يصعد ولي العهد محمد بن سلمان خطواته الانقلابية على قيم ومبادئ المجتمع السعودي المحافظ، وأبرز خطواته على هذا الصعيد إقرار استيراد وتوزيع الخمور علنا في المملكة.
فقد تم الكشف عن قرار اتخذه بن سلمان بإدخال الخمور إلى المملكة، على أن تكون متوفرة في الفنادق ابتداءً من مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بذريعة قمة مجموعة العشرين، وكثرة الشخصيات غير المسلمة من صحافيين وسياسيين فيها.
وحسب مصادر في الديوان الملكي فإنه تم إسناد المهمة إلى شركة “الحكير” التي ستكون الشركة المستوردة والموزعة للخمور داخل المملكة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نشر مقطع فيديو مصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي جدلا واسعا بعد أن ظهر فيه عامل بار في المملكة وهو يشرح تفاصيل “الخمور الحلال” قائلاً إن نسبة الكحول فيها 40% فقط.
وقوبل مقطع الفيديو بانتقادات كبيرة لصاحب أحد البارات التي تزعم أنها تبيع لزبائنها خمر حلال، حيث أعرب المغردون عن الغضب من وصول المملكة في عهد محمد بن سلمان لهذا الحال من الفساد والانحلال، مطالبين بضرورة خلع أي حكومة تتلاعب بعقيدة الأمة، ومعتبرين أن هذا الانحلال الأخلاقي في المملكة هو أحد مطالب الغرب لإبقاء “بن سلمان” بالحكم.
وتشهد المملكة منذ أشهر انفتاحا كبيرا بعد إنشاء “الهيئة العامة للترفيه” التي يترأسها “تركي آل الشيخ”، والتي تقوم على تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في المملكة، وتوفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة.
وتوقعت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أن يتم هذا العام رفع الحظر المفروض على الخمور في المملكة في ظل ما تشهده من تحولات اجتماعية متسارعة.
وذكرت الوكالة أن السعوديين بدأوا يتساءلون الآن -بعضهم يشعرون بالإثارة والكثير منهم بقلق- حول ما إذا كانت سمة مميزة أخرى لطابع المملكة المحافظ قد بدأت تختفي أم لا.
وتحت حكم محمد بن سلمان واجهت الرياض انتقادات دولية بقتل الصحفي جمال خاشقجي وسجن الناشطين وعلماء الدين. ومع ذلك، كان هناك أيضًا تخفيف لأمور تساعد على دعم القيادة من خلال ثورة اقتصادية واجتماعية.
وقبل بضع سنوات كان من غير المتصور اختلاط النساء بحرية مع الرجال في الأماكن العامة، ناهيك عن قيادة السيارات.
وفي حين لم تقل الحكومة شيئا عن تناول الخمور بشكل قانوني أو ما إذا كانت ستنطبق فقط على الأجانب، فإن السعوديين يتحدثون عن هذا الاحتمال بشكل لافت للنظر.
ونقلت الوكالة عن أجانب يعملون عن قرب مع جهات حكومية سعودية قولهم إنهم سمعوا أن الحكومة تعمل على منح تراخيص لاستيراد الخمور.
وفي مقابلة مع “بلومبرغ”، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال “بن سلمان” إنه لا يمكن العثور على رئيس تنفيذي أجنبي على استعداد للانتقال إلى السعودية لإدارة مؤسسته الخيرية لأنهم يفضلون العيش في دبي. فهناك يمكن لغير المسلمين شرب الخمر بشكل قانوني، وتم رفع القيود حتى خلال شهر رمضان. ويمكن للمقيمين الآن طلب الخمور في المطاعم المرخص لها في أي وقت من اليوم.
وأضاف أن “نوعية الحياة وأسلوبها ليست جيدة، يريدون العمل أسبوع واحد في دبي، وأسبوع واحد في المملكة. هيا، ما الذي يحدث؟، على أي حال، أي تغييرات يجب ألا تخرج عن الدين والقوانين السعودية”.
وحسب “بلومبرغ”، فإن “مركز الملك عبدالله المالي”، في الرياض، يدرس السماح بالخمور، وفقا لما ذكره ثلاثة أشخاص طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
ورغم حظر الخمور في المملكة، إلا أنها متوفرة في السوق السوداء، كما يتم تصنيعها محليا في بعض المنازل، وتباع بشكل علني في حانات مؤقتة داخل مجمعات سكنية يسكنها أجانب، وفقا للوكالة الأمريكية.
وتبلغ كلفة زجاجة النبيذ المهربة نحو 800 ريال (213 دولارا)، أما قنينة الويسكي فتقترب من 1200 ريال سعودي.
وتابعت الوكالة أن التوقعات تشير إلى أن رفع الحظر عن المشروبات الكحولية في المملكة عام 2020 ولو جزئيا؛ حيث يمكن منح التراخيص للمطاعم والفنادق في عدد قليل من مناطق المدن الكبرى، وفي المنتجعات الجديدة التي تعتزم المملكة بناءها.
وتشهد المملكة تحولات جذرية في بنيتها الاجتماعية منذ صعود بن سلمان عام 2017؛ حيث سمح ببناء دور السينما وإقامة المهرجانات والحفلات الغنائية الصاخبة والاختلاط فيها، في حين كان كل ذلك محرما ومحاربا من قبل الدولة قبل سنوات قليلة فقط.