أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي في اليمن أنه جرى إسقاط طائرة تجسس مسيرة لنظام آل سعود في منطقة الصليف بمحافظة الحديدة (غربا)، وذلك بعد ساعات من إسقاط طائرة أخرى شمالي البلاد.
وقال المتحدث يحيى سريع إن الطائرة التي أسقطت أمس غربي البلاد استهدفت بصاروخ أرض جو، أثناء قيامها بأعمال تجسسية مخالفة لاتفاق السويد.
وأكد سريع أن الأجواء لم تعد مستباحة، وأن استهداف الطائرة وإسقاطها يعد تدشينا لعام الدفاع الجوي، على حد وصفه.
وكانت الدفاعات الجوية أسقطت في وقت سابق من أمس طائرة تجسس أخرى كانت تقوم “بأعمال عدائية” في أجواء مديرية رازح بصعدة.
ووفق قناة المسيرة نقلا عن مصدر عسكري، فإن الدفاعات الجوية للحوثيين أسقطت تسع طائرات في ديسمبر/كانون الأول الجاري، وسبعين خلال العام 2019.
وكان سريع أكد الأحد في مؤتمر صحفي أن “قوات الجماعة تمكنت خلال العام الجاري من قنص 228 جنديا وضابطا سعوديا، إضافة إلى قنص 142 سودانيا”.
وقال إنه “تم أيضا قنص أكثر من 16 ألف من القوات التابعة والموالية للحكومة اليمنية الشرعية خلال الفترة نفسها”.
وأردف بالقول إن “إجمالي عمليات القوة الصاروخية للجماعة خلال عام 2019 بلغ 110 عمليات إطلاق صواريخ باليستية”.
ولوّحت جماعة الحوثي بتصعيد عسكري جديد ضد المملكة والإمارات عبر استهداف مراكز حيوية فيهما، وذلك في إطار ما أسمتها المعاملة بالمثل ردا على استمرار التحالف السعودي الإماراتي في قصف المدنيين وحصار اليمن.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة أنهم قرروا استهداف ستة مراكز حيوية وحساسة في المملكة، وثلاثة في الإمارات.
وأضاف أن ذلك سيمثل وجعا كبيرا للرياض وأبو ظبي اللتين قال إنهما تستمران في حصار الشعب اليمني وممارسة أعمال عدائية ضد سيادته.
وعن أسباب هذا الإعلان التصعيدي من جانب الحوثيين، خصوصا بعد أن توقفت هجماتهم على المملكة في الآونة الأخيرة، أرجع القيادي في المجلس السياسي الأعلى للحوثيين محمد ناصر البخيتي ذلك إلى “مسؤوليتهم في تحرير كل شبر من التراب اليمني”، موضحا أنهم يتعاملون مع أي قوات أجنبية توجد في البلاد بوصفها قوات احتلال.
وقال البخيتي إن الهدف من مبادرة وقف إطلاق النار من طرف واحد، التي كان الحوثيون قد أعلنوا عنها في وقت سابق، هو تشجيع من وصفها بدول العدوان السعودي الإماراتي على القبول بوقف الحرب من خلال منحها فرصة للخروج بماء الوجه.
لكنه اعتبر أنها تعاملت معها كفرصة لتغيير قواعد الاشتباك، وأنه لا بد من معاودة قصف عمق ما وصفه بالعدو، وإنذاره بتلقي ضربات أكثر إيلاما، إن لم يوقف عدوانه على اليمن.
وأكد البخيتي أن مبادرة الحوثيين بوقف عملياتهم العسكرية كانت مؤقتة، وقد شملت العمق الإماراتي كما شملت المملكة وانتهت مدتها الزمنية بإطلاق صاروخ باليستي على الجيش السعودي في نجران ردا على ما سماها جريمة استهداف سوق “الرقو” بصعدة، في إشارة إلى قصف أوقع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.
وقال القيادي الحوثي إن أي تصعيد عسكري أو استهداف للمدنيين من قبل الإمارات أو السعودية سيتم الرد عليه بالوسيلة المناسبة.
وفي الاتجاه ذاته، أوضح القيادي الحوثي سليمان الغولي أن بنك الأهداف يشمل الإمارات لأنها أظهرت عدم جديتها في السلام الذي تحدثت عنه، والذي قالت أخيرا إنه صار من أولوياتها، ولأنها لم تنسحب من الأراضي اليمنية.
وأشار الغولي إلى أن الإمارات لا تزال مستمرة في تدخلها وتمويلها للمليشيات الانفصالية في جنوبي اليمن ولقوات طارق صالح في بعض المناطق.
وقال إن الإمارات أيضا لا تزال تمارس الحرب الاقتصادية على اليمن، وإنه صار لزاما على الحوثيين أن يرسلوا لها من صواريخهم وطيرانهم المسير ثلث نصيب “تحالف العدوان” على أن يُرسل الثلثان للسعودية.
ولفت القيادي الحوثي إلى أن الأهداف ستكون ذات تأثير جذري وموجع قد يجعل التحالف السعودي الإماراتي أمام خيارين، الأول يتمثل في الانهيار الاقتصادي والسقوط النهائي خلال عام 2020، أما الثاني فهو الإذعان لمساعي السلام وإنهاء العدوان والحصار على اليمن، والتعهد بعدم التدخل في الشؤون اليمنية، وترك اليمنيين وشأنهم يحلون مشاكلهم بأنفسهم ويبنون بلدهم.
من جهته، يرى المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن التهديدات الحوثية الأخيرة بالوصول إلى تسعة أهداف في كل من المملكة والإمارات لا تعد تطورا جديدا، لكنها أكثر تحديدا فيما يتصل بطبيعة الاستهداف.
وقال التميمي إن هذا النوع من التحديد مبني على نتائج الضربات الجوية الكبيرة التي استهدفت منشآت نفطية سعودية عملاقة وغيّرت قواعد اللعبة، والتي تقول بعض التقارير الدولية إن من نفذها هي إيران أو أطراف تابعة لها وليس الحوثيون.
وأضاف أنه يمكن وضع هذه التهديدات في سياقها الإقليمي بالنظر إلى أنها تتصل بطبيعة التوتر وانسداد أفق الحوار بين إيران والسعودية، وذلك على وقع المساعي الإيرانية لبناء منظومة أمن إقليمية تتشاركها دول المنطقة وتتحرر من الهيمنة الحالية للبحرية الغربية.
وفي ما يتعلق بالهدف السياسي من وراء هذا التصعيد، الذي جاء بعد أشهر من تهدئة بين الحوثيين والسعودية، فيتمثل -بحسب التميمي- في رغبة الحوثيين بإعادة تحريك قناة الاتصال السرية التي تديرها بريطانيا بعد أن وضعت لندن سقفا لأهداف تلك المحادثات، والتي تنتهي ببناء شراكة سياسية مع سلطة الحوثيين، تماما كما كانت عليه الحال في عهد أسلافهم من الأئمة قبل عام 1962.
ووفق المحلل السياسي اليمني، فإن هذا المسار يحرص الحوثيون على أن يأتي الحل في نهايته، مما يعني أن الحل سيقتصر عليهم وعلى السعودية، ويحيد اللاعبين الآخرين وعلى رأسهم السلطة الشرعية في اليمن المعترف بها دوليا.
وتقود المملكة تحالفا عسكريا ضد الحوثيين دعما للرئيس عبدربه منصور هادي المقيم بشكل شبه دائم في عاصمة المملكة الرياض، بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014.