أعلنت منظمة حقوقية يمنية، توثيق مقتل 375 مدنياً على الأقل، في 150 غارة جوية شنّها طيران التحالف العربي في اليمن عام 2018.
وأفاد التقرير الذي أصدرته منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان (يمنية غير حكومية مقرها صنعاء)، تحت عنوان “حياة تذوي: حالة حقوق الإنسان في اليمن للعام 2018″، بأنّ “أطراف النزاع تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل خطير، فيما أدّت الغارات الجوية والقصف إلى مقتل المدنيين وجرحهم، وضرب المدارس والمستشفيات ومرافق الرعاية الصحية والعاملين في المجال الطبي”.
وأضاف أنّ “غارات التحالف الجوية لم تقتصر على المدنيين، حيث وثقت المنظمة نحو 150 غارة جوية أطلقها التحالف في 11 محافظة يمنية في عام 2018”.
وتابع أنّ “الغارات أسفرت عن مقتل 375 مدنياً على الأقل؛ بينهم 165 طفلاً، وجرح 427 مدنياً آخر؛ بينهم 172 طفلاً”، مشيراً إلى أنّ “الهجمات تسببت بأضرار بالممتلكات الخاصة والبنية التحتية الحيوية، وضربت الأحياء السكنية والقرى والطرق والأسواق والمرافق التجارية والقوارب والمركبات المدنية”.
وذكر التقرير أنّ “الحوثيين وقوات الإمارات العربية المتحدة المقاتلة بالوكالة، والقوات الحكومية اليمنية، مارست الإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي ضد عشرات الأشخاص”.
ونقل التقرير عن رئيسة المنظمة رضية المتوكل، قولها: “كلما طال انتظار المجتمع الدولي من أجل محاسبة مجرمي الحرب السعوديين، والإماراتيين، واليمنيين؛ من الطرفين (الحوثيين والحكومة) زادت صعوبة إعادة بناء اليمن”.
في هذه الأثناء لا يزال قرار الانسحاب الإماراتي من اليمن يأخذ حيزاً واسعاً من اهتمام الصحف العالميّة، خصوصاً الأميركيّة منها، واعتبرت كلّ من “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”، خطوة الانسحاب بأنها عززت القناعة التي ترى الحسم العسكري للحرب أمرا بعيد المنال خصوصا ضمن التوتر مع إيران وتصاعد التهديدات الاميركية.
ورأت صحيفة “نيويورك تايمز” في الافتتاحية، أنّ سحب الإمارات – أكبر قوة برية خارجية تدعم التدخل الذي تقوده السعودية، والذي حوّل الحرب الأهلية إلى كارثة إنسانية – قواتها من اليمن يجب أن يكون مثالاً لجميع المشاركين الآخرين في الصراع، الذي وصفته الصحيفة بـ”الخطير على المنطقة والقاسي بشكل ملحوظ”. ورأت أنّ الاعتراف الضمني للإمارات بأنّ النزاع هو مضيعة للأرواح، والموارد والمكانة القوميّة، جرعة من العقلانيّة.
وفي وقت لم تشرح فيه الإمارات بشكل علني، سبب انسحابها هذا، خوفاً من إزعاج حلفائها السعوديين، وفقاً للصحيفة، إلا أنّ الدبلوماسيين يقولون إنّ الإماراتيين، الذين أرسلوا خمسة آلاف جندي إلى اليمن لتدريب وقيادة مجموعة من القوات والمليشيات الموالية للحكومة، أرادوا الانسحاب منذ فترة.
ويقول الدبلوماسيون، بحسب “نيويورك تايمز” إنّ الإمارات خفضت بشكل حادّ نشرها للجنود وطائرات الهليكوبتر والمدافع الثقيلة في محيط ميناء الحديدة على البحر الأحمر، ساحة القتال الرئيسة العام الماضي.
ولفتت إلى أنّ وقف إطلاق النار الهش الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة في الحديدة، والذي دخل حيز التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أمّن الحجة والسبب للانسحاب.
وأضافت أنّ المحادثات التي استؤنفت الأحد، تقدّم إطاراً محتملاً لمفاوضات سلام حقيقية، إذا حذا الأطراف المتحاربون الآخرون، وعلى رأسهم السعودية، حذو القيادة الإماراتية.
في المقابل، يرتفع الضغط في الولايات المتحدة على الإدارة الأميركية من أجل وقف مساعدة السعودية في مجالات التزود بالوقود، والاستخبارات وبيع الأسلحة.
ووفّر “الاشمئزاز الأميركي المتزايد من الحرب” في اليمن، وفق الصحيفة، حافزاً إضافياً للإمارات للنأي بنفسها عن التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن.
في الوقت عينه، دفعت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران بالإمارات إلى إعادة قواتها إلى البلاد، التي ستكون بحاجة إليهم في حال ارتفاع التهديد بحصول نزاع عسكري بين البلدين.
بدورها، رأت صحيفة “واشنطن بوست” أنّ السعودية، والحاكم بالأمر الواقع محمد بن سلمان، ملامان، بنسبة متساوية، على ما وصفته بـ”تدخل عسكري كارثي في اليمن، فشل في هزيمة القوات المدعومة من إيران، وأدّى إلى مقتل آلاف المدنيين، في أسوأ كارثة إنسانية في العالم”.
ورأت الصحيفة في افتتاحيتها أنّ الإمارات شريك متساوٍ في الفشل، هي التي نشرت آلاف القوات في اليمن، وأطلقت حصاراً على الحديدة هدّد إمدادات الغذاء في البلد، في وقت كان الملايين معرّضين لخطر المجاعة.
وأشارت إلى التقارير التي تتحدث عن سحب الإمارات قواتها من منطقة الحديدة، وتقليصها إلى حدّ كبير التزامها العسكري في اليمن، معتبرة أنّها خطوة متأخرة، لكن مرحّب بها، يمكن أن تساهم في التسوية السلمية التي يتمّ التفاوض بشأنها، والتي تُعتبر الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية.
ويبدو أنّ القرار الإماراتي، كان مدفوعاً، بجزء منه، بردّ الفعل العنيف والمتزايد للكونغرس ضدّ الحرب، والذي صوّت في مناسبات عدّة على تعليق الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية، أو حظر مبيعات الأسلحة إلى كلّ من السعودية والإمارات.
وردّت الصحيفة قرار الانسحاب الإماراتي إلى سبب ثانٍ، هو تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، بعد قرار ترامب إعادة فرض عقوبات على إيران.
ويبدو، وفق “واشنطن بوست”، أنّ القلق من احتمال أن تكون دول الخليج هدفاً للثأر الإيراني، في حال نشوب نزاع عسكري، قد أدّى إلى قرار إعادة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ، وأنظمة دفاعية أخرى، من اليمن إلى الإمارات.
وقد أكّد مسؤول إماراتي لصحافيين الأسبوع الماضي هذه الحسابات، قائلاً إنّ الإمارات ليست عمياء عن الصورة الجيو-استراتيجية الشاملة.
وللأسف، قد تعطّل هذه التطورات، بحسب الصحيفة، التسوية التي يحتاج إليها اليمن بشدّة. وبعد أن بدأت إدارة ترامب أزمة أكبر مع إيران من دون أي داعٍ، لا يمكن لها أن تتوقع من طهران أن تعتمد على الحوثيين، حلفائها في اليمن، من أجل صنع السلام مع الحكومة المدعومة من السعودية. كذلك، لا يُظهر بن سلمان أي علامة على التراجع عن الحرب، على الرغم من أنّ انسحاب الإمارات جعل الانتصار احتمالاً بعيداً، وفق الصحيفة الأميركية.