طالبت منظمة القسط لحقوق الإنسان، الشركات الدولية المستثمرة في مشروع مدينة نيوم الذي يقوم عليه ولي العهد محمد بن سلمان بالانسحاب الفوري انطلاقا من مسئولياتها تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في إطار المشروع.
وقالت المديرة التنفيذية للقسط جوليا ليغنر “إن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة المُرتكَبة في سياق مشروع نيوم، بما في ذلك عمليات مصادرة الأراضي والتهجير القسري غير القانونية والاعتقالات التعسفية وأحكام السجن الظالمة وحتى أحكام الإعدام، تتعارض بوضوحٍ مع خطاب السلطات السعودية المتعلق بالإصلاح الليبرالي”.
وأضافت يغنر أن “نيوم ليس سوى واحدٍ من عدة مشاريع في رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد، ومن ثم ستتواصل ممارسة تلك الانتهاكات في أماكن أخرى في البلاد”.
وأكدت أنه “حان الوقت للشركات والمستثمرين، الذين يشاركون في تلك المشاريع ويوجد مقر الكثير منهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لكي يعيدوا تقييم مسؤولياتهم في مجال حقوق الإنسان”.
وبحسب المنظمة الحقوقية مازالت السلطات السعودية تشن حملةً شرسةً من المتابعات القضائية ضد أبناء قبيلة الحويطات الذين عارضوا الإخلاء القسري في عام 2020 لبناء مدينة نيوم المستقبلية العملاقة.
ووثقت القسط حجم تلك الانتهاكات الجارية في أحدث تحقيقٍ لها بعنوان الجانب المظلم من مشروع نيوم: مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم ومتابعتهم قضائيا.
ودعت المنظمة المستثمرين والمستشارين والشركات المشاركة في مشروع نيوم وغيره من المشاريع السعودية إلى عدم التواطؤ في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
واستند تقرير القسط الذي يتضمن العديد من المعلومات التي لم يسبق نشرها، إلى شهادات مباشرة من الضحايا والشهود وأيضا بيانات مفتوحة المصدر.
وهو يرسم صورةً مقلقةً عن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي يجري ارتكابها في سياق مدينة نيوم العملاقة التي يجري بناؤها على ساحل البحر الأحمر في السعودية بقيمة 500 مليار دولار.
ويُشكل مشروع نيوم محور رؤية 2030 التي يقودها محمد بن سلمان في إطار برنامج اقتصادي.
وقبل الشروع في البناء، صودرت ممتلكات سكان المنطقة -معظمهم من أبناء قبيلة الحويطات الذين يبلغ عددهم 20 ألف نسمة- وهُجّروا قسريا من بيوتهم بصورة غير قانونية دون أن يحصلوا في كثير من الأحيان على تعويضٍ.
وخلال تلك العملية، قتلت قوات الأمن عبد الرحيم الحويطي رميا بالرصاص. وإضافةً إلى ذلك، اعتُقل عشرات من أبناء الحويطات بصورة تعسفية بسبب المقاومة السلمية للتهجير القسري لقبيلتهم والتعبير عن رفضهم للظلم الواقع عليهم.
وفي عام 2022، صدرت أحكام قاسية بشكل استثنائي بالسجن على الكثيرين منهم بموجب نظام مكافحة الإرهاب لمدد تتراوح ما بين 15 و50 سنة، وحتى بالإعدام على خمسة أشخاص على الأقل. وجاء ذلك في وقتٍ قد بدأت فيه المحاكم السعودية بإصدار أحكام قاسية غير مسبوقة على نشطاء سلميين آخرين.
ولا تُعد الانتهاكات المُرتكبة ضد قبيلة الحويطات حوادث معزولة. فقد جرت عمليات هدم وإخلاء واسعة النطاق لما يقارب نصف مليون شخص في سياق مشروع تطوير وسط جدة الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار.
ويخلّف استهتار السلطات السعودية الكامل بحقوق الإنسان في تلك السياقات آثارا عميقة على الشركات والشركاء والمستثمرين المشاركين أو الذين يفكرون في المشاركة في نيوم وغيره من المشاريع في السعودية.
ولذلك، حث تقرير القسط كل من له مصلحة على النظر عن كثب في مسؤولياته المؤسسية واتخاذ خطوات لكيلا يصبح متواطئا في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية.