يظهر استمرار تعثر برامج التوطين التي يتبناها نظام آل سعود التكريس الحاصل لفشل رؤية المملكة 2030 التي روجها لها طويلا ولي العهد محمد بن سلمان لإنعاش الاقتصاد المحلي.
وروج بن سلمان لرؤية 2030 التي تم إطلاقها في 2016، على أنها الحل الذي سيرفد اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط، مع توفيرها لـ6 ملايين وظيفة ستنتظر الخريجين والسعوديين خلال السنوات الـ15 الأولى، ولكن بلغة الأرقام كانت النتائج مغايرة ومخيبة.
وتعالت أصوات الخريجين السعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، المطالبة بتوفير فرص عمل لهم، مع مطالبات بتطبيق ما وُعدوا به حين إطلاق رؤية 2030.
وأمام صرخات العاطلين عن العمل لا يتوقف المسؤولون في نظام آل سعود عن إطلاق مزيد من الوعود لهم بتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، كان آخرها حديث الرئيس التنفيذي لشركة “نيوم”، نظمي النصر، عن انطلاق أكاديمية “نيوم”، وتوفيرها لـ6000 وظيفة.
وفي بدايات 2018، أعلنت سلطات آل سعود أنها دربت أكثـر مـن 8.400 خريـج وخريجـة على المهارات الرقمية وتأهيلهم لسوق العمل، في حين لم يجد هؤلاء وظائف لهم، وفق تأكيدات رسمية، وتغريدات الخريجين.
وتهدف الرؤية إلى توطين الصناعات لتوفير الوظائف للسعوديين، لكن بلغة الأرقام ازدادت وظائف الأجانب بأكثر من 100 ألف وظيفة خلال الربع الثاني لعام 2019، وفق تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة.
كما خسر السعوديون، وفق التقرير، أكثر من 20 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعطي مؤشراً على “فشل جديد لرؤية 2030″، التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، وكانت تهدف إلى توطين السعوديين في كثير من الوظائف الجديدة، خاصة في قطاع السياحة.
ووفق التقرير، فقد بلغ إجمالي المشتغلين من السعوديين وغير السعوديين 12 مليوناً و857 ألفاً، بينهم مليونان و300 ألف فتاة، ووصل عدد السعوديين الذين يشغلون عملاً إلى 3 ملايين، بينهم مليون فتاة، خلال الربع الثاني من 2019.
وحسب تقرير هيئة الإحصاء في المملكة وصل عدد غير السعوديين الذين يعملون إلى 9 ملايين و653 ألفاً، منهم مليون و195 فتاة، وهو ما يعد رقماً كبيراً وضربة جديدة لمخططات السلطات في “سعودة الوظائف”.
وعبر موقع “تويتر” لا يتوقف الخريجون السعوديون عن إطلاق الحملات الإلكترونية المطالبة بتوفير فرص عمل لهم، إضافة إلى الشكوى من عدم تمكنهم من الحصول على وظيفة، وصعوبة حياتهم المعيشية، مع استعدادهم للنزول إلى الشارع للاحتجاج.
الشاب السعودي بدر القبع يؤكد أن الوظائف في القطاع الخاص كلها متدنية ولا يمكن من خلالها العيش في حياة كريمة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وأصبحت الوظيفة “المتواضعة الوسطية” حلماً لكل الشباب السعودي، وفق تغريدة القبع عبر “تويتر.
أحمد القيسي ذهب إلى أبعد من الشكوى من عدم وجود فرص عمل، إذ دعا الشباب السعوديين إلى التحرك والنزول إلى الشارع يوم الأربعاء 29 يناير؛ احتجاجاً على عدم وجود وظائف لديهم.
خالد الحربي يؤكد أنه سينزل إلى الشارع أمام مبنى وزارة العمل احتجاجاً على عدم وجود فرص عمل له بعد مطالبته لأكثر من 100 مرة وعدم تحرك الجهات الرسمية في المملكة.
وكانت آخر مؤشرات عدم صدق وعد بن سلمان الذي قطعه للسعوديين هو وجود عجز لموازنة المملكة في 2020، بـ187 مليار ريال (49.86 مليار دولار) من 131 مليار ريال متوقعة (34.93 مليار دولار) في 2019، مع تضرر الإيرادات من جراء تراجع أسعار النفط.
ويتوقع تقرير موازنة عام 2020 أن ينخفض معدل نمو الناتج المحلي النفطي عام 2019 مقارنة بعام 2018 من جراء التزام المملكة باتفاقيات “أوبك بلس”.
وقدر التقرير الإيرادات غير النفطية للمملكة في عام 2020 بـ320 مليار ريال (85 مليار دولار) بزيادة قدرها 1.6%، وكانت هذه الإيرادات في عام 2019 قد بلغت 315 مليار ريال (84 مليار دولار).
ويبدو أن المشاريع الطموحة لرؤية 2030 ستكون ضحية فشل سياسات المملكة الاقتصادية، فبحسب ما ذكرت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية، فإن ولي العهد غير راضٍ عن سير عملية تنفيذ مشاريع الرؤية، ويرى أن هناك حاجة لإعادة النظر فيها.
ونقلت الوكالة عن وزير المالية في نظام آل سعود محمد الجدعان قوله: إن “مراجعة خطة 2030 تجري كل عام بناء على المعطيات المستجدة، ومن تبعات ذلك خفض البرامج والمشاريع ودمجها أو تعديلها، إضافة إلى استبدال مجالس إدارتها”.
وخلال الأعوام القليلة الماضية واجه اقتصاد المملكة العديد من الضربات التي تسبّبت بهبوط جميع مؤشراته، تمثل أبرزها في الضربات الهجومية التي تعرضت لها شركة “أرامكو” في سبتمبر 2019، وتعطيل نصف الإنتاج النفطي السعودي.
ومن الضربات الاقتصادية التي تعرضت لها اقتصادياً هو خفض وكالة “فيتش”، في أكتوبر الماضي، التصنيف الائتماني لشركة “أرامكو” السعودية من (A+) إلى (A).
وأخذت الوكالة الدولية في الحسبان في خفضها تصنيف “أرامكو” التوترات الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة، وكذلك استمرار عجز الموازنة في البلاد من بين عوامل أخرى.
وعكس طرح أرامكو للاكتتاب العام، المتعثر، في (نوفمبر الماضي)، أحد مؤشرات وتأكيدات فشل “رؤية 2030″، إذ لم تكن الأرقام التي طُرحت قريبة من تطلعات ولي العهد.