإن الولايات المتحدة صدَّرت أكثر من ثلث الأسلحة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعزز دورها كأكبر بائع للأسلحة في العالم.

وقال المعهد في تقريره إن أكثر من نصف المبيعات الأمريكية ذهبت إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث حصلت المملكة وحدها على 22% من إجمالي المبيعات الأمريكية.

وقال أيضاً إن المملكة كانت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال هذه الفترة؛ حيث استحوذت على 12% من الواردات العالمية.

وتملك المملكة 848 طائرة عسكرية؛ منها 244 طائرة مقاتلة اعتراضية، و325 طائرة هجومية، و49 طائرة نقل عسكرية، إضافة إلى 207 طائرات تدريب عسكري، فضلاً عن 254 مروحية عسكرية، و34 طائرة مروحية هجومية.

كما تمتلك 1062 دبابة، و11100 مركبة قتالية مصفحة، إلى جانب 705 مدافع ذاتية الدفع، و1818 مدفعية مقطورة، في حين يبلغ عدد منصات إطلاق الصواريخ 122 فقط.

وفي هذا الإطار ذكرت مجلة “ناشينال إنترست” الأمريكية، أن السعودية تمتلك مقاتلات “إف 35″، التي تستطيع تنفيذ هجمات جوية على أهداف بعيدة عن السعودية بدقة عالية دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.

وأشارت إلى أن الرياض لديها قنابل “بيف واي 5” دقيقة التوجه، التي يزيد وزنها على 200 كيلوغرام، وحصلت عليها من بريطانيا التي تستخدمها قواتها الجوية، وتعد من أكثر القنابل تطوراً، ويُمكن لمقاتلات “إف 15” أن تحمل أعداداً كبيرة منها.

وبحرياً تمتلك الرياض 55 قطعة بحرية عسكرية فقط، وليس لديها أي غواصة أو حاملة طائرات أو مدمرات، بحسب بيانات الموقع العسكري المتخصص.

ولدى المملكة 7 فرقاطات، و3 سفن كاسحات الألغام، و4 طرادات سفن حربية كبيرة، و9 سفن دوريات، و4 موانئ رئيسية، في حين يصل عدد قطع الأسطول البحري التجاري إلى 357.

وقد تحولت المملكة بسبب إقبالها المفرط على شراء السلاح إلى مطمع لشركات السلاح في العالم، وسوق مغرية لبيع صناعاتهم فيها.

وقال تقرير نشره معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن ارتفاع مشتريات السعوديين من السلاح يرجع إلى تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي يقوده نظام آل سعود منذ مارس 2015.

وأوضح المعهد أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما أكبر موردين للأسلحة إلى الرياض، وضاعفت ألمانيا صادراتها من 14 مليون دولار إلى 105 ملايين دولار.

ورغم الترسانة الضخمة التي تملكها الرياض يُدرك الإنسان العادي داخل المملكة أنها “لا تنفع في أي شيء”، وهو ما كشفه بوضوح الهجوم على منشآت النفط في سبتمبر الماضي، الذي شكل بالنسبة إلى السعودية “فضيحة كبرى”، كما قال خبير الشرق الأوسط ميشائيل لودرز، في حديثه لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية التي وصفت السعودية بـ”المملكة المُجهدة”.

وأشار إلى أن المملكة هي أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية؛ لكن في الوقت عينه بواسطة 10 طائرات مسيرة فقط، يمكن إنتاجها ببساطة نسبية أو شراؤها، تمكّن الحوثيون أو أي طرف آخر غيرهم من ضرب قلب إنتاج النفط السعودي.

ورغم النفقات العسكرية الضخمة، التي تضاعفت منذ قدوم محمد بن سلمان على رأس وزارة الدفاع ومن ثم ولاية العهد، فإن ذلك ليس ضمانة لقوة الردع العسكرية، ويتضح هذا في الحرب التي شنتها الملكة، منذ مارس 2015، على اليمن ولا تزال دائرة حتى الآن “بدون أي إنجاز حقيقي”.