تصاعد البيئة المناهضة للسعودية في الولايات المتحدة
رغم ما يدفعه آل سعود من مليارات الدولارات من استثمارات وصفقات مع الولايات المتحدة الأمريكية فإن البيئة المناهضة للسعودية خاصة محمد بن سلمان في تصاعد غير مسبوق.
يتم عطفا على ما تتورط به آل سعود من جرائم حرب وانتهاكات مروعة داخليا وخارجيا خاصة حرب اليمن وقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018.
ونشر موقع بلومبيرغ الأمريكي أن أفرادا من العائلة الحاكمة بالسعودية قد يحرمون من الحصول على تأشيرات لدخول الولايات المتحدة، بناء على مشروع قانون جديد مقدم لمجلس الشيوخ الأميركي.
وذكر الموقع أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يسعون لإيجاد طرق لمعاقبة السعودية على انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان دون استفزاز الرئيس دونالد ترامب ودفعه لاستخدام الفيتو لرفض قرارهم، شرعوا في استراتيجية جديدة وهي حرمان أفراد في العائلة الحاكمة من تأشيرة الدخول لأميركا.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية جيم ريش -وهو جمهوري عن ولاية أيداهو- قد كشف عن التشريع يوم الأربعاء الماضي، وإذا تم إقراره وأصبح قانونا فإن المئات من أفراد العائلة الحاكمة العاملين في الحكومة السعودية سيواجهون قيودا لدخول الولايات المتحدة.
وقال ريش في تصريح له “هذا التشريع هو محاولة لتحريك العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية في اتجاه مختلف وآمل أن أحظى بدعم زملائي في القيام بذلك. ونحن جميعا متفقون على أننا بحاجة إلى رؤية تغيير إلى الأمام في السلوك السعودي، وسيكون لهذا التشريع تأثير حقيقي في القيام بذلك”.
ووفقا لشخص مطلع على التشريع فإن القيود المفروضة على السفر في مشروع ريش ستظل سارية حتى تظهر المملكة تقدما في مجال حقوق الإنسان. والتقدم الممكن إثباته، كما قيّمه فريق من الوكالات الحكومية الأميركية بقيادة وزارة الخارجية، يمكن أن يشمل إطلاق سراح العشرات من المعارضين المسجونين.
ويهدف الإجراء إلى الضغط على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالرغم من أنه لن يُمنع شخصيا من تأشيرة الدخول.
وقُتل آل سعود خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي وأثارت استنكاراً واسعاً لم ينضب حتى اليوم.
وقبل أسابيع، نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تقريراً أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، من 101 صفحة، وحمّلت فيه السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمداً، مؤكدة وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان.
وذكر تقرير كالامار أن “مقتل خاشقجي هو إعدام خارج نطاق القانون، تتحمل مسؤوليته السعودية”.
كما أوضح أن العقوبات المتعلقة بمقتل خاشقجي يجب أن تشمل ولي العهد السعودي وممتلكاته الشخصية في الخارج، داعياً الرياض إلى الاعتذار من أسرة خاشقجي أمام الرأي العام، ودفع تعويضات للعائلة.
بموازاة ذلك دعت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية إلى ضرورة تشكيل ائتلاف يعيد تشكيل السياسة الأمريكية تجاه السعودية وحاكمها الوحشي المتهور رغم اعتراض ترامب على ذلك.
ورأت الصحيفة أن ترامب ما زال مُصراً على اعتبار ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، “صديقاً يقوم بعمل رائع رغم أنه وحشي متهور”، مطالبة الكونغرس الأمريكي بضرورة العمل على إقناع ترامب بأن بن سلمان ليس صديقاً لواشنطن.
وقالت إنه على الرغم من عدم وجود مساءلة عن مقتل خاشقجي ورغم وجود العديد من النساء اللواتي طالبن بحقوقهن في المعتقلات، فإن ترامب ما زال يصر على صداقته لبن سلمان.
وتؤكد الصحيفة أن هناك أغلبية من الحزبين في الكونغرس ما زالت ترفض الحكم الذي لا يمكن الدفاع عنه، خاصة في ظل سعي الرئيس لتزويد السعودية بمزيد من الأسلحة ونقل التكنولوجيا النووية لها.
وتتابع أن ترامب استخدم فعلاً حق النقض ضد مشروع قانون يهدف إلى إنهاء الدعم الأمريكي للتدخل الكارثي للسعودية في اليمن، وسيستخدمه كذلك ضد سلسلة من القرارات التي رفضت 8 مليارات دولار من مبيعات الأسلحة التي أذن بها من خلال إجراء طارئ لتجاوز الكونغرس.
وترامب، بحسب الصحيفة، ما زال يحتفظ بدعم قيادة مجلس الشيوخ الجمهوري في معارضة أي إجراء من شأنه أن يحاسب بن سلمان، على الرغم من أن وكالة الاستخبارات المركزية وتقريراً للأمم المتحدة قالا إنه من المرجح أن يكون مسؤولاً عن مقتل خاشقجي.
وترى الصحيفة أن إحدى الطرق الممكنة للمضي قدماً هي إدخال تعديلات على قانون تفويض الدفاع الوطني الذي ينتقل الآن عبر الكونغرس، والذي سيجد ترامب صعوبة في الاعتراض عليه.
ومؤخرا وافق مجلس النواب على بند برعاية النائب توم مالينوفسكي، يطلب من مدير الاستخبارات تقديم تقرير إلى الكونغرس بتسمية أي مسؤول سعودي متورط في “توجيه الأدلة أو طلبها أو العبث بها” في مقتل خاشقجي.
إجراء مثل هذا، تقول الصحيفة، من المؤكد سوف يشمل أكثر من 17 سعودياً خاضعين بالفعل للعقوبات الأمريكية بشأن مقتل خاشقجي، وربما يطول بن سلمان أيضاً.
ولسوء الحظ من المحتمل أن يعارض الزعماء الجمهوريون في مجلس الشيوخ مشروع القانون، وسيحتاج الديمقراطيون إلى مساعدة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري الذين اتخذوا موقفاً قوياً ضد جرائم الحرب السعودية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبدلاً من ذلك، تقول الصحيفة، يمكن للديمقراطيين اختيار العمل مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، جيمس ريش، الذي قدم هذا الأسبوع مشروع قانون يسعى إلى مساءلة القيادة السعودية مع تجنب حق النقض الذي يمتلكه ترامب.