القصة الكاملة لاستحواذ السعودية على نيوكاسل وكم دفع بن سلمان لذلك؟
روت مصادر سعودية مطلعة القصة الكاملة لاستحواذ السعودية على نيوكاسل يونايتد الإنجليزي وكم دفع ولي العهد محمد بن سلمان لإتمام الصفقة التي عبرت عن عناد شخصي أكثر من استثمار اقتصادي مجدي.
إذ على متن يخت “سيرين” العملاق المملوك لابن سلمان، وعلى ضفاف البحر الأحمر، بدأت قصة نيوكاسل، بدعوة سيدة الأعمال البريطانية “أماندا ستافيلي” في نوفمبر 2019، حيث تم التباحث مع ياسر الرميان، محافظ صندوق الثروة السيادي السعودي عن إمكانية شراء نادي نيوكاسل.
وبدأت ستافيلي بما تملكه من علاقات واسعة تحركاتها لإتمام صفقة الشراء، ولكنها تفاجأت بأن هذه الصفقة لم تكن كسابقاتها التي أبرمتها مع ملّاك آخرين، وبدأت الصحف الأجنبية تتناقل العوائق الكبيرة التي تواجه اتمامها، والتي تلخصت في نقطتين أساسيتين:
أولهما: السمعة الحقوقية السيئة لابن سلمان والتي جعلت مدير مؤسسة مراقبة أخلاقيات ومعايير الفيفا يرحب بتعليق “البريميرليغ” صفقة بيع نيوكاسل للسعودية، واصفًا الخطوة بأنها الإيجابية وتبعث رسالة قوية للسعودية بضرورة تنظيف سجلها الحقوقي قبل الإقدام على شراء نادٍ بريطاني عريق.
والعائق الثاني لإتمام الصفقة هو دعم المملكة لقناة (BeoutQ) المقرصنة للدوريات الأوروبية الكبرى والتي تمتلك شبكة (beIN sports) الحقوق الحصرية لها في منطقة الشرق الأوسط، والذي جعل رابطة الدوري الإنكليزي تتخوف من السماح بإبرام الصفقة.
وشهد شهر نيسان/أبريل 2020 فضائح من نوع آخر سرّبتها صحف عالمية، حول إرسال بن سلمان رسالة لرئيس الوزراء البريطاني جونسون حذّره فيها بأن العلاقات بين البلدين ستتضرر إذا فشلت حكومته في التدخل لتصحيح قرار الدوري الممتاز “الخاطئ” بعدم السماح باستحواذ نادي نيوكاسل.
والفضيحة لم تقتصر على التهديد بتضرر العلاقات من أجل نادٍ رياضي، وإنما شملت استخدام ابن سلمان “الواتساب” في مراسلاته مع جونسون والذي ينم عن جهلٍ سياسيٍ بأبسط البروتوكولات الرسمية، لتطلب المعارضة البريطانية إجراء تحقيق مع جونسون، وتهكّم موقع “itv” الإخباري على مراسلات ابن سلمان.
وعلى الرغم من تولّي اللورد “إيدي ليستر” المبعوث البريطاني الخاص إلى الخليج مهمة متابعة أزمة استحواذ السعودية على النادي بعدما كلفه جونسون شخصيًا بذلك (حسب financial times)، إلا أن الصفقة توقفت على الرغم من المحاولات المتكررة والتي وصفتها صحيفة الـ telegraph بـ “المستميتة”.
وذوبان جليد المقاطعة مع قطر بداية هذا العام، بعث الدفء من جديد في غُرف مفاوضات شراء نيوكاسل، لتتسارع الخطوات ويتم الإعلان عن الصفقة في 7 نوفمبر، وسط فرحة غير مسبوقة من الإعلام الرسمي، فيما علّقت رويترز بأن “شراء نادٍ لكرة القدم استثمار تافه بالنسبة لصندوق الاستثمارات السعودي”!
ومن أهم الملاحظات حول الصفقة: أن هدفها لم يكن استثماريًا فحسب، وإنما تعدّى ذلك ليكون قضية إثبات وجود لابن سلمان، لدرجة تهديده لجونسون بتضرر علاقات البلدين، ويؤكد ذلك استمرار مفاوضات الصفقة لعدة سنوات وعدم التوجه لأندية أخرى لو كان الهدف استثمارًا تجاريًا بحتًا.
وقد بلغت القيمة الحقيقية للصفقة مبلغ مليار و415 مليون دولار، بعد إضافة المليار دولار التي ستُعطى لقطر كتسوية لقضية قنوات beIN sports، والتي بموجبها تم السماح بتمرير الصفقة (حسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى).
وهذه القيمة السوقية تعتبر مرتفعة جدًا وتنمُّ عن فشل استثماري كبير.
وعلى الرغم من استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على 80% من أسهم النادي، فأنه سمح لـ “أماندا ستافيلي” بأن تكون واجهة النادي، في محاولة للتغطية على السجل الحقوقي السيء لابن سلمان الذي يترأس صندوق الاستثمارات السعودي.
بموازاة ذلك فإن الشعب السعودي لن يستفاد من هذا الاستثمار ولن يلمس أي تحسن في حياته اليومية، فالاستحواذ لن يساهم في التنويع الاقتصادي أو خلق فرص عمل للمواطن.
وحتى في حال وجود أرباح فستكون لحساب بن سلمان الذي حوّل أموال الدولة لجيبه عبر شركاته الخاصة.
كما أن الصفقة تمثّل فشلًا سياسيًا لبن سلمان، الذي اضطُر لرفع الحظر عن قنوات bein sports للسماح بتمرير الصفقة، ودفع التعويض المالي الذي قُدّر بمليار دولار من أموال الشعب، ولم يبالِ بذلك لإرضاء غروره ولمجاراة الإماراتيين والقطريين في صفقاتهم السابقة.
وكمحصلة، فإن صفقة نيوكاسل تعد صفقة عادية في أحسن أحوالها، فالنادي رغم عراقته، لم يحقق ألقابًا تُذكر، ويحتل المراكز الأخيرة حاليًا، وما شاب الصفقة من تقلّبات وتنازلات، جعل من إتمامها فوزًا بطعم الخسارة، لا يستحق كل هذا الاحتفال من الإعلام الرسمي والمطبّلين لمجرّد شراء نادٍ!.