بعد كشف موقع “ويكليكس السعودية” قبل أيام، النقاب عن قيام أمراء آل سعود بتهريب أموالهم وثرواتهم خارج المملكة؛ خشية تكرار سيناريو الاحتجاز في فندق الريتز ، أبرز موقع “المونيتور” الأمريكي قيام أثرياء المملكة التحصن بالجنسية الثانية.
وكشف موقع “المونيتور” الأمريكي، أن العديد من أثرياء السعودية يلجأون إلى شراء الجنسية الثانية، لتحصين أنفسهم من تكرار سيناريو “معتقلي الريتز”، وهي الحملة التي جرى خلالها اعتقال أكثر من 350 من رجال الأعمال بزعم مكافحة الفساد، وإجبارهم على التنازل عن ثرواتهم مقابل الإفراج عنهم.
ونقل الموقع عن المحامي الكندي “ديفيد ليسبيرانس”، قوله إنه كان دائما ينصح عشرات العائلات الخليجية وبينهم السعوديين منذ التسعينيات بتأمين أنفسهم بالجنسية الثانية.
وكشف أن لديه موكلين استطاعوا أن ينجوا بأنفسهم من اعتقالات “الريتز” لأنهم استمعوا إلى نصيحته وكانوا يحملون جنسية ثانية لدولة أخرى غير السعودية.
وفي نوفمبر/تشرين ثان 2017، أمر ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” بالقبض على 381 من رجال الأعمال السعوديين البارزين وأفراد من العائلة المالكة بينهم وزراء، وجرى خلالها إيداعهم في فندق “الريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض، بزعم “مكافحة الفساد”.
وضغطت السلطات السعودية على محتجزي فندق “ريتز كارلتون”، بأساليب عدة بينها الاعتداء الجسدي، لتسليم الأصول التي يمتلكونها والتي بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 106 مليار دولار، وفق “المونيتور”.
وفي تصريحات لـ”المونيتور”، قال “رايان بول” محلل شؤون الشرق الأوسط في شركة “ستراتفور” للمخاطر الجيوسياسية ومقرها الولايات المتحدة، إن حملات مكافحة الفساد التي تقودها دول مجلس التعاون الخليجي “تُستخدم الآن لمصادرة أصول من تعتبرهم الدولة غير موالين”.
في هذا السياق، وفق الموقع، يرى بعض مواطني الخليج المعرضين لمخاطر تتعلق بالقمع السياسي، إل الجنسية الثانية باعتبارها “مخرجًا استراتيجيًا”.
وأشار الموقع إلى أن “الوجهات المفضلة للجنسية الثانية أصبحت معروفة للخليجيين، وبينها، قبرص وإيرلندا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وجزر الكاريبي، لكن الشركات العاملة في هذه العمليات التي تنجزها بشكل سري، لا تكشف عن عدد مواطني الخليج الذين اشتروا الجنسية الثانية”.
غير أن بعض الوثائق التي سربت إلى قناة “الجزيرة” القطرية في وقت سابق من هذا العام، كشفت أن حوالي 2500 فرد من 74 دولة اشتروا جواز سفر قبرصي بين عامي 2017 و 2019، مشيرة إلى أن الطلبات الواردة من المملكة العربية السعودية “زادت منذ صعود محمد بن سلمان” إلى ولاية العهد.
كما ارتفعت، وفق الموقع، طلبات الحصول على جوازات سفر ثانية من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي منذ حوالي عقد، أي عقب الربيع العربي، حيث يخشى بعض كبار المسؤولين وأفراد العائلات المالكة أن يؤدي السخط الاجتماعي إلى تحولات في السلطة وتجميد أصولهم.
وكشف الموقع أنه في عام 2019، منحت قبرص الجنسية لقريب مواطن سعودي محتجز في فندق ريتز كارلتون وأحد أفراد عائلة “بن لادن”، التي كانت ذات يوم من أكثر العائلات نفوذاً في المملكة، حيث أنه خلال حملة “بن سلمان”، تم اعتقال ثلاثة أشقاء من عائلة “بن لادن” واستولت الدولة فعليًا على مجموعة شركات العائلة.
وأشار إلى أن بعض الأثرياء السعوديين نقلوا أصولهم المالية “خارج المنطقة بالكامل” في الأيام التي أعقبت اعتقالات فندق ريتز كارلتون.
وقال كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس “جيسون توفي” إن هناك “قفزة في قيام المقيمين السعوديين بإيداع الودائع المصرفية في الخارج”.
ولفت الموقع إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي “إما تحظر الجنسية المزدوجة أو تشترط موافقة الحكومة على الحصو عليها”، حيث تخشى من أن تصبح جوازات السفر الثانية “دروعا يمكن للمعارضين من خلالها مهاجمة سياساتهم دون عقاب”.
وفي الوقت نفسه، بين “المونيتور” أن ممارسات السلطات السعودية القمعية لا تتوقف عن أمر ما، حيث خطف عملاء سعوديون ثلاثة أمراء يعيشون في أوروبا بين عامي 2015 و2017.
وبعد عام قامت فرقة اغتيال بقتل وتقطيع الصحفي السعودي بالرز والكاتب في واشنطن بوست “جمال خاشقجي”، الذي كان مقيمًا في الولايات المتحدة، لكن الواقعة جرت بقنصلية بلاده بإسطنبول.
وفي هذا الصدد، قال “زياد كركجي”، الشريك الإداري لشركة مقرها بيروت متخصصة في برامج الإقامة والجنسية، إن “الأمر يتجاوز الحصول على جنسية ثانية، فالوليد بن طلال، مستثمر سعودي رفيع المستوى ويحمل جواز سفر لبناني، ومع كل قوّته واتصالاته، بقي في فندق ريتز كارلتون”، حتى وافق على التسوية.
وتحدث “المونيتور” عن الحراك السياسي الذي يمكن أن تشهده السعودية، قائلا إنه في سبتمبر/أيلول 2020 ، تجاوزت مجموعة من المعارضين السعوديين، معظمهم في المنفى ، خطاً أحمر بإعلانها تشكيل حزب سياسي مؤيد للديمقراطية للمطالبة بالتغيير السلمي ومحاربة ما وصفوه بـ”عنف الدولة وقمعها”.